اقتحامات نوعية وانتهاكات خطيرة في 2021.. ماذا ينتظر المسجد الأقصى في 2022؟

خلال العام الجاري، تصاعدت الانتهاكات في المسجد الأقصى وسُجّل بعضها كسابقة اعتبرتها جماعات الهيكل المتطرفة مكاسب جديدة لها ما بعدها. لكن ما الذي ينتظر الأقصى في العام القادم على مستوى عدة ملفات؟

6-صورة من اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى في شهر رمضان الماضي لإفراغه من المعتكفين وتأمين اقتحامات المستوطنين له (الجزيرة نت)
المتطرف يعقوب هيمن يبحث عن مهندس للإشراف على إزالة الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه (الجزيرة)

القدس المحتلة– قد يكون عام 2021 من أقسى الأعوام التي مرّت على المسجد الأقصى المبارك، ففيه نفذ المستوطنون اعتداءات استثنائية دفعت جماعات الهيكل المتطرفة للإعلان أنها أتمت كافة الأهداف التي وضعتها لنفسها في "الأقصى" خلال الأعياد التوراتية، وأنها قطعت شوطا على طريق فرض كافة العبادات التوراتية فيه من دون أن تواجه الردع.

وعلى مدار العام، نُفذت اقتحامات نوعية داخل المسجد قادها حاخامات وجنود وضباط وعناصر مخابرات وأعضاء كنيست سابقون تعمدوا تنظيم جولات إرشادية عن الهيكل المزعوم، وتمرير دروس توراتية في الساحات، وتنظيم مباركة حاخامية واحتفالات بلوغ للذكور والإناث، وإشهار الزواج ومباركته في الساحات، بالإضافة إلى قراءة مزامير التوراة.

وأعلنت جماعة "العودة إلى جبل الهيكل" سبتمبر/أيلول الماضي أنه تم النفخ في البوق (أحد الطقوس التوراتية) داخل الأقصى لأول مرة منذ احتلال القدس، وأن المتطرفين أدخلوا سعف النخيل (ثمار عيد العُرش) إلى المسجد في أول أيام العيد، كما رفعوا العلم الإسرائيلي في ساحات المسجد الأقصى في العيد ذاته.

ومن أخطر الانتهاكات التي سُجلت أيضا إقدام الحاخام المتطرف يعقوب هيمن على نشر صورة لقبة الصخرة وإعلانه عن الحاجة إلى مهندس متخصص في هدم المنشآت لتقديم مقترح لكيفية إزالة المبنى، لبناء المعبد الثالث مكانه.

وفي عيد الأنوار التوراتي (الحانوكاه) أشعل المتطرفون الشموع والولّاعات في الأقصى إشارة إلى شمعدانهم ورفعوا لافتة كُتب عليها "جئنا لنطرد الظلام".

الحكومة والقضاء شركاء في الانتهاكات

ولم تقل الاعتداءات التي نفذها المقتحمون خطورة عن انتهاكات الشرطة الإسرائيلية داخل ساحات ومصليات المسجد؛ إذ سمحت بإدخال أدوات لقياس المساحة والتصوير في الوقت الذي أعاقت فيه عمليات الترميم والصيانة في الأقصى، وفعّلت مكبرات الصوت التي نصبتها في محيط المسجد وتعمدت التشويش على المصلين بحجة بث تعليمات تتعلق بالوقاية من فيروس كورونا.

وتحول المسجد إلى ساحة حرب باقتحام الشرطة والجيش والقوات الخاصة لساحاته في السابع من مايو/أيار الماضي، لإفراغها من المصلين والمعتكفين بالقوة، وأطلقت هذه القوات الرصاص المعدني المغلف بالمطاط بالإضافة إلى القنابل الغازية والصوتية، مما أسفر عن إصابة أكثر من 205 أشخاص.

واقتحم الاحتلال الأقصى مجددا في العاشر من مايو/أيار الماضي الذي صادف 28 رمضان، في محاولة لتأمين مسار آمن للمقتحمين (فيما يسمى يوم توحيد القدس)، ولم يتمكن من ذلك بسبب ما شهده من مقاومة؛ فاستخدم العنف المفرط الذي نتج عنه 612 إصابة بين صفوف المصلين.

وفي اليوم ذاته، أجبرت صواريخ المقاومة الاحتلال على التراجع عن اقتحامات الأقصى؛ فأغلق باب المغاربة بوجه المتطرفين لمدة 19 يوما.

وبعد فتحه وتسجيل تصاعد في انتهاكات جماعات الهيكل المتطرفة، ركب القضاء الموجة وحكمت محكمة إسرائيلية بحق اليهود في أداء الصلاة "الصامتة" في الأقصى، ولاحقا أصدرت لجنة التعليم في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) قرارا بتنظيم جولات للمدارس اليهودية في الأقصى باعتباره جبل الهيكل.

المسجد الأقصى القدس المحتلة، مجموعة من المتطرفين أثناء اقتحامهم للأقصى ومحاولة أداء صلوات تلمودية في الساحة الشرقية وتظهر المرابطات في تصديهن لهم.(الجزيرة نت)JPG
متطرفون يحاولون أداء صلوات تلمودية بالمسجد الأقصى ومرابطات يتصدين لهم (الجزيرة)

هل يكون 2022 حاسما؟

الباحث في شؤون القدس والأقصى رضوان عمرو تحدث للجزيرة نت عمّا ينتظر المسجد في عام 2022 بناء على الاعتداءات التي شهدها المسجد خلال العام الجاري.

وقال إن عام 2022 سيكون عاما حاسما في تاريخ الأقصى وحاضره ومستقبله، لما سيحمله من ملفات ورثها عن عام 2021 على كل من الصعيد الديني والأمني والإداري.

فعلى الصعيد الديني، تترقب جماعات الهيكل المتطرفة عام 2022 -وفقا لعمرو- بوصفه عاما مركزيا في نبوءات ومعتقدات تنتظرها هذه الجماعات منذ سنوات طويلة، سواء تلك المتعلقة ببناء الهيكل المزعوم وظهور المسيح المُخلّص "في حالات التفاؤل لدى بعضهم" أو المتعلقة بإحداث تغييرات جذرية على أرض الواقع "سيسهلها الرب لهذه الجماعات داخل الأقصى حتى تقيم هيكل الرب".

وبالتالي، يؤكد الباحث أن هذه المعتقدات ستكون محركا لأعضاء جماعات الهيكل في نزعتهم الإجرامية ضد الأقصى مستندين إلى نبوءات الكتب المقدسة حسب زعمهم.

وعلى الصعيد الديني أيضا، يتوقع تصاعد العدوان ضد الأقصى في أبريل/نيسان المقبل؛ إذ سيتزامن عيد الفصح العبري بأيامه السبعة مع شهر رمضان، وتحديدا في الأيام من 15 إلى 21 من الشهر الفضيل، ويتوقع أن تصر جماعات الهيكل خلال هذا العيد على اقتحام الأقصى في كل أيامه، وعلى محاولة تقديم "قربان الفصح" في باحاته، وهي المحاولة التي تعمل على فرضها بشكل عملي منذ عام 2015.

أما على الصعيد الأمني، فسيشهد عام 2022 -حسب الباحث المقدسي- تشديدات أمنية غير مسبوقة على الأقصى وأهله ومحيطه، خاصة بعد سلسلة العمليات الفردية الأخيرة التي تعالت الأصوات عقب تنفيذها بضرورة تركيب بوابات إلكترونية على بعد 100 متر من أبواب الأقصى، وكذلك على مداخل البلدة القديمة.

3-صورة من داخل مصلى قبة الصخرة بعد إيقاف وطرد كافة عمال الإعمار ومنعهم من متابعة عملهم (الجزيرة نت).JPG
الاحتلال يمنع إدخال المواد الخام اللازمة للترميم ويحاول حصر الترميمات داخل المصليات فقط (الجزيرة)

وأخيرا سيحمل عام 2022 تطورات على الصعيد الإداري للمسجد الأقصى، بعدما نجح الاحتلال في حشر دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بزاوية إدارة الوجود الإسلامي بالأقصى فقط، وفقا لعمرو.

وأضاف "أبقى الاحتلال للأوقاف فتات إدارة في الأقصى تتمثل في حراسة بشرية فقط من دون أي أدوات ومقومات، فالأذان الآن صوته مخفض ويُلغى أحيانا من بعض السماعات، وخطبة الجمعة تحت المراقبة والتهديد للخطيب، فضلا عن منع إدخال المواد الخام اللازمة للترميم ومحاولة حصر الترميمات داخل المصليات فقط".

وختم عمرو -حديثه للجزيرة نت- بالقول إنه ينبغي تعزيز دور الأوقاف؛ لأن إسرائيل قد تلجأ في العام القادم لإجراءات غير مسبوقة تنهي دور دائرة الأوقاف أو توجد بديلا لها ضمن منظومات اتفاقيات أبراهام وصفقة القرن.

المصدر : الجزيرة