إضراب الأسرى.. جولة جديدة للمقاومة بالأمعاء الخاوية

فايزة أبو القمبز تخشى الموت قبل معانقة ابنها ماجد للحرية
فايزة أبو القمبز تخشى الموت قبل معانقة ابنها ماجد للحرية (الجزيرة)

رائد موسى-غزة

تتملك فرحانة العطار حالة من القلق الشديد على زوجها الأسير حسام، المضرب عن الطعام برفقة 140 أسيرا من زملائه في سجون الاحتلال الإسرائيلي، احتجاجا على تنصل مصلحة السجون من التزاماتها بموجب اتفاق "الكرامة 2" والمتعلقة بإزالة أجهزة التشويش، وتفعيل الهواتف العمومية، ووقف العزل الانفرادي والاعتقال الإداري.

وشرع حسام العطار (34 عاما) وعدد من الأسرى منذ الثلاثاء الماضي في إضراب مفتوح عن الطعام، قبل أن تتسع دائرة الإضراب، إثر فشل ثلاثة أيام من المفاوضات بين قيادة الحركة الأسيرة ومصلحة سجون الاحتلال في التوصل إلى اتفاق.

وتعيش فرحانة (28 عاما) قلقا مضاعفا على حياة زوجها حسام، الذي يعاني أمراضا عدة في العظام والمعدة وصداع دائم في الرأس، وتخشى عليه من التأثيرات السلبية للإضراب المفتوح عن الطعام.

وقالت فرحانة، للجزيرة نت، إن زوجها حسام الذي اعتقلته قوات الاحتلال بعد أربعة أشهر فقط من زواجهما في العام 2009، يقضي حكما بالسجن 18 عاما بتهمة الانتماء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتمنع سلطات الاحتلال فرحانة وجميع أسرى "حماس" في غزة من زيارة أسراهم في السجون منذ العام 2014.

ورغم قلق فرحانة على زوجها، فإنها تتمنى أن ينجح الإضراب في انتزاع الأسرى لحقوقهم المشروعة، وقالت "إن الأسرى الذين يعانون ظروفا مأساوية داخل سجون الاحتلال لم يتبق أمامهم سوى الإضراب لمواجهة سياسات الاحتلال العدائية ضدهم، والضغوط الشديدة التي تمارسها عليهم، والتي وصلت إلى حد حرمانهم من أبسط مقومات الحياة البسيطة".

ولفرحانة تجارب مريرة مع إجراءات الاحتلال التعسفية، حيث رفضت سلطات الاحتلال طلب زوجها بتوفير "فراش طبي" من ماله الخاص بسبب آلامه الشديدة الناجمة عن الغضروف وآلام العظام، إضافة إلى منعها إدخال ملابس شخصية له.


تجربة مريرة
ولا يختلف حال السبعينية فايزة أبو القمبز عن فرحانة، حيث تعيش قلقا كبيرا على نجلها الأسير ماجد، القابع في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 عاما.

لم تر فايزة التي تجاوزت السبعين من عمرها، ابنها ماجد (42 عاما) المحكوم بالسجن 19 عاما، منذ نحو ثلاثة أعوام، وتخشى أن توافيها المنية قبل أن تتمكن من رؤيته واحتضانه.

وتقول للجزيرة نت إن ماجد شارك الأسرى في إضراب "الكرامة 1" في العام 2012، الذي انتزع خلاله الأسرى حق الزيارة، وتمكنت بفضله من زيارته لأول مرة منذ اعتقاله، متمنية أن ينجح الأسرى في إضرابهم الحالي في انتزاع حقوقهم، وتحسين أوضاعهم داخل السجون، واستئناف برنامج الزيارات لأهالي الأسرى في غزة.

وصمتت للحظات، قبل أن تقول بمرارة "قلبي يتمزق على ماجد وإخوته الأسرى، إنهم يقضون زهرة شبابهم في السجون، وتغزو الأمراض أجسادهم، وليس أمامهم سوى الدفاع عن حياتهم بكل السبل، وهم يحتاجون في الوقت نفسه أن ينتفض الشارع الفلسطيني نصرة لهم".

أهداف مختلفة
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، للجزيرة نت، إن الأسرى يخوضون الإضراب لأهداف مختلفة تتعلق بتحسين ظروف الاعتقال داخل السجون.

وذكر أن ستة أسرى يضربون عن الطعام منذ حوالي 68 يوما، رفضا لسياسة الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، ويضرب أسير واحد رفضا لسياسة العزل الانفرادي، ويضرب آخر احتجاجا على وضعه الصحي، في حين يضرب العشرات من الأسرى لإجبار إسرائيل على الإيفاء بالتزاماتها التي تضمنها اتفاق إضراب "الكرامة 2″، وأهمها إزالة أجهزة التشويش، وتفعيل الهواتف العمومية، ووقف العزل الانفرادي.

وقال أبو بكر إن إسرائيل تستخدم الأسرى كورقة انتخابية، متوقعا أنه في حال لم تستجب لمطالب الأسرى العادلة، فإن الأوضاع داخل السجون مرشحة للتصاعد، وربما الانفجار.

وبحسب الهيئة، تعتقل سلطات الاحتلال في سجونها زهاء 6500 أسيرا، بينهم نساء وأطفال ومرضى، يقبعون في ظل ظروف بالغة القسوة والسوء.

وقال المسؤول في "جمعية واعد للأسرى والمحررين" منتصر الناعوق، للجزيرة نت، إن قيادة الحركة الأسيرة قررت خوض "إضراب تصاعدي"، بدأ بعدد محدود من نخبة الأسرى في سجنين اثنين من بين 27 سجنا ومعتقلا.

‪أسامة مرتجى: الإضراب يترك آثاره الخطيرة على أجساد الأسرى‬ (الجزيرة)
‪أسامة مرتجى: الإضراب يترك آثاره الخطيرة على أجساد الأسرى‬ (الجزيرة)

وأوضح أن من بين الأسرى المضربين، أربعة أسرى، يخوضون إضرابا أصعب وأشد بقسوة بالامتناع عن شرب الماء منذ الخميس الماضي.

وحذر الناعوق من خطر حقيقي يتهدد حياة الأسرى المضربين، خصوصا المرضى، داعيا إلى تحرك شعبي ميداني في الضفة الغربية وقطاع غزة لدعم وإسناد الأسرى في معركتهم النضالية.

وقال الباحث المختص في شؤون الأسرى أسامة مرتجى، للجزيرة نت، إن الإضراب هو الوسيلة الأخيرة التي يلجأ إليها الأسرى، حيث يقاومون الاحتلال بأمعائهم الخاوية لانتزاع حقوقهم.

وأكد أن هذه الإضرابات، خصوصا تلك التي تستمر لفترات طويلة، تترك آثارها الخطيرة على أجساد الأسرى، مما يستدعى سرعة التحرك الرسمي والشعبي من أجل تحقيق الأسرى انتصارا سريعا.

المصدر : الجزيرة