هل تعيد اشتباكات سبها توزيع خارطة التحالفات العسكرية جنوب ليبيا؟

خليفة حفتر (يمين) وسيف الإسلام القذافي (وكالات)

طرابلس– أعادت اشتباكات سبها جنوب ليبيا توزيع خارطة التحالفات العسكرية بين القوى الفاعلة على الأرض في صراع نفوذ بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد قبائل وتشكيلات مسلحة داعمة لسيف الإسلام القذافي.

وتسيطر الكتيبة 116 مشاة -بإمرة مسعود جدو السليماني وتشكيلات مسلحة أخرى- على أجزاء كبيرة من مدينة سبها عسكريا وأمنيا في ظل تأييد لها من قبائل الجنوب الليبي الداعمة لسيف الإسلام القذافي.

ويعتمد حفتر على قوة عمليات الجنوب التي يرأسها مبروك سحبان ومجموعات مسلحة من اللواء 128 ولواء طارق بن زياد ومرتزقة أفارقة يتمركزون في قاعدة براك الشاطئ جنوبا وبعض المناطق قرب مدينة سبها.

ما أسباب الاشتباكات؟

قالت مديرية أمن سبها إن السبب يرجع إلى سرقة 11 مركبة ذات دفع رباعي من قبل "مليشيا مسلحة مدججة بالأسلحة الثقيلة والمدرعات تابعة لمليشيات الكرامة بإمرة مبروك سحبان" كانت متجهة إلى سبها ومخصصة من وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية لمديرية أمن سبها.

وأكدت المديرية في بيان أن قوات حفتر اعترضت أعضاء الشرطة ومركباتهم وتوجهت بهم نحو قاعدة براك الشاطئ جنوب ليبيا حيث التمركز الرئيسي لقوات ومرتزقة حفتر.

خريطة لليبيا تضم مدينة سبها (جنوب ليبيا)
سبها تبعد 750 كيلومترا عن العاصمة الليبية طرابلس (الجزيرة)

ما خلفيات الصراع بين الطرفين؟

يرجع الصراع بين آمر الكتيبة 116 مشاة مسعود جدو السليماني المسيطرة على مدينة سبها وقوات حفتر إلى قرار المجلس الرئاسي القائد الأعلى للجيش في يونيو/حزيران الماضي بإنشاء قوة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتكليف مسعود جدو بإمرتها، وقد لاقى هذا القرار اعتراضا من حفتر الذي أصدر في سبتمبر/أيلول الماضي أمرا بحل الكتيبة 116 مشاة وضم آلياتها إلى منطقة سبها العسكرية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول منعت تشكيلات مسلحة تابعة لحفتر قوة من وزارة الداخلية من الوصول إلى سبها للمشاركة في تأمين المدينة ودعم مديرية أمن سبها بآليات مسلحة تبعها إغلاق لقوات حفتر مجمع المحاكم في سبها وطرد العاملين فيه اعتراضا على مشاركة سيف الإسلام القذافي في الانتخابات.

وساءت الأمور بين مقربين من حفتر ومسعود جدو السليماني أكثر بعد هذه الأحداث اعتراضا على تلقي الأخير تعليماته ودعما مباشرا من طرابلس وتجاهل تعليمات "القيادة العامة التابعة لحفتر" مما تسبب في صراع بين الطرفين في مدينة سبها.

ما الموقف الرسمي للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة؟

أدانت وزارة الداخلية حادثة السطو المسلح على عدد من مركبات الشرطة التي كانت في طريقها لدعم مديرية أمن سبها لتأمين وحماية الانتخابات مؤكدة أن يد العدالة ستطال من كان وراء هذا "الفعل الإجرامي" وسيتم محاسبته وتقديمه للعدالة.

وأعاد المجلس الرئاسي القائد الأعلى للجيش الليبي قبل يومين هيكلة الكتيبة 116 مشاة المناوئة لحفتر لتصبح "لواء 116 قتال" تتبع مباشرة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي وتمول من خلاله وتتولى تأمين وحفظ الأمن ودرء التهديدات والمخاطر التي يتعرض لها بالجنوب الليبي.

صراع نفوذ

بدوره يرى عضو أعيان الجنوب الليبي يوسف عبد السلام أن الصراع بين قوات حفتر ومسعود جدو بدأ بصراع نفوذ على المنطقة الجنوبية بخصوص مسارات التهريب والسيطرة على المناطق والتمويل المباشر من طرابلس.

وقال عبد السلام للجزيرة نت إن "قبائل أولاد سليمان التي ينتمي إليها مسعود جدو علاقتها جيدة بقبيلة القذاذفة ولذلك سنشاهد تحالفا بين القبيلتين لطرد حفتر وقواته والتنسيق في إعادة السيطرة على الجنوب بعد ظهور سيف الإسلام القذافي للعلن وحاجته للتحرك بشكل علني ومباشر مع الشعب".

ووصف عبد السلام التنسيق بين القذاذفة وأولاد سليمان والقبائل الأخرى بتحالف صنعته المصلحة والضرورة للطرفين إضافة إلى وجود علاقة اجتماعية قديمة بينهم رغم ما تخللها من اضطرابات.

وتابع قائلا "سيف القذافي سيكون هو الواجهة السياسية القادمة للجنوب الليبي خصوصا ولأنصاره بشكل عام، وسيعتمد على تشكيلات أولاد سليمان في جناحه العسكري للتحرك وجمع التشكيلات المسلحة والجيش النظامي السابق تحت إمرته".

واستبعد عبد السلام حصول حرب واسعة في جنوب ليبيا بين سيف القذافي وخليفة حفتر بسبب تخوف الأخير مع التدخل الروسي المباشر ضده.

مقلق للغاية

وأكد المحلل السياسي موسى تيهوساي أن وضع الجنوب مقلق للغاية بعد ظهور تشكل معادلة جديدة يتزعمها سيف الإسلام القذافي لطرد حفتر من المنطقة خصوصا أن الأخير لا يملك حاضنة شعبية يمكنه أن يستند عليها في البقاء بالجنوب.

وأضاف تيهوساي -وهو من جنوب ليبيا- "مقارنة بوضع سيف القذافي وحفتر انضم العديد من قادة حفتر في الجنوب إلى سيف القذافي وهو ما يراه حفتر خطرا كبيرا على وضعه في المنطقة التي استغل على مدى سنوات التناقضات الاجتماعية فيها لضمان ولاء المؤثرين فيها له".

وأفاد تيهوساي للجزيرة نت بأن هناك رسما لملامح معادلة جديدة في المنطقة الجنوبية البعيدة جدا عن مراكز صنع القرار في طرابلس وفي شرق ليبيا.

واعتبر المحلل أن سيف القذافي الذي لا يجد مساحة كافية للتنقل في ليبيا يحتاج إلى فراغ لصنع معادلة خاصة به تحميه من الاستهداف وتمكنه من الظهور إلى الواجهة كطرف قوي قادر على أن يفرض نفسه خصوصا أنه يحظى بدعم روسي من مرتزقة فاغنر التي تحميه الآن من حفتر.

تصفية حسابات

من جانبه، رأى رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة أن ما يحدث في سبها هو تصفية حسابات بين الأطراف المسيطرة على الجنوب الليبي والمتضرر هو المواطن البسيط.

وتابع قائلا للجزيرة نت "المواطنون يشهدون ليالي مرعبة تحت أصوات الرصاص وسقوط مختلف القذائف من الأسلحة الخفيفة والثقيلة عليهم وعلى ممتلكاتهم دون تدخل من السلطات الرسمية في استهتار فاضح بقيمة الإنسان وحياته".

وطالب حمزة طرفي النزاع بالوقف الفوري لأعمال العنف والاشتباكات المسلحة وتحميل الأطراف المتنازعة المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما يترتب عن هذه الاشتباكات المسلحة داعيا السلطات الليبية إلى التدخل العاجل لوقف القتال واستعادة الأمن والاستقرار بالمدينة وضمان سلامة وحماية السكان المدنيين.

المصدر : الجزيرة + وكالات