تركيا وروسيا وإيران.. هل حلت ساعة تضارب المصالح؟

وما رفع من خطورة الموقف، هو تصاعد الخلافات التركية الروسية حول طبيعة الحل العسكري في إدلب، ومستقبل الحل السياسي في عموم سوريا، واعتقاد تركيا الراسخ بأن النظام لا يجرؤ على القيام بأي خطوة عسكرية ضد القوات التركية بدون غطاء أو تغاضٍ روسي.
وقالت وزارة الدفاع التركية اليوم إن خمسة جنود أتراك قتلوا وأصيب تسعة آخرون في قصف لقوات الأسد. من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن جيش بلاده رد بالمثل على الهجوم، مؤكدا أنه مصمم على الاستمرار في عملياته العسكرية بسوريا، وأن من شنوا هذا الهجوم سيدفعون الثمن.
تحول خطير
واعتبر مراقبون أتراك هذه التطورات تحولا خطيرا في قواعد الاشتباك بين القوى العسكرية النافذة في شمالي سوريا المتشابك، وفتحا للباب أمام احتمالات حقيقية لتطور الأمر إلى اشتباك عسكري مباشر وكبير بين تركيا والنظام في ظل تصاعد التوتر وتعقد المعادلات السياسية والعسكرية.
وقال أجون في حديثه للجزيرة نت إنه "من أجل أمنها القومي، وحل الأزمات الإنسانية في المنطقة، وإعطاء الفرصة لاستمرار عملية التسوية السياسية، ردت تركيا بقوة عسكرية كبيرة على هجمات قوات الأسد على قواتها اليوم".
وأكد أن أنقرة ستقدم الدعم العسكري للمعارضة السورية بهدف إجراء تحصينات عسكرية أقوى في إدلب، ولتقليص الفجوة بين جهتي طريق سراب-أريحا.
ويستبعد أجون أن يكون النظام ضرب النقطة العسكرية التركية بمساعدة روسيا، وفي كل الأحوال جاء الرد التركي عنيفا لإيصال رسالة شديدة اللهجة إلى جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة.
ولفت إلى أن تركيا وروسيا وإيران لا ترغب في أي تصعيد بينها، ولكن أنقرة عازمة على اتخاذ تدابير عسكرية إضافية في إدلب لأهميتها الإستراتيجية، وإذا لزم الأمر فلدى تركيا القدرة على تهديد مصالح روسيا في سوريا، وفق أجون.
اتفاق سوتشي
وقال ملا رشيد للجزيرة نت إن "تركيا وروسيا مدركتان لمدى خطورة انخراطهما في حرب وكالة أشد، أو اشتباكات مباشرة، سواء على مصالحهما البينية خارج سوريا، أو داخل الأراضي السورية نفسها".
وأوضح أنهما مدركتان أيضا لما سيحدثه تخلي أي طرف منهما عن التزاماته في الجهة التي يضمنها، فروسيا مدركة أن الفصائل المنضبطة في درع الفرات وغرب حلب نتيجة التفاهمات مع تركيا، ستؤزم تموضعها بسوريا في حال غياب الضامن التركي.
وأضاف الباحث الكردي أنه "لا يمكن تصور الواقع في ظل انهيار توافق المصالح بين الأطراف المتواجدة غربي سوريا، فمنذ العام 2016 ومع محاولات إعادة العلاقات التركية الروسية إلى سابق عهدها، دخل الطرفان في اتفاقات ومشاريع ضخمة جدا تجاوزت الحدود السورية وحتى الإقليمية، وهو ما شاهدناه في محاولة الطرفين وضع حلٍ للمشكلة الليبية".
وأشار إلى أن إيران تحاول الاستفادة من الواقع الذي يرسمه سلاح الطيران الروسي وجيش النظام، دون الضغط المباشر من جهتها على الطرف التركي، تحت الحاجة الإيرانية المصيرية إلى تركيا في ظل الحصار الأميركي الخانق لطهران، وتوتر المجتمعات المحلية في دول المنطقة من الانتشار والسيطرة الإيرانية على الأرض ومراكز صنع القرار في دولهم.
مسار أستانا
ولفت عودة أوغلو في حديثه للجزيرة نت إلى أن التحركات التركية الأخيرة في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وإنشاء نقاط عسكرية على أطراف ستراقب من الجنوب والشمال والشرق بحسب بيان الخارجية التركية، جاءت تطبيقا لما قاله الرئيس أردوغان قبل أيام عن خطوات تركية ميدانية توازي التحركات السياسية، خصوصا في ظل عدم استجابة موسكو إلى مطالب أنقرة ونقضها للاتفاقيات.
وقال إن الوضع في المنطقة (إدلب وريف حلب) وصل إلى مرحلة صعبة بين الطرفين الروسي والتركي، حيث أظهرت الأحداث الميدانية في الأيام الماضية وجود تضارب في المصالح الروسية التركية بسوريا، وكشفت عن خلاف بشأن شكل المنطقة ومستقبلها.
وأشار عودة أوغلو إلى أن المنطقة على أعتاب إعادة صياغة إطار جديد لمسار أستانا بين أنقرة وموسكو من خلال رسم خطوط تماس جديدة، وتأسيس مرحلة جديدة، أبرز ملامحها تغيير تركيا لقواعد الاشتباكات، وعدم التهاون مع أي محاولات من النظام وحتى الروس لتقويض دورها في شمال غربي سوريا.