عرض عسكري في طهران وآخر بمياه الخليج.. أي رسائل ودلالات؟

A naval company drills during the annual military parade in Bandar Abbas, Iran September 22, 2019. ISNA/WANA (West Asia News Agency) via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY.
قوات البحرية بالحرس الثوري والجيش الإيراني أثناء عرض عسكري الأحد قبالة ميناء بندر عباس (رويترز)

الجزيرة نت-طهران

على بعد أكثر من ألف كيلومتر من العرض العسكري في العاصمة طهران، حيث أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني عزمه إطلاق "مبادرة السلام في مضيق هرمز" بالجمعية العامة للأمم المتحدة، شهدت المياه الخليجية المتوترة أصلا عرضا عسكريا للقوات البحرية الإيرانية.

وعرضت قوات البحرية بالحرس الثوري والجيش الإيراني صباح اليوم الأحد قدراتها العسكرية بمناسبة حلول ذكرى الحرب العراقية الإيرانية في المياه الخليجية قبالة ميناء بندر عباس، وقالت إنها تهدف إلى إرسال رسالة سلام وصداقة إلى الدول المجاورة، فضلا عن إظهار استعدادها للدفاع عن حياض الوطن.

من جانبه، أشار الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني إلى أن القوات المسلحة الإيرانية نظمت عرضها العسكري السنوي في "ظروف دقيقة"، لأن البلاد تواجه منذ الأسبوع الماضي اتهامات بالضلوع في الهجمات على منشآت نفطية سعودية.

وجددت إيران اليوم رفضها الاتهامات الأميركية والسعودية على لسان الرئيس روحاني، معتبرا إياها "تكرارا لأكاذيب سابقة"، وقال "إننا نمد يد الصداقة والأخوة إلى جميع الجيران"، مؤكدا استعداد طهران للتغاضي عن أخطاء الماضي.

‪من العرض العسكري اليوم الأحد في طهران‬  (الأناضول)
‪من العرض العسكري اليوم الأحد في طهران‬  (الأناضول)

احتمالات حرب
وأوضح أصلاني في حديثه للجزيرة نت أن إصرار أميركا والسعودية على اتهام إيران بمهاجمة منشآت شركة أرامكو النفطية يزيد من احتمالات نشوب الحرب في المنطقة، وهو ما يلزم طهران بالتجهيز لمثل هذه التهديدات، مؤكدا أن العرض العسكري في ربوع البلاد يصب في هذا الاتجاه.

وأكد أن الاستعداد لاحتمالات الحرب لا يعني بالضرورة نشوبها، وعبر عن اعتقاده بأن الحرب ليست من مصلحة أميركا والسعودية، مشيرا إلی أن الرياض دخلت حرب اليمن قبل خمس سنوات لحسمها خلال فترة وجيزة لصالحها، لكنها تورطت في مستنقعها ولم يعد الخروج منه أمرا سهلا.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن ما عرضته إيران هذا اليوم في العرض العسكري السنوي لا سيما في المياه الخليجية، يحذر الأعداء من الوقوع في المستنقع الإيراني الذي لا شك في أن التوغل فيه أمر مكلف للغاية.

رسائل لأميركا
وأضاف الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية أن المناورات البحرية والعروض العسكرية الإيرانية تأتي بعد أيام من الرسائل الإيرانية الواضحة التي حذرت أميركا من مغبة ارتكاب أي حماقة بشن حرب، مؤكدا استحالة إنهاء أي حرب تشن على إيران إلا وفق إرادة الأخيرة.

ورأى أصلاني أن المناورات البحرية الإيرانية في المياه الخليجية تثبت جدية طهران في الرد على أي مغامرة واستعدادها لترجمة تهديداتها المضادة إلى أفعال، كما تؤكد عزمها المضي بقوة في الحضور بمياه المنطقة الخلجية.

وأوضح أن ما تعرضه إيران في مناوراتها البحرية يمثل جانبا من قدراتها البحرية التي تعول عليها في الرد على أي حرب محتملة قد تشن عليها، وأن المياه الخليجية أحد خيارات طهران للرد عبرها على أعدائها.

فلاح بور: طهران قادرة على لعب دور إيجابي في إحلال نظام عالمي حديث (الجزيرة)
فلاح بور: طهران قادرة على لعب دور إيجابي في إحلال نظام عالمي حديث (الجزيرة)

ورقتا ضغط
من ناحيته، رأى الباحث في الشؤون السياسية سياوش فلاح بور أن القدرات العسكرية والنفوذ الإقليمي أهم ورقتي ضغط بيد القيادة الإيرانية لإدارة التوترات، ومنها برنامجها النووي.

وأكد فلاح بور في حديث للجزيرة نت أن إيران تنوي إرسال عدة رسائل عبر استعراض قدراتها العسكرية للجانب الغربي، مضيفا أن قدرات الجمهورية الإسلامية بلغت مستويات متطورة فرضت التعامل على الأطراف المقابلة بدلا من الإملاءات التي دأبت عليها سابقا.

وأوضح أن طهران لم تعد تقبل بالتعاملات التقليدية للقوى الكبرى مع دول الشرق الأوسط، عازيا سبب الخروج الأميركي من الاتفاق النووي إلى رغبة الإدارة الأميركية الحالية في إعادة إيران إلى مرحلة ما قبل الاتفاق، وهو ما ترفضه طهران.

وعن تزامن العرض العسكري الإيراني في المياه الخليجية مع الاتهامات الأميركية والسعودية بوقوف طهران وراء استهداف منشآت أرامكو، قال فلاح بور إن المناورات البحرية تحمل رسالة واضحة للدول الغربية -لا سيما أميركا- مفادها أن إيران جاهزة لشتى السيناريوهات العسكرية.

عهد جديد بالمنطقة
ورأى الباحث السياسي أن إيران تأخذ التهديدات بشن حرب عليها على محمل الجد، وذلك رغم أن ترامب أثبت أنه يفضل الضغوط الاقتصادية على العمليات العسكرية، مؤكدا أنه لا يمكن إنكار الحقيقة وهي أن بعض التيارات السياسية المتنفذة في واشنطن لا تزال تحرض على العمل العسكري ضد إيران.

وجدد فلاح بور تأكيدَ المسؤولين الإيرانيين عزمهم الدفاع عن مصالح شعبهم، مضيفا أن عقيدة أوساط اتخاذ القرار في إيران تؤمن بأن عهد الهيمنة الأميركية المطلقة في الشرق الأوسط قد ولى، وأن طهران قادرة على لعب دور إيجابي في إحلال نظام عالمي حديث، معتبرا الأزمات الإقليمية الراهنة تمهد لإنجاب النظام العالمي الجديد.

ورأى أن نفوذ أميركا في الشرق الأوسط سيتقلص إلى حد بعيد في النظام العالمي الجديد مقارنة مع العقود الأربعة الماضية، موضحا أن هذه الرؤية تنطلق من إستراتيجية إيران حيال التطورات الراهنة في المنطقة.

وعرضت إيران مجموعة من منجزاتها العسكرية وسط تحليق لمقاتلات القوة الجوية والمروحيات في سماء الاستعراض بالعاصمة طهران، بينما توعد عدد من قادتها العسكريين علی هامش العرض العسكري بالتصدي لأي هجوم على بلادهم.

المصدر : الجزيرة