اعتقال رئيس وأعضاء الحكومة.. أنباء عن انقلاب عسكري بالسودان والقوى المدنية تدعو الشعب للتدفق إلى الشوارع
اعتقل الجيش السوداني، صباح اليوم الاثنين، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومعظم أعضاء حكومته والعديد من المسؤولين والعاملين بقطاع الإعلام، وسط الحديث عن انقلاب عسكري يجري تنفيذه.
وقالت وزارة الإعلام والثقافة -في صفحتها على فيسبوك- إن رئيس الوزراء اقتيد إلى مكان مجهول بعد رفضه إصدار بيان مؤيد "للانقلاب".
اقرأ أيضا
list of 3 itemsفرقاء السودان يلعبون بورقة الشارع.. فلمن تميل الكفة؟
على صلة بالدعم السريع وأنصار البشير.. فيسبوك يغلق شبكتين للحسابات المزيفة في السودان
كانت الوزارة قالت في وقت سابق إن القوات العسكرية المشتركة -التي تحتجز حمدوك داخل منزله- مارست عليه ضغوطا لإصدار بيان مؤيد "للانقلاب".
ونقلت عن حمدوك دعوته السودانيين -في رسالة من مقر "إقامته الجبرية"- إلى التمسك بالسلمية واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم.
وقال مكتب رئيس الوزراء إن قوة عسكرية اختطفت حمدوك وزوجته فجرا، واقتادتهما إلى جهة غير معلومة.
وشدد المكتب على أن ما حدث يمثل تمزيقا للوثيقة الدستورية وانقلابا مكتملا على مكتسبات الثورة.
ومن جانبه، أكد عضو المجلس السيادي محمد التعايشي رفضه للتحرك العسكري، وقال "الانقلاب خيانة وأدعو أبناء الشعب السوداني إلى المقاومة السلمية".
أما صلاح مناع عضو ما تسمى "لجنة إزالة التمكين" فطالب "شرفاء" الجيش بالانحياز للشعب السوداني ومدنية الدولة، مشددا على أن "البرهان سيسقط".
مقاومة الانقلاب
قالت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي إن أي انقلاب مرفوض "وسنقاومه بكافة الوسائل المدنية".
وأضافت المهدي أن احتجاز رئيس الوزراء في جهة غير معلومة أمر "خطير جدا وغير مقبول".
وذكرت أنه لا توجد أي اتصالات بين وزراء الحكومة بسبب انقطاع وسائل التواصل المباشرة، وإغلاق الجسور.
وقالت الوزيرة أيضا إن وزراء الحكومة غير المعتقلين سيجدون طريقة للتواصل، وترتيب الأمور خلال الساعات القادمة.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الثقافة والإعلام اليوم أن "قوى عسكرية" اعتقلت "أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمدنيين من أعضاء مجلس السيادة".
وقالت "الثقافة" إن ما حدث انقلاب عسكري متكامل الأركان، ودعت الجماهير لقطع الطريق على التحرك العسكري.
ونقلت أن "قوات عسكرية مشتركة تقتحم مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان وتحتجز عددا من العاملين".
وأفاد مراسل الجزيرة بانقطاع بث عدد من الإذاعات السودانية بينها الإذاعة الرسمية على موجات "إف إم".
وردا على استهداف وسائل الإعلام، قال مدير تلفزيون السودان "الشعب الذي أبهر العالم بثورته سيبهره مرة أخرى بصونها".
وأضاف "أتينا لخدمة بلادنا لتحقيق الانتقال الديمقراطي الذي تقوده سلطة مدنية ولن نقبل بغير ذلك".
وأفاد مراسل الجزيرة بتصاعد أعمدة الدخان من شوارع ومناطق مختلفة في مدينتي الخرطوم وخرطوم بحري.
وتحدثت مصادر إعلامية عن تعزيزات عسكرية في محيط مطار الخرطوم الدولي، ونقلت بعض وسائل الإعلام أنه تم إغلاق المطار.
وأعلن اتحاد الطيارين السودانيين الإضراب العام والعصيان المدني، والخروج للشوارع ردا على "الانقلاب العسكري".
وأظهرت بيانات ملاحية حصلت عليها "وكالة سند" توقف رحلات دولية من مطار الخرطوم الدولي وإليه.
وحسب البيانات، فإنه تم إلغاء 5 رحلات هبوط، بينها رحلتان من الدوحة وأخريان من دبي وواحدة من إسطنبول.
تفاصيل الاعتقالات
وكانت مصادرة متعددة أكدت اعتقال عدة مسؤولين وسياسيين فجر اليوم الاثنين.
وقالت ابنة وزير الصناعة إبراهيم الشيخ للجزيرة إن قوة مشتركة اعتقلت والدها من منزله فجر اليوم.
كما ذكرت زوجة والي الخرطوم أيمن نمر للجزيرة أن قوة مسلحة اعتقلت الوالي من منزله.
وقال مدير مكتب الجزيرة بالخرطوم المسلمي الكباشي إن هناك أيضا أنباء غير مؤكدة عن اعتقال محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة، وكذلك وزير الإعلام حمزة بلول، ووزير الاتصالات هاشم حسب الرسول، ورئيس حزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري.
ونقلت رويترز -عن مصادر من أسرة فيصل محمد صالح المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء- أن قوة عسكرية اقتحمت منزل المستشار وألقت القبض عليه.
ونقلت الوكالة أنه تم اعتقال ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء.
ومن جانبه، قال تجمع المهنيين إن هناك أنباء عن تحرك عسكري "للاستيلاء على السلطة" داعيا الجماهير إلى النزول إلى الشارع لمقاومة أي انقلاب عسكري.
قطع الإنترنت
وقد أفاد مراسل الجزيرة بأن شبكة الإنترنت قطعت، كما تأثرت الاتصالات في بعض المناطق بالعاصمة، وأضاف أن قوات من الجيش أغلقت جسورا وأنفاقا بالخرطوم.
في الوقت نفسه، قام محتجون بقطع بعض الطرق في العاصمة وأضرموا النار احتجاجا على الاعتقالات.
ومن جانبها، أعلنت نقابة الأطباء الإضراب العام في المستشفيات باستثناء الحالات الطارئة، وقررت الانسحاب من المستشفيات العسكرية، وطالبت القطاعات المهنية بالنزول إلى الشارع.
كما أعلن تجمع المصرفيين أن موظفي القطاع دخلوا في إضراب وعصيان مدني مفتوح احتجاجا على الاعتقالات.
من جهته، قال تجمع المهنيين إن هناك أنباء عن تحرك عسكري يهدف "للاستيلاء على السلطة" ودعا جماهير الشعب إلى الاستعداد لمقاومة أي انقلاب عسكري.
وأضاف التجمع في بيان "نتوجه بندائنا لجماهير الشعب السوداني وقواه الثورية ولجان المقاومة في الأحياء بكل المدن والقرى والفرقان، للخروج إلى الشوارع واحتلالها تماما، والتجهيز لمقاومة أي انقلاب عسكري، بغض النظر عن القوى التي تقف خلفه".
وزير الصناعة السوداني إبراهيم الشيخ (الجزيرة-أرشيف)
وفي بيان لاحق، قال تجمع المهنيين "تتوارد الأنباء عن تجهيز الانقلابيين لقطع خدمة الإنترنت بعد أن تم اعتقال أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمجلس السيادي، وهو ما يعني اتجاههم للتعتيم على ممارسات القمع والإرهاب، مما يعيد إلى الذاكرة ممارسات اللجنة الأمنية والجنجويد بعد مجزرة القيادة العامة في يونيو/حزيران 2019".
وتابع البيان "نهيب بلجان المقاومة والقوى الثورية المهنية والنقابية والسياسية والمطلبية والشعبية الاستعداد وتفعيل أدوات الاتصال والتنسيق والتشبيك الأرضي المجربة".
ومن ناحيته، قال حزب الأمة القومي "ندين -بأقوى العبارات- الاعتقالات والانقلابات، وهي تشكل انتهاكا للوثيقة الدستورية".
المقترحات الأميركية
وتأتي هذه التطورات المتسارعة بعد ساعات من الإعلان عن تقديم الولايات المتحدة مقترحات، لحل الأزمة السياسية الراهنة، تعهد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بدراستها مع رئيس مجلس الوزراء.
وقد عقد المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان سلسلة لقاءات مع قادة المرحلة الانتقالية خلال اليومين الماضيين، وقالت سفارة واشنطن بالخرطوم أمس إن فيلتمان أكد للمسؤولين السودانيين أن الدعم الأميركي يعتمد على التزامهم بالنظام الانتقالي المتفق عليه بالإعلان الدستوري واتفاقية جوبا للسلام.
وذكرت السفارة أن فيلتمان حث الحكومة السودانية على تنفيذ المعايير الانتقالية الرئيسية وفق جداول زمنية، بما في ذلك إنشاء المجلس التشريعي الانتقالي، والاتفاق على موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة إلى المدنيين، وإصلاح الأجهزة الأمنية، ووضع إطار للانتخابات، وإعادة تشكيل المحكمة الدستورية، وإقامة آليات للعدالة الانتقالية.
وخلال الأسابيع الماضية، تصاعد التوتر بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية، إثر انتقادات وجهتها القيادات العسكرية للقوى السياسية على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، والخلاف بشأن ترتيبات تسليم رئاسة مجلس السيادة إلى المدنيين وفقا للوثيقة الدستورية.
ومنذ 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، يعتصم أنصار ما تعرف بقوى "الميثاق الوطني" أمام القصر الجمهوري بالخرطوم للمطالبة بحل حكومة حمدوك واستبدالها بحكومة كفاءات، في حين يعارض ذلك المجلس المركزي لقوى "الحرية والتغيير".
وقبل ساعات من اندلاع أحداث الخرطوم، قال وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف في منشور على فيسبوك مساء أمس الأحد "الانقلاب الجاري شواهده كثيرة ومستمرة وواضحة، وآخرها محاولة صناعة حرية وتغيير أخرى، والإيهام بوجود أزمة دستورية، ثم دعم اعتصام القصر المصنوع".
وتترافق هذه الأحداث مع أزمة في دقيق القمح والمحروقات في الخرطوم بسبب إغلاق الموانئ والطرق شرق البلاد.