وسط ضغوط دولية.. الإنترنت يعود تدريجيا في السودان والشرطة تشكل لجنة لتحديد ضحايا المظاهرات

المحتجون يؤكدون عزمهم على مواصلة حراكهم لاستعادة الحكومة المدنية (الأوروبية)

قالت وكالة الأنباء السودانية اليوم الخميس إن خدمة الإنترنت تعود تدريجيا عبر جميع شركات الاتصالات، بعد أن ظلت مقطوعة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حين حل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مجلس الوزراء وأعلن حالة الطوارئ.

من جهتها، أكدت منظمة "نتبلوكس" (NetBlocks) غير الحكومية عودة شبكة الإنترنت "جزئيا".

وعلى الفور، دعا ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي السودانيين إلى بث مقاطع الفيديو والمعلومات المتوافرة لديهم حول مظاهرات أمس الأربعاء، الذي يعد اليوم الأكثر دموية منذ سيطرة الجيش على السلطة، وفقا لحصيلة الضحايا التي أعلنتها لجنة أطباء السودان المركزية المؤيدة للحكم المدني.

وفي تلك الأثناء، عقدت الشرطة السودانية مؤتمرا صحفيا بشأن المظاهرات التي خرجت في الخرطوم لرفض قرارات قائد الجيش، حيث قتل 15 متظاهرا أمس الأربعاء.

ونفى المدير العام للشرطة خالد مهدي إطلاق الرصاص على المتظاهرين وقال إن القوات استخدمت قنابل الغاز المدمع لتفريق الاحتجاجات وفق المعايير الدولية حسب تعبيره. وأضاف أنه لا توجد إحصاءات للوفيات والإصابات في المظاهرات لعدم وجود بلاغات في السجلات الرسمية للشرطة.

وأعلنت الشرطة أنها شكلت لجنة مع النيابة وأطراف أخرى لتحديد عدد الوفيات التي وقعت خلال المظاهرات وأماكنها، ووعدت باتخاذ الإجراء المناسب مع أي عنصر متورط في الاعتداء على المواطنين.

في الوقت نفسه، قال قادة الشرطة إنه تم التعدي على قوات الأمن وقذفها بالحجارة يومي 13 و17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في إشارة إلى مواكب المظاهرات التي خرجت للمطالبة بالعودة إلى الحكم المدني. وأضافوا أن معلومات سُربت بشأن أماكن انتشار قوات الأمن يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وأعلنت الشرطة أيضا أن أحد عناصرها قتل جراء اعتداء المتظاهرين عليه، وفقا لما جاء في المؤتمر الصحفي.

في المقابل، قال المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إن الشرطة منعت سيارات الإسعاف من الوصول للجرحى، واقتحمت المستشفيات وأطلقت الغاز المدمع بداخلها. وأعلن المجلس أنه "لا تفاوض ولا شراكة" مع العسكريين.

تهديدات غربية

وتأتي هذه التطورات في ظل ضغوط دولية متواصلة على قيادة الجيش السوداني لإعادة الحكومة المدنية واستئناف المرحلة الانتقالية وإطلاق سراح رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك الذي يخضع للإقامة الجبرية.

وهدد مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم بـ"عواقب شديدة، من بينها وقف الدعم المالي"، إذا لم تقم السلطات العسكرية في السودان بالعودة إلى النظام الدستوري فورا، وفق تعبيره.

وندد بوريل بقتل المتظاهرين في السودان، وقال إنه أمر "غير مقبول"، كما أعرب عن قلقه بشأن أنباء عن اعتقال جرحى من داخل المستشفيات ومنع تلقي العلاج.

ورأى المسؤول الأوروبي أن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة في السودان هو حوار شامل للوصول إلى خريطة طريق لحل مشاكل البلاد.

بوريل دعا السلطات العسكرية في السودان للعودة إلى النظام الدستوري فورا (الأوروبية-أرشيف)

من جهته، ندد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بمقتل متظاهرين سودانيين، وقال -خلال مؤتمر صحفي في العاصمة النيجيرية أبوجا إحدى محطات جولته الأفريقية- إن "الجيش يجب أن يحترم حقوق المدنيين في التجمع سلميا والتعبير عن آرائهم".

وأضاف بلينكن أنه "قلق جدا" بشأن أعمال العنف التي وقعت الأربعاء، وأكد أن واشنطن تواصل "دعم مطلب الشعب السوداني بإعادة السلطة الانتقالية التي يقودها مدنيون".

من جهة أخرى، قالت سفيرة النرويج  لدى السودان تيريز هيلين غيزيل -في مقابلة مع الجزيرة- إن إطلاق النار على المتظاهرين في السودان غير مقبول. ودعت السفيرة -التي التقت رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان قبل أسبوع- السلطات السودانية إلى تحمّل مسؤولياتها في ضمان سلامة المتظاهرين وأمنهم.

وكذلك أدانت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه تعامل قوات الأمن السودانية مع المظاهرات.

وقالت باشليه -في بيان- إن "استخدام الذخيرة الحية مجددا ضد المتظاهرين أمس (الأربعاء) أمر معيب تماما، بعد دعوات عدة للعسكريين وقوات الأمن للامتناع عن استخدام القوة غير المتكافئة ضد المتظاهرين".

وأضافت أن "إطلاق النار على حشد من المتظاهرين العزل وسقوط عشرات القتلى وعدد أكبر من الجرحى أمر مؤسف، ويهدف بوضوح إلى خنق التعبير العلني عن المعارضة، ويشكل انتهاكا صارخا للقواعد الدولية لحماية حقوق الإنسان".

المصدر : الجزيرة + وكالات