صراع انتخابات إيران يحتدم.. قرارات للإصلاحيين ردا على رفض أهلية مرشحيهم

روحاني حذر من تحويل الانتخابات إلى تنصيبات (الصحافة الإيرانية)

طهران-الجزيرة نت

بعد رفض مجلس صيانة الدستور -المحسوب على التيار المحافظ- أهلية أغلب مرشحيه البارزين، قرر المجلس الأعلى لوضع سياسات الجبهة الإصلاحية في إيران عدم طرح أي قائمة انتخابية في العاصمة طهران، وفوض مجالس المحافظات لاتخاذ قرارها بشأن المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة من عدمها. في حين دعا المرشد الأعلى علي خامنئي للمشاركة الواسعة في الانتخابات.

وشدد بيان صادر عن المجلس الإصلاحي على أن الأوساط الرقابية -من خلال استبعادها المرشحين الإصلاحيين- حالت دون فرصة حضور أحزابهم وشخصياتها البارزة في العاصمة وضواحيها خلال الانتخابات المقرر إجراؤها في 21 فبراير/شباط الجاري، مؤكدا أن المجلس سيحترم قرار الأحزاب المنضوية تحت عباءته في خوض السباق الانتخابي بشكل منفرد دون الانتماء إليه. 

‪خامنئي انتقد روحاني ضمنيا لمهاجمته مجلس صيانة الدستور‬ (الصحافة الإيرانية)
‪خامنئي انتقد روحاني ضمنيا لمهاجمته مجلس صيانة الدستور‬ (الصحافة الإيرانية)

التيار الإصلاحي
ويضم التيار الإصلاحي مجموعة من الأحزاب والقوى والتجمعات السياسية التي تقول إنها تسعى للإصلاح من داخل منظومة الحكم، وتتبنى -بشكل عام- التوجه نحو التجديد والتحديث الديني المرتكز على الممارسة الديمقراطية. وكانت العديد من مكوناته تمثِّل اليسار بدايات ثورة عام 1979.

وقد يصل عدد الأحزاب والحركات الإصلاحية إلى أكثر من خمسين مجموعة بات بعضها محظورا بعد مناصرتها للحركة الخضراء والاحتجاجات الشعبية التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2009 وسقط خلالها قتلى وجرحى، وتم وضع زعيمي الاحتجاجات مير حسين موسوي ومهدي كروبي رهن الإقامة الجبرية.

وكان الإصلاحيون قد حققوا فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية الماضية وسيطروا على أكثر من 43% من مقاعده، مقابل 31% للتيار المحافظ ونحو 26% للمستقلين والأقليات الدينية وآخرين.

ولم يكن رفض أهلية مرشحي الإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور الأول من نوعه -كما يقول الإصلاحيون- فقد واجهوا ظروفا مشابهة خلال الانتخابات التشريعية بدورتها الرابعة، وتكررت في الدورة السابعة حيث تم استبعاد 75 من نواب البرلمان السادس.

واضطر الإصلاحيون في بعض الفترات لعقد تحالفات مع شخصيات معتدلة من التيار المحافظ لمواجهة ما يعتبرونه "اللون الأكثر تشددا في التيار المحافظ".

سهام المرشد
ويأتي قرار الإصلاحيين عشية تصريحات للمرشد الأعلى علي خامنئي دافع خلالها عن مجلس صيانة الدستور و"نزاهته ومكانته" ودعا جميع شرائح الشعب إلى المشاركة الكثيفة التي تضمن أمن الجمهورية الإسلامية وتحل مشاكلها، مضيفا أنه قد يكون هناك من لا يُحبّني لكن عليه المشاركة في التصويت إذا كان يحب بلاده إيران.

وتضمنت تصريحات خامنئي انتقادات لاذعة للرئيس حسن روحاني وآخرين -دون تسميتهم- لمهاجمتهم مجلس صيانة الدستور بسبب رفضه أهلية العديد من مرشحي الإصلاحيين، واصفا مهاجمة المجلس وتوجيه الاتهامات إليه بأنه "أسوأ الأعمال" التي تعتبر من "كبائر الذنوب" وتستوجب التوبة.

وانتقد تصريحات بعض الوجوه واتهمها بتهميش الانتخابات عبر الإدلاء بمواقف محبطة تبث روح اليأس لدى شرائح الشعب، مستغربا مواقف "الذين تولوا مناصب عبر الانتخابات لكنهم يشككون فيها" وخاطبهم "عندما تكون الانتخابات لصالحكم فهي صحيحة، لكنها عندما لا تصب في صالحكم فهي باطلة؟".

ووصف المرشد كلام الذين يتحدثون عن "هندسة الانتخابات" بأنه كذب، واعتبرها الانتخابات الأكثر نزاهة على صعيد العالم وحث الذين يتمتعون بمسؤولية مهمة في الحكومة ونواب البرلمان والكتّاب والناشطين في الإعلام الرقمي بأن ينتبهوا لمواقفهم.

وکان الرئيس انتقد أكثر من مرة مجلس صيانة الدستور لاستهدافه الشخصيات الإصلاحية، واتهمه ضمنيا بهندسة الانتخابات، محذرا من أنه لا يمكن إدارة البلاد علی يد تيار سياسي واحد دون مشاركة الآخرين.

كما دعا روحاني إلى إجراء انتخابات تنافسية، وحذر من تحويلها إلى تنصيبات، مؤكدا أنه "لا معنى للانتخابات إذا كان المرشحون من لون واحد".

‪روحاني حذر من هيمنة تيار سياسي على إدارة البلاد‬ (الصحافة الإيرانية)
‪روحاني حذر من هيمنة تيار سياسي على إدارة البلاد‬ (الصحافة الإيرانية)

المحافظون وقرار الإصلاحيين
وبعد حسم الإصلاحيين قرارهم بعدم طرح أي قائمة موحدة في الانتخابات المقبلة، بدأت وسائل إعلام محافِظة نشر تقارير عن تحركات بعض الأحزاب الإصلاحية لتقديم قائمة تحت عنوان "تحالف إصلاحيي العاصمة" وخوض السباق الانتخابي في غياب قائمة المجلس الأعلى لوضع سياسات الجبهة الإصلاحية.

ونشرت وكالتا فارس وتسنيم المقربتان من الحرس الثوري تقارير عن مفاوضات تدور خلف الكواليس بين 12 حزبا إصلاحيا للخروج بقائمة موحدة في العاصمة.

وبينما توقعت الناشطة الإصلاحية شهين دخت مولارودي المساعدة السابقة لشؤون المرأة والأسرة في الرئاسة بألا تشهد الانتخابات المقبلة حضورا شعبيا كثيفا لغياب أصوات بعض شرائح المجتمع فيها، أوضحت أنه كما يبدو لم تعد المشاركة الكبيرة بالانتخابات على سلم مهمة الأوساط الرقابية وهواجسها.

ويرى مراقبون محليون أن قرار مشاركة الإصلاحيين في الظروف الراهنة قد يأتي للحيلولة دون تمكن التيار المنافس من العمل على شطب تيارهم من المشهد السياسي، بعد السيطرة علی أغلبية المقاعد البرلمانية التي من شأنها أن تنسحب نتيجتها علی الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2021.

المصدر : الجزيرة