كيف يجب أن تتعامل إدارة بايدن مع "الدول الفاشلة"؟

U.S. President-elect Joe Biden delivers remarks on the U.S. response to the coronavirus disease (COVID-19) outbreak, at his transition headquarters in Wilmington
إدارة بايدن عليها إعادة الولايات المتحدة مجددا إلى الساحة الدبلوماسية (رويترز)

قالت صحيفة "ذا هيل" (The Hill) الأميركية إنه وبالقدر نفسه الذي يتم فيه التبشير بـ "قمة الديمقراطية" التي سيعقدها الرئيس المنتخب جو بايدن بعد تنصيبه لتجديد التزام واشنطن بنشر الديمقراطية في العالم وتأكيد تحالفها مع الديمقراطيات الغربية، من المهم أيضا أن تُطوّر الحكومة المقبلة إستراتيجية للتعامل مع دول هي على النقيض تماما، أي "الدول الفاشلة".

وترى الصحيفة -في تقرير للباحث والدبلوماسي السابق ديفيد تافوري- أن هذا الأمر مهم جدا في الوقت الحالي، لأن الوباء أدى إلى تدهور النظام المدني والاقتصادي في أكثر دول العالم استقرارا، كما أن البلدان التي كانت أصلا في انحدار مستمر نحو الفشل -سواء بسبب عدم وجود حكومة شرعية أو الصراعات المسلحة والاستياء الشعبي والانتهاكات الجماعية لحقوق الإنسان أو الأزمات الإنسانية- دفعها الوباء إلى حافة الهاوية.

وتضيف أنه عندما ينهار بلد ما فإن ذلك يشكل أحد أكبر التهديدات لأمن وازدهار الولايات المتحدة في المستقبل لاعتبارات ثلاثة، أولها أن أي دولة فاشلة سرعان ما تتحول إلى ملاذ آمن للإرهاب، والاعتبار الثاني أن هذه الدول تسبب أزمات إنسانية وأزمات لجوء "تصل إلى شواطئنا وتتطلب اهتمامنا حتى ولو حاولنا تجاهلها".

أما الاعتبار الثالث والأكثر إثارة للقلق بالنسبة لواشنطن -بحسب الصحيفة- فهو أن الدول الفاشلة تعمل على تمكين خصوم الولايات المتحدة في العالم، كما هي حال إيران مثلا التي تستخدم جارتها غير المستقرة العراق ميدانا للمعركة ضد الولايات المتحدة، أو كما تفعل روسيا في سوريا الأسد، أو الصين التي تستفيد من الدول المنهارة في أفريقيا لتمكين زعماء مستبدين يخدمون مصالحها.

ووفق تقرير سنوي أعده "صندوق السلام" (Fund for Peace) -وهو مؤسسة بحثية أميركية تهتم بالبلدان الهشة- استنادا لبيانات تم جمعها قبل اندلاع جائحة كورونا، فإن أكثر من 30% من دول العالم هي أساسا دول فاشلة، في حين تقدر الأمم المتحدة أن 1.8 مليار شخص يعيشون حاليا في دول هشة وأن هذا العدد سيرتفع إلى 2.3 مليار بحلول عام 2030.

وترى الصحيفة أن على إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن التعاطي مع هذه المعضلة من خلال عدة خطوات أساسية، من بينها أولا إعادة الولايات المتحدة مجددا إلى الساحة الدبلوماسية.

فقد كانت القيادة الأميركية خلال فترة دونالد ترامب الرئاسية -تضيف الصحيفة- غائبة عن العديد من أزمات العالم الشائكة، كما كان شعار "أميركا أولا" الذي رفعه ترامب "نهجا فوضويا ومتناقضا" لا يرقى إلى رؤية متماسكة للقيادة، وكان فقط ذريعة لعدم القيام بالعمل الدبلوماسي الشاق المطلوب حينما لا يكون هناك مردود واضح وفوري لصالح شخص الرئيس.

US President Donald Trump
الصحيفة اعتبرت أن شعار "أميركا أولا" الذي رفعه ترامب "نهج فوضوي ومتناقض" لا يرقى لرؤية متماسكة (الأناضول)

أسلوب جديد

لذلك سيحتاج الرئيس المقبل -وفق ذا هيل- أن يتبنى أسلوبا جديدا في القيادة وأن يختار بعناية، وفي وقت مبكر، الحالات التي يمكن فيها تجنب تعميق الأزمة فقط من خلال الممارسة الهادئة للضغط والدبلوماسية من قبل "القوة العظمى" الوحيدة في العالم، كما هي الحال مثلا في كل من ليبيا وسوريا وجنوب السودان والصومال واليمن.

سيحتاج بايدن أيضا إلى إعادة التفكير في كيفية استخدام الدعم والمساعدات الخارجية بشكل أكثر فعالية لتعزيز الاستقرار في الدول الهشة، بعد أن كان سلفه ترامب معارضا تماما لتقديم أي دعم من هذا النوع.

ويجب أن تكون أولوية استخدام المساعدات الخارجية في بلدان "المثلث الشمالي" لأميركا الوسطى مثلا (هندوراس وغواتيمالا وسلفادور) هي تعزيز فرص العمل على المدى الطويل.

اعتبار أخير ترى الصحيفة أن على إدارة بايدن المقبلة مراعاته في تعاملها مع إشكالية الدول الفاشلة، هو ألا تتوقع ولا تسعى واشنطن "بمفردها" لوقف نزيف الدول الفاشلة.

ففي غياب تحرك فعّال من قبل الأمم المتحدة، بسبب ممارسة كل من الصين وروسيا لحقهما في النقض، يمكن أن يكون العمل الجماعي مع الديمقراطيات ذات التفكير المماثل بديلا، حيث كانت أميركا خلال السنوات الأربع الماضية "الحلقة المفقودة" بسبب ازدراء الرئيس ترامب لجهود الدعم المتعدد الأطراف الذي يتطلب تنسيقا وثيقا مع الحلفاء.

كما يجب على الرئيس المقبل -تختم الصحيفة- أن يدرج على جدول أعمال "قمته للديمقراطية" معرفة كيف يمكن للدول المتقدمة في العالم أن تعمل على معالجة الأسباب التي تهوي بالدول لغياهب الفشل، ويجب أن يشمل هذا العمل المنسق والجماعي تقوية المؤسسات الديمقراطية في البلدان النامية وخلق آلية استجابة فعالة للتعاطي مع أي أزمة تعصف بهذا البلد أو ذاك.

المصدر : هيل