أحدهم ارتدى قبعة القذافي الشهيرة.. 3 من وجوه الثورة الليبية يروون مصيرهم بعد 10 سنوات

أحد الشبان الثلاثة بات على كرسي متحرك ويعمل في سوق للماشية وآخر فقد ساقه أما الأخير فيعمل بتونس ويتطلع للتغيير في بلاده

مقاتلون موالون لحكومة الوفاق الليبية خلال تمركزهم جنوب طرابلس لصد هجوم حفتر الأخير (وكالة الأنباء الأوروبية)

عندما قامت الثورة بليبيا في 2011 هبّ 3 من الشباب الليبيين للمشاركة في الاحتجاجات الشعبية على حكم معمر القذافي المتواصل منذ 40 عاما. والآن يعيش ثلاثتهم متفرقين تفصل بينهم الخطوط الأمامية، بعد أن شكلت الانتفاضة مستقبلهم بغير رجعة.

بدأت المظاهرات الأولى احتجاجا على حكم القذافي في مدينة بنغازي الشرقية، في 17 فبراير/شباط عام 2011. وبعد سنوات ما تزال ليبيا مقسمة بين فصائل متنافسة، ترتسم على واجهات مدنها ندوب اشتباكات متمثلة بفجوات في الجدران صنعتها القذائف والشظايا.

وقد أيدت الأمم المتحدة مسعى جديدا لتوحيد الأطراف المتحاربة في ليبيا من خلال حكومة مؤقتة وانتخابات عامة في نهاية العام الحالي؛ غير أن الشكوك تنتاب كثيرين من الليبيين.

رصاصة في الساق

كان أسامة علي العقوري، الذي حصل على شهادته الدراسية من بنغازي، عاطلا عن العمل في 2011، وكان في ذلك الوقت ساخطا على ما اعتبره "الظلم الذي عانيناه وسمعنا عنه من آبائنا وأجدادنا".

ومع اتساع نطاق الاشتباكات خلال صيف 2011 شارك أسامة في الهجوم على طرابلس (العاصمة). وعندما ذهب مع أحد رفاقه للقيام بالاستطلاع قبل الهجوم، رصدتهما قوات القذافي.

ويقول العقوري "كانوا يطلقون النار علينا بكثافة، وأصبت برصاصة في ساقي".

سقط رفيقه قتيلا، وانتهى به الحال مُقعدا في كرسي متحرك بعد إصابته بشلل نصفي.

SWITZERLAND-LIBYA-UN-DIPLOMACY-CONFLICT-POLITICS
نجحت الأمم المتحدة في توحيد الأطراف الليبية وانتخاب سلطة جديدة لتيسير انتخابات عامة قبل نهاية العام (الفرنسية)

ويندد العقوري بكثيرين ممن تبوؤوا القيادة في 2011. ويضيف "الثورة سُرقت من الشرفاء، الذين أصبحوا الآن من سكان القبور".

ومع تفكك الأوضاع في البلاد انضم لكثيرين غيره من الشطر الشرقي في تأييد اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي كان الفشل حليف حملته من أجل السيطرة على طرابلس في العام الماضي.

وقال العقوري إن إصابته غيرت مسار حياته، فهو يعيش الآن وهو في 34 من عمره من أجل طفليه، ويعمل كل صباح في سوق الماشية بيعا وشراء.

وجه الانتفاضة

ينحدر هشام الوندي من أسرة كانت ميسورة الحال في عهد القذافي. وكان والده دبلوماسيا غير أنه علم بعد مشاركته في الاحتجاجات أنه مطلوب للشرطة، ففر إلى تونس.

سافر الوندي إلى جنوب تونس عبر موقع حدودي يسيطر عليه الثوار، وشارك في معركتهم في الجبال الغربية، ويقول "شاركت في القتال عدة أشهر".

كان الوندي من بين أوائل المقاتلين، الذين اقتحموا مجمع باب العزيزية مقر القذافي في طرابلس. وعثر أثناء تجواله في غرف المجمع، التي كان الزعيم يعيش فيها، على شيء يعرفه الليبيون كلهم، وهو قبعته العسكرية المزركشة.

بعض الشبان الليبيين أجبرتهم الظروف على الانضمام لصفوف المقاتلين عقب اندلاع ثورة فبراير/شباط 2011 (وكالة الأنباء الأوروبية)

أعرب الوندي في مقابلة تلفزيونية في ذلك اليوم، وهو يضع القبعة فوق رأسه، عن آماله في المستقبل، واكتسب لفترة وجيزة شهرة عالمية باعتباره وجها من وجوه الانتفاضة الليبية.

وقال "أردت أن أقول أولا إن الليبيين ليسوا أشرارا كما يعتقد الناس. وكنت أقول أيضا إن القذافي انتهى، وإننا نحتاج لإعادة البناء"، ويعمل الوندي الآن في تونس ويتطلع للتغيير.

يقول الوندي الناس يقولون لي "أنت شاركت في هذه الكارثة، فهل يعجبك الحال الآن؟" بالطبع لا؛ لكن هذا لا يعني أن عليك الاختيار بين القذافي والفوضى. فالثورة عملية، وعلينا بناء ليبيا جديدة نستحقها.

تحميل للمسؤولية

في مصراتة، بدأ مالك سالم المجيعي المشاركة في القتال، وعمره 20 عاما خلال 2011، عندما كانت مدينته تتعرض للهجوم من قوات القذافي. وفي يوليو/تموز من ذلك العام أصيب أيضا، وفقد ساقه.

قال المجيعي "كنت في الصندوق الخلفي للشاحنة، وانفجر صاروخ خلفنا. قُتل بعض أصدقائي، وعولجت في تونس ثم عدت إلى ليبيا".

وكان يأمل أن يشهد تقدما أكبر بكثير في ليبيا خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو يحمّل قيادات ليبيا بعد الثورة مسؤولية الفشل في توحيد البلاد.

يقول المجيعي "من المؤسف أن الوضع كما تراه بعد 10 سنوات من الحروب، فالساسة الذين تم ائتمانهم على المهمة لم يكونوا أهلا لها".

المصدر : الجزيرة + رويترز