انتخابات إندونيسيا.. معركة فرز الأصوات تلهبها تكنولوجيا المعلومات
ما زالت الأجواء السياسية تعيش حالة من الترقب الحذر والانقسام المجتمعي بين فريق مؤيد للرئيس الحالي جوكو ويدودو ويؤمن بفوزه في الانتخابات التي أجريت في 17 أبريل/نيسان الجاري، وفريق آخر مؤيد للمرشح المعارض برابوو سوبيانتو الذي أعلن مرارا خلال الأيام الماضية فوزه في الانتخابات، وثقته بما لديه من بيانات تؤكد ذلك، بل ورفضه أي وساطات تحاول ثنيه عن موقفه حتى الآن.
وبدأت الأصوات تتعالى بين مؤيدي المعارضة بتوجيه النقد لمفوضية الانتخابات والحديث عن محاولات تلاعب أو تزوير، أو أخطاء وقعت في كثير من مراكز الاقتراع.
وقد أظهرت تحقيقات أولية لهيئة مراقبة الانتخابات وتحالف المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات وقوع آلاف الأخطاء، وحالات من عدم حياد موظفي اللجان الانتخابية تؤكدها تسجيلات مصورة لمواطنين متداولة في وسائل التواصل الاجتماعي، لما اعتبروها مخالفات في مراكز الاقتراع وما بعد يوم الاقتراع.
ودخلت عملية فرز أصوات نحو 155 مليون ناخب إندونيسي أدلوا بأصواتهم -من مجموع 193 مليون شخص مسجلين في قوائم الناخبين- أسبوعها الثاني، وقد تستمر شهرا آخر.
وينتقل الفرز والإحصاء بعد أيام لمستوى المحافظات والمدن، ثم إلى مستوى الأقاليم الـ34، قبل مواءمة ذلك وجمعه في المقر الرئيسي لمفوضية الانتخابات في جاكرتا.
والعد السريع غير الرسمي عبارة عن نتيجة لأصوات الناخبين في بضعة آلاف مركز اقتراع منتشرة في كل الأقاليم، وهو ما اعتبرته المعارضة الإندونيسية تسويقا لفكرة فوز مرشح معين، ثم مواءمة ذلك مع ما سيعلن عنه من نتائج رسمية في نهاية عملية الفرز، كما يقول رئيس الفريق التقني لتحالف المعارضة أغوس معصوم خلال مشاركته في ندوة عن الانتخابات بجاكرتا.
ومن اللافت أن الأغلبية الساحقة من مراكز الاستطلاع تعتمد على القنوات التلفزيونية في بث نتائجها، ونسبة من تلك القنوات تعود ملكيتها لساسة من التحالف الحاكم.
وقد أظهرت النتائج منذ اليوم الأول تقدم الرئيس جوكوي وحزبه وفوزه بما يتراوح بين 52 و55%، ما أثار حفيظة التحالف المعارض الذي يقول أعضاء فريقه التقني إن ما لديهم من معلومات وبيانات مراكز الاقتراع تشير إلى تقدم مرشحهم برابوو بأكثر من 60%، لكن لا يعرف إن كانت تلك البيانات أو الأدلة ستكفي لإثبات دعواهم في المحكمة الدستورية أواخر الشهر المقبل.
ويرى معصوم أنه من الغريب أن تتم مواءمة نتائج العد السريع لمراكز استطلاع الرأي مع النتائج النهائية بشكل لافت، لكن التحالف الحاكم والرئيس جوكوي بنفسه دافع عن مصداقية مراكز استطلاع الرأي هذه وكفاءتها في انتخابات كثيرة سابقة ومطابقة نتائجها مع النتائج الرسمية النهائية بنسبة 99%.
الحكومة تدافع عن المفوضية
تطبيق "هيا نحمي مراكز اقتراعنا"
التطبيق الذي يمكن رفعه كأي تطبيق للهواتف المحمولة يسمح للناخب بأن يسجل نفسه من خلال تدوين رقم هويته وهاتفه وبريده الإلكتروني مع تحميل بطاقته الشخصية، ويحق لكل مشترك ناخب -وهو بحد ذاته شاهد على المركز الاقتراع القريب من محل إقامته- أن يحمل نتيجة مركز اقتراع واحد فقط، وفور تسجيله تظهر منظومة التطبيق مركز الاقتراع المسجل فيه توثيقا لمكان إقامته واسمه، فإن تطابقت المعلومات سمح له برفع نتيجة فرز الأصوات قرب منزله.
ويعد هذا التطبيق -في ظل الجدل والحرب المعلوماتية والإعلامية الساخنة بين تحالف المعارضة وتحالف الحكومة- الأكثر تميزا، وقد اشترك في التطبيق أو حمّله نحو نصف مليون شخص حتى الآن، ما يجعله من أهم التطبيقات الإلكترونية الانتخابية في البلاد.
ويقول مؤسس التطبيق ورئيس فريق عمله محمد جيمس فلاح الدين في حديث للجزيرة نت إن هدف التطبيق هو السماح لأفراد المجتمع بالمشاركة من أجل انتخابات مسؤولة وشفافة، مشيرا إلى أن التطبيق يختلف عن مراكز الاستطلاع والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الإحصائية التي تختار بنفسها نتائج مراكز معينة أو عشوائيا للخروج بنتيجة سريعة.
ولأن هذ التطبيق يعتمد مبدأ الجمع الجماهيري للبيانات، وهي إثبات قانوني لفوز أحد المرشحين للرئاسة، فإن مزودات هذا التطبيق واجهت سيلا من هجمات الهاكرز ومحاولات الاختراق حسب قول فلاح الدين "مئات الآلاف من الحواسيب ظلت تهاجمنا، لم يحدث في إندونيسيا أن هوجم موقع أو تطبيق بهذا الزخم والإغراق والاستمرار، والمهاجمون من عشرين دولة، ومن خلال 283 ألف عنوان "آي بي"، وانهار موقعنا لبعض الساعات، لكن الهجمات ظلت تتصاعد، فقمنا بالاستجابة لهذا التحدي، وأحيينا التطبيق".