التحرشات الدائمة في الخليج.. لعبة التخويف بين طهران وواشنطن

يقول تقرير نشرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية إن التحرشات الدائمة والاتهامات المتبادلة بين البحرية الأميركية وقوات الحرس الثوري الإيراني في الخليج تصلح مقياسا لمدى التوتر في هذه المنطقة الحساسة.

ويشير مراسل الصحيفة بيير ألونسو في تقريره إلى الحادث الذي وقع في 15 أبريل/نيسان الماضي في شمال الخليج حين اقتربت زوارق إيرانية سريعة تابعة للحرس الثوري الإيراني بشكل خطير من سفن أميركية كانت تبحر في المنطقة، بحسب البحرية الأميركية.

ويقول إن واشنطن نددت على الفور بالسلوك "الخطير" الذي وصفته بـ"المضايقة"، ونشرت قائمة "الاستفزازات السابقة"، كما نشر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية -ومقره في البحرين وهو المسؤول عن العمليات في المنطقة- في حادثة نادرة صورا ومقاطع فيديو للحادث.

وتنسب الصحيفة إلى ضابط فرنسي خبير بالمنطقة القول إن القوارب الإيرانية كانت تقترب جدا من السفن الأميركية وتتعرج دون الالتفات إلى التحذيرات الصوتية، مشيرا إلى أن هذا النوع من الحوادث بين الحرس الثوري والقوات البحرية الغربية ليس أمرا غريبا في هذه المياه الإستراتيجية شديدة الحراسة، مضيفا أنه "لا شيء يصدمني في هذه الصور، ولا أرى اختلافا عما يحدث عادة".

استفزاز
ويقول مراسل الصحيفة -الذي رافق الفرقاطة الفرنسية "كوربي" في واحد من هذه "الاحتكاكات"- إن سفينتهم عندما عبرت في الليل مضيق هرمز ظهرت لهم خمس نجوم على الرادار هي عبارة عن قوارب إيرانية، وإنها توجهت مباشرة نحوهم بسرعة 80 كيلومترا في الساعة تقريبا.

ويضيف أن النجوم الزرقاء ظلت مسرعة باتجاههم دون اعتبار للتحذيرات الصوتية بالراديو والأبواق حتى تحولت إلى اللون الأحمر، مما يعني أن زوارق الحرس الثوري وصلت المسافة الحاسمة للبحرية (1850 مترا)، ثم دنت منهم حتى مسافة 500 متر، قبل أن تتوقف أخيرا وتترك السفينة الحربية الفرنسية تواصل مسارها في الخليج.

ويوضح أن الطاقم الفرنسي توقع مثل هذه الحوادث ورفع مستوى الاستعداد قبل عبور المضيق لكن الظلام جعل المناورة أكثر تعقيدا، ومؤكد أن القوة البحرية للحرس الثوري أصبحت أكثر عدوانية تجاه السفن الأميركية بعد اغتيال رئيس العمليات الخارجية للحرس  اللواء الإيراني قاسم سليماني في أوائل يناير/كانون الثاني الماضي ببغداد.

لا يخيفون أحدا
ويقول المراسل إن الحرس الثوري قابلهم بهذا التصرف رغم أن فرنسا ليست الأكثر استهدافا لعدة أسباب، منها أن باريس لم تنحز إلى سياسة "الضغط الأقصى" التي نفذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد إيران.

وبحسب ضابط في البحرية الملكية، فإن مرور السفن البريطانية يكون عادة أكثر صخبا، حيث تقترب الزوارق وتبقى لفترة أطول، وتتصرف بشكل أكثر خطورة، وتبدو أكثر تهديدا.

ويقول الضابط الفرنسي إن إرسال الإيرانيين هذه القوارب هو بمثابة وسيلة للضغط وتأكيد للوجود وإظهار للسيطرة على المنطقة، ولكنهم لا يخيفون أحدا، إذ لو كانوا يريدون فعل شيء لجاؤوا بخمسين أو مئة قارب، مضيفا أنه ليس لديهم فرصة ضد الفرنسيين بأربعة أو خمسة قوارب، ولا ضد الأميركيين الذين لديهم وسائل أكثر بعشرات المرات.

وخلص المراسل إلى أن الولايات المتحدة وإيران لا تريد أي منهما أن يُنظر إليها على أنها المعتدية، وأضاف أنهما تحاولان كسب دعم المجتمع الدولي في سياق صراعهما، خاصة بعد أن أطلقت ثماني دول أوروبية عملية "للمراقبة البحرية والأمن" في مضيق هرمز، مما يسمح للأوروبيين بمعرفة ما يجري هناك بشكل مستقل.

المصدر : الجزيرة + ليبراسيون