العقوبات الأميركية على ظريف.. كيف قوبلت في إيران؟

U.S. National Security Adviser John Bolton holds a Business Insider article about Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif as he gives an interview to Fox News outside of the White House in Washington, U.S. July 31, 2019. REUTERS/Leah Millis
جون بولتون مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي يتصفح أمس تقريرا صحفيا عن ظريف (رويترز)

الجزيرة نت-طهران

قال محللون في إيران إن العقوبات الأميركية على وزير خارجية بلادهم محمد جواد ظريف خيبت آمال إنقاذ الاتفاق النووي، وإن طهران أضحت على وشك اتخاذ الخطوة الثالثة في خفض تعهداتها بالاتفاق.

وبعد شهر من إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بفرض عقوبات "مشددة" على رأس هرم السلطة في إيران المرشد الأعلى علي خامنئي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزير خارجيته محمد جواد ظريف.

وأصدرت الخزانة الأميركية في 24 يونيو/حزيران الماضي عقوبات على المرشد الأعلى وثمانية من كبار قادة الحرس الثوري، عقب تراجع ترامب في اللحظات الأخيرة عن توجيه ضربة عسكرية لإيران ردًّا على إسقاطها طائرة استطلاع أميركية، في حين أجلت واشنطن حينها فرض العقوبات على ظريف.

وقلل ظريف من أهمية العقوبات الأميركية وتأثيرها عليه وعلى عائلته "لأنه لا أملاك أو مصالح" لهم خارج البلاد، وذلك تعليقا على ما قالت أميركا إن العقوبات على ظريف تشمل تجميد أصوله لديها ومعاقبة من يدعمه ماليا.

ويرى مراقبون في إيران أن العقوبات على ظريف تسد الطريق نهائيا أمام السبل الدبلوماسية للخروج من الأزمة التي تتراوح بين التصعيد تارة وخفض التوتر تارة أخرى، وأنها لا تبشر بتغير في تعامل إدارة ترامب مع طهران.

عقوبات وغطرسة
وفي السياق، قال السياسي الإيراني أمين عام حزب "سبز" حسين كنعاني مقدم إن هذه العقوبات "تدل على فشل السياسة الأميركية"، و"تتعارض مع حقوق الإنسان والقوانين الدولية وحرية التعبير"، و"تستهدف العلاقات الدبلوماسية والمواثيق الدولية".

‪ظريف خلال اجتماع الشهر الماضي في كراكاس‬  (رويترز)
‪ظريف خلال اجتماع الشهر الماضي في كراكاس‬  (رويترز)

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف أن أميركا لا تريد للمنطق أن يسود، بل لا تريد تحقيق مبدأ الحوار، وإنما تسعى حثيثا للغطرسة وفرض العقوبات، وقلل من أهميتها لأن العالم أصبح قرية كونية لا يمكن لأميركا أن تحبس الكلمة فيها، وأن وسائل الإعلام العالمية أصبحت جزءا من الدبلوماسية الإيرانية، في مقابل أميركا التي تريد تقويض الدبلوماسية الإيرانية.

وأشار السياسي الإيراني إلى ازدواجية البيت الأبيض حول رغبته في التفاوض مع طهران، في حين يفرض عقوبات على رئيس الجهاز الدبلوماسي الإيراني، واصفا الخطوة الأميركية بأنها "حرب نفسية"، و"ذر رماد في العيون".

وأكد أن أميركا أغلقت نافذة الدبلوماسية والتفاوض مع إيران بفرضها عقوبات على ظريف، مضيفا أن العقوبات الأخيرة ناتجة عن قناعة ترامب بأن طهران نجحت في المفاوضات النووية على حساب سلفه باراك أوباما.

وعبر كنعاني مقدم عن اعتقاده بأن الآمال حول إنقاذ الاتفاق النووي ذهبت أدراج الرياح بعد فرض العقوبات على ظريف، وأننا أمام اتخاذ طهران الخطوة الثالثة في خفض تعهداتها بالاتفاق، وهي خطوة غير قابلة للتراجع، مما يعني احتمال "عدم عودة إيران عن خطواتها حتى لو تم تفعيل آلية إنستكس الأوروبية للمبادلات المالية".

نفد صبرهم
من جهته، أشار الباحث روزبه علمداري إلى أن سبب العقوبات الأميركية على ظريف هو أنه المتحدث الرئيسي باسم إيران على مستوى العالم، مما أدى إلى نفاد صبر قادة أميركا وأرغمهم على استخدام منطق الغطرسة على مرأى ومسمع العالم.

وأوضح أن فريق "باء" يزعم بأنه وجه أقوى عملية نفسية للتأثير على صناعة القرار الإيراني وإبعاد طهران عن العقلانية، مضيفا أن الفريق يسعى لإضعاف نهج العقلانية والمنطق في إيران ووضعها أمام خياري: "الحرب أو المفاوضات".

ورأى علمداري أن القائمين على فرض العقوبات على ظريف يعولون على اشتعال الحروب في ظل تقويض الدبلوماسية الإيرانية، وأضاف أنه "إذا كانت الجمهورية الإسلامية تتجنب المفاوضات في الظروف الراهنة، فإنها ترفض كذلك خيار الحرب".

وأكد الباحث أن إيران تريد من برنامجها الصاروخي خلق توازن ردعى وتقوية أمنها وأمن المنطقة، موضحا أن دول فريق الباءات الأربع تسعى للغطرسة وقتل الأبرياء، مما أسهم في انعدام الأمن بالشرق الأوسط.

ويقصد بالباءات الأربع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجون بولتون مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

واعتبر علمداري أن السياسة الأميركية الراهنة تبعد ترامب أكثر فأكثر عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران، وهي ناتجة عن عجز الأميركيين عن فهم أبسط الحقائق الموجودة في الداخل الإيراني.

وتأتي العقوبات الأميركية على وزير خارجية إيران بعيد الامتعاض الأميركي من زيارة ظريف الأخيرة إلى نيويورك، وإجرائه مقابلات مع وسائل إعلام أميركية، وهو ما عجز عن تحقيقه مايك بومبيو، حيث اصطدم طلبه للتحدث لوسائل الإعلام في طهران برفض الجانب الإيراني.

تفاعل وتغريدات
وتفاعل الإيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم استهداف العقوبات الأميركية وزير خارجيتهم، حيث غرد أستاذ القانون الدولي رضا نصري على تويتر "تم تسجيل وثيقة حقد أميركا وضغينتها من ظريف في التاريخ".

‪ظريف يتحدث خلال مؤتمر في روما قبل سنتين‬ (الأناضول)
‪ظريف يتحدث خلال مؤتمر في روما قبل سنتين‬ (الأناضول)

من ناحيته، اعتبر المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس كدخدائي العقوبات الأميركية ناتجة عن خشية الأخيرة من "الكلمة"، وليس من "الصواريخ" فحسب.

وجاء في تغريدة كدخدائي، أن "العقوبات على ظريف تعني كذب كل تصريحات ترامب ومسؤولي إدارته للحوار والتفاوض (مع إيران)، وأيضا كذبة حرية التعبير التي تتشدق بها أميركا"، واصفا العقوبات على وزير خارجية إيران "بانهيار تمثال الحرية".

وأعاد الإيرانيون نشر مقولة ظريف "أشكركم لأنكم تعتبرونني تهديدا كبيرا أمام أهدافكم" في صفحاتهم، ووصفوها ردا ذكيا من قائد الدبلوماسية الإيرانية، وتعبيرا عن استهزائه بالعقوبات الأميركية.

المصدر : الجزيرة