بعد يوم على تدنيسه.. آلاف الفلسطينيين يؤمون المسجد الإبراهيمي بالخليل بمناسبة المولد النبوي

الاحتلال اقتطع أكثر من نصف المسجد وحوّله إلى كنيس، بعد المجزرة التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين في المسجد عام 1994.

مصلون داخل المسجد الإبراهيمي
أعداد المصلين الذين أمّوا المسجد الإبراهيمي بمناسبة المولد النبوي هذا العام فاق التوقعات (الجزيرة)

الخليل– يوم المولد النبوي واحد من 10 أيام فقط طوال العام يفتح فيها المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل (جنوبي الضفة الغربية) كاملا أمام المسلمين.

في هذا اليوم من كل عام يشدّ الفلسطينيون الرحال، مصطحبين أطفالهم إلى المسجد، وهناك يؤدون الصلاة ويستمعون إلى المواعظ والابتهالات الدينية بمناسبة مولد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، لكن عدد المصلين هذا العام فاق التوقعات، حسب مسؤولين.

وكعقوبة للمجني عليه لمصلحة الجاني، اقتطع الاحتلال أكثر من نصف المسجد وحوّله إلى كنيس، بعد المجزرة التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين في المسجد عام 1994، وأودت بحياة 29 فلسطينيا وخلفت عشرات الجرحى.

المسجد الإبراهيمي
المسجد الإبراهيمي يفتح كاملا أمام المسلمين 10 أيام فقط في العام (الجزيرة)

تدنيس للتنغيص على المصلين

واستبق جنود من جيش الاحتلال احتفالات المولد النبوي باقتحام المسجد بأحذيتهم نهار أمس الاثنين، وتنفيذ جولة والتقاط مجندين ومجندات صورا بداخله وعند منبره، بشكل أثار استفزاز المصلين، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

ويُفتح المسجد كاملا أمام المسلمين فضلا عن ذكرى المولد النبوي في: عيدي الفطر والأضحى، ذكرى الإسراء والمعراج، أيام الجمعة من رمضان، ليلة القدر، ذكرى الهجرة النبوية.

بوابة تفصل بين القسم المسيطر عليه من اليهود والآخر المتبقي للمسلمين من المسجد الإبراهيمي (الجزيرة)

ويقول حسام أبو الرب وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية للجزيرة نت إن اقتحام المسجد في وقت كان يجري فيه التحضير للاحتفال بذكرى المولد النبوي هدفه "التنغيص علينا في أي فرحة أو أي مناسبة".

وتابع "الاحتلال لا يتردد في اقتحام الحرم سواء في الليل أو النهار،  وعندما أعلنت الأوقاف إقامة احتفال المولد النبوي الشريف وكانت تجري تحضيراتها له، استفزت سلطات الاحتلال المواطنين والعاملين بالحرم  وقامت بفعلتها".

10 - بمناسبة المولد النبوي آلاف الفلسطينين أمّوا المسجد الإبراهيمي
بمناسبة المولد النبوي آلاف الفلسطينين أمّوا المسجد الإبراهيمي منذ الصباح (الجزيرة)

ووصف أبو الرب فعلة الاحتلال بـ"العملية النكراء المستنكرة والمرفوضة"، وشدد على أن "الحرم الإبراهيمي مسجد خالص للمسلمين وليس لأحد غيرهم حق فيه، وإن تمت السيطرة  على أجزاء منه بقوة الاحتلال".

وقال إن اقتحام أمس الاثنين "جاء استمرارا وتكريسا لسياسة الاحتلال في التنغيص على المسلمين فرحتهم وعبادتهم، ولإشعار الناس أن الاحتلال موجود ويتحكم بالأمور".

 

ويتعرض الجزء الخاص بالمسلمين من المسجد لاقتحامات يومية من قبل جيش الاحتلال خاصة بعد انتهاء الصلوات الخمس، لكنه تعرض أمس الاثنين للاقتحام نهارا وبالأحذية.

وأشار المسؤول الفلسطيني إلى استمرار الحفريات في محيط المسجد وقال إن "التهويد مستمر، ويقومون بحفريات خارج محيط أسوار الحرم بحجة إقامة ممر ومصعد كهربائي"، وأضاف أن الحفريات تمس مكانة المسجد ورمزيته التاريخية.

الرد بالاحتشاد

وازدحمت أسواق الخليل القديمة وأبواب المسجد ومصلياته وساحاته الداخلية والخارجية، اليوم الثلاثاء، بالمصلين في حدث نادر، وفق مدير المسجد الشيخ حفظي أبو اسنينة متحدثا للجزيرة نت.

وأضاف "المسجد الإبراهيمي شهد اليوم أكبر حشد من المصلين" معتبرا ذلك "ردا على محاولات تهويده والمساس بمكانته التاريخية وهويته الإسلامية".

قاعة مخصصة لليهود من المسجد الإبراهيمي فتحت بمناسبة المولد النبوي
قاعة مخصصة لليهود من المسجد الإبراهيمي فتحت أمام المسلمين بمناسبة المولد النبوي (الجزيرة)

وأضاف "أكثر من 20 يوما ونحن نحشد لهذه الأعداد الكبيرة بمناسبة ذكرى مولد النبي محمد عليه الصلاة والسلام" مقدّرا عدد الحضور بنحو 10 آلاف.

ورأى في الحشد وتدفق المصلين "رسالة للاحتلال بأننا أصحاب الحق في هذا المكان، وأن هذا الحرم حرمنا، وأن المسجد هو مسجدنا".

ويعدّ يوم المولد النبوي إجازة رسمية بفلسطين، وذلك ساعد على توجه عائلات بأكملها إلى المسجد من أنحاء فلسطين.

على لائحة التراث

وفي يوليو/تموز 2017 أدرجت اليونسكو البلدة القديمة من الخليل والمسجد الإبراهيمي على لائحة التراث العالمي استجابة لطلب فلسطيني باعتبار المدينة محمية عالمية لحفظها من الاستيطان الإسرائيلي.

وفي العاشر من أغسطس/آب الماضي شرعت آليات إسرائيلية في حفريات بهدف تنفيذ مشروع تهويدي على مساحة 300 متر مربع من ساحات المسجد.

بوابات إلكترونية يضطر المصلون إلى عبورها على أبواب المسجد الإبراهيمي
بوابات إلكترونية يضطر المصلون إلى عبورها على أبواب المسجد الإبراهيمي (الجزيرة)

ويحيط الاحتلال المسجد بعشرات الحواجز العسكرية، فضلا عن بوابات إلكترونية لا تسمح بدخول المصلين إلا فرادى مع إبراز بطاقاتهم الشخصية وتسجيل أسمائهم من قبل الجنود.

وبموجب بروتوكول الخليل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1997، تسلمت السلطة أجزاء من مدينة الخليل أطلق عليها "خ1" وتشكل 80% منها.

في حين استمرت السيطرة الإسرائيلية على القسم المسمى "خ2" ويقطنه اليوم قرابة 45 ألف نسمة، وفيه تقع البلدة القديمة والمسجد الإبراهيمي.

ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في تقريرها عن شهر سبتمبر/أيلول الماضي إن جيش الاحتلال منع الأذان 80 وقتا في المسجد الإبراهيمي، وأغلقه بالكامل 5 أيام بحجة حلول الأعياد اليهودية.

المصدر : الجزيرة