على غرار الشيخ جراح.. هكذا يحاول الاحتلال تهجير عائلات حي عين جويزة غربي بيت لحم

من المتوقع أن ينفذ الاحتلال عام 2022 عملية هدم واسعة في حي "عين الجويزة" بقرية الولجة، ليطبق مخططاته بضمها إلى مدينة القدس ولكن ليس كامتداد فلسطيني، بل كأرض مستوطنة أو كمتنزه طبيعي للمستوطنين، بعد إفراغها من أهلها.

بيت لحم- يشير المحامي الفلسطيني إبراهيم الأعرج بيده، ليرينا البيوت المهدومة بشكل كامل أو جزئيا، أو المهددة بالهدم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، في حي "عين جويزة" بقرية الولجة غربي بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة.

وتبعد قرية الولجة قرابة 9 كيلومترات عن مركز مدينة القدس المحتلة من الجهة الجنوبية الغربية، واحتلت إسرائيل أراضيها التي تبلغ مساحتها حوالي 17 ألف دونم (الدونم ألف متر)، على مرحلتين: أولاهما خلال النكبة عام 1948، والأخرى في حرب حزيران عام 1967.

لم يتبق اليوم لأهالي الولجة سوى قرابة 3 آلاف دونم، بعد ضم أراضيها إلى مدينة القدس المحتلة، وشق شارع التفافي يمر من أراضيها لخدمة المستوطنين عام 1993، إضافة إلى إقامة بؤر استيطانية وجدار فصل عنصري يحيطها من كل جانب، عازلا أراضي المواطنين الزراعية عنهم.

صور للمستوطنات التي أقامها الاحتلال على أراضي قرية الولجة والتي ضمها للقدس الغربية المحتلة (الجزيرة)

تهجير قسري

يقول إبراهيم الأعرج، وهو عضو لجنة أصحاب المنازل المهددة بالقرية، إن حي "عين جويزة" في القرية يتعرض لمخطط تهجير قسري يستهدف 350 مواطنا يسكنون قرابة 50 منزلا، بحجة بنائها دون تراخيص من الاحتلال الإسرائيلي.

ومنذ عام 2016، هدم الاحتلال أكثر من 40 منزلا في القرية. ومن المقرر أن تنظر محكمة الاحتلال العليا في فبراير/شباط 2022 في قرارات هدم لقرابة 38 منزلا أخرى. في مشهد مشابه لمخطط طرد عائلات حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة.

يضيف الأعرج للجزيرة نت، إن الاحتلال يهدف لتهجير حي "عين جويزة"، وإفراغ أراضيها من السكان، كي يتم الربط الجغرافي بين المستوطنات المحيطة بالقدس، ومجمع مستوطنات "غوش عتصيون" المقام على أراضي الفلسطينيين جنوب بيت لحم.

وكانت قرية الولجة تعتبر السلة الغذائية لمدينتي القدس ويافا شمالا، لوجود أكثر من 22 ينبوع مياه طبيعية على أراضيها، وكان يمر منها القطار الذي أنشئ زمن الدولة العثمانية، والرابط بين القدس ويافا. ويسعى الاحتلال لتسميتها "متنزه وطني لليهود"، بعد تهجير أصحابها الفلسطينيين.

صور لركام المنازل التي هدمها الاحتلال الإسرائيلي في حي عين جويزة بقرية الولجة غرب بيت لحم بحجة عدم الترخيص (الجزيرة)

ثلاجة في العراء

ويصف الأعرج ما يحصل بأنه جريمة حرب، ومخالف للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، خاصة في سياسة هدم المنازل، التي ينفذها الاحتلال بين فترة وأخرى.

ونحن نتجول في حي "عين جويزة"، وجدنا ثلاجة أحد المواطنين الذي هدم الاحتلال منزله مؤخرا، ما زالت في العراء، وما زالت حاجيات وأثاث سكانه بين الركام.

ومررنا على سور لأحد الفلسطينيين بناه حول أرضه وقد هُدم، كما شاهدنا طريقا جرّفها الاحتلال كان صاحبها عبدّها بالإسفلت تارة وبالإسمنت تارة أخرى.

توجهنا إلى المجلس القروي الولجة، وقابلنا رئيسه خضر الأعرج، الذي عرض ملفات المنازل المهددة بالهدم من قبل الاحتلال، والإخطارات التي وجهها الاحتلال لأهالي القرية، وقائمة المنازل المهدمّة فعلا والتي أمهلهم فيها ساعات أحيانا، لإخلائها قبل تدميرها.

ويقول رئيس المجلس للجزيرة نت، إن كل أراضي قرية الولجة مهددة، ولكن الاحتلال يمارس في حي "عين جويزة" حملة هدم كما يمارسها في شرقي القدس المحتلة.

وحسب المسؤول، تأتي الإخطارات أحيانا من قبل بلدية الاحتلال في القدس، باعتبار الولجة جزءا من أراضي ما يسمى إسرائيليا بـ "القدس الكبرى".

صورة جوية للمستوطنات التي أقامها الاحتلال على أراضي قرية الولجة (الجزيرة)

مجزرة هدم

وهذه المضايقات يعيشها أهالي الولجة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وفق الأعرج. ومنذ ذلك الحين تم هدم 97 منشأة؛ منها منازل وبركسات زراعية، إضافة إلى تجريف طرقات ومنع استخدامها، عدا خسائر بمئات آلاف الشواكل (الدولار= 3.10 شيكل)، التي غرّمها الاحتلال للسكان بحجج البناء دون ترخيص منه.

يقول الأعرج، إنه في عام 2016 رُفعت 38 قضية أمام محاكم الاحتلال، وتم تجميعها في قضية جماعية باسم الأهالي والمجلس القروي، لإجبار بلدية الاحتلال في القدس على وضع مخطط هيكلي لمنطقة "عين جويزة" تحديدا، والولجة بوجه عام، من أجل الحصول على التراخيص أو وقف هدم المنازل.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت محكمة الاحتلال رفض تحديد مخطط هيكلي للقرية، وتم رفع القضية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتي أُجّلت مرة أخرى حتى مارس/آذار 2022.

ويعتقد رئيس المجلس القروي خضر الأعرج، أن كل المحاولات الفلسطينية لوقف هدم المنازل يمكن أن تبوء بالفشل؛ بسبب رفض الاحتلال ومحاكمه إيجاد مخطط هيكلي كي يحصل المواطنون على تراخيص بناء؛ وهذا يعني أن قرارات الهدم ستكون سارية المفعول دائما.

ووقتها، وفق الأعرج، سيكون هناك ما وصفها بالمجزرة بحق منازلهم، وكل ذلك لينفذ الاحتلال مخططاته في الولجة، ويضمها إلى مدينة القدس ولكن ليس كامتداد فلسطيني، بل كأرض مستوطنة أو كمتنزه طبيعي للمستوطنين، بعد إفراغها من أهلها.

المصدر : الجزيرة