بعيدا عن السياسة.. أميركا تعتمد على إمدادات صينية لمحاربة كورونا

عبر مسؤولون وساسة أميركيون في الأيام الماضية عن غضبهم من طريقة تعامل الصين مع أزمة فيروس كورونا المستجد، ولكنهم يواجهون حقيقة ماثلة تتجلى في أن بلادهم بحاجة ماسة إلى إمدادات الصين، وذلك في ظل تصدر أميركا دول العالم في عدد المصابين بالوباء بأكثر من 245 ألفا لحد الساعة.

وقد أنتجت الصين قبل أزمة كورونا ما يقارب نصف عدد الأقنعة الواقية التي تم توريدها إلى الولايات المتحدة، والتي يكلف الواحد منها في الأوقات العادية أقل من دولار واحد، إلا أن هذه الأقنعة اختفت من رفوف منافذ البيع نتيجة الإقبال الكبير عليها من قبل الأميركيين لاتقاء عدوى الفيروس.

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الصين -مهد وباء كورونا- قد تجاوزت المرحلة الأخطر من أكبر أزمة صحية تعيشها البلاد والعالم، أصبحت بكين هي المصدر الأول لمعدات الحماية المطلوبة لمواجهة كورونا المستجد في مختلف مناطق العالم.

مورد كبير
ويقول الباحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي الأميركي تشاد باون إن "الصين مصدر كبير لتوريد هذه المنتجات، في وقت تشتد فيه الحاجة لها، سواء في الولايات المتحدة أو على الصعيد العالمي"، مضيفا أنه "دون الانفتاح على الصين ومحاولة الشراء منها الآن لن يكون هناك أمل".

وزادت الشركات الأميركية المصنعة للأقنعة الواقية طاقتها الإنتاجية، فقد رفعت "3 إم" و"هاني ويل" طاقتهما الإنتاجية إلى سبعين مليون وحدة شهريا مجتمعتين، لكن هذه الكمية أقل بكثير من الاحتياجات المطلوبة في الولايات المتحدة، إذ تسعى وزارة الصحة إلى شراء 500 مليون قناع لتأمين مخزون إستراتيجي.

وتشكل أزمة كورونا فرصة للمصنعين الصينيين لتسويق وبيع أقنعة تسمى "إن95" التي صممت لمنع 95% من الجزيئات الصغيرة جدا من دخول الأنف والفم.

ويقول تشاد باون إنه لم يجد أي دليل في البيانات المتاحة على أن الصين قطعت الإمدادات عن أميركا، أو حولتها إلى شركاء مفضلين سياسيا مثل إيطاليا.

وأوضح أن صادرات الصين من معدات الحماية الشخصية من كورونا تراجعت في الشهرين الأولين من العام الحالي، ولكن بدرجة أقل من التراجع الكلي للصادرات الصينية.

استقواء الصين
ورغم ذلك تمارس الصين تمارس نوعا من الاستقواء، لأنها تنتج 48% من معدات الحماية الشخصية التي تستوردها الولايات المتحدة، و50% من تلك التي يستوردها الاتحاد الأوروبي، وفقا لحسابات باون الذي يضيف أنه "عندما تبدأ حربا تجارية مع دولة لا تزال تعتمد عليها آنذاك تكون الجاني على نفسك".

وبسبب تفاقم أوضاع وباء كورونا في أميركا تحول الرئيس دونالد ترامب في الفترة الأخيرة من إطلاق الانتقادات اللاذعة على بكين ووصف وباء كورونا بالفيروس الصيني إلى الإشادة بالتعاون مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وقد دعا المستشار السابق للأمن القومي الأميركي جون بولتون سلطات الولايات المتحدة إلى اتباع "سياسات جديدة لمنع استمرار الاعتماد الأميركي المفرط على الصين في الاستيراد".

وجاء في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي العام الماضي أن أكثر من 80% من المكونات الرئيسية في صناعة الدواء في الولايات المتحدة منشؤها في الخارج، إذ يأتي معظمها من الصين، أو الهند التي تربطها علاقات ممتازة مع الولايات المتحدة.

المصدر : الفرنسية