إخفاقات على جبهات "الشرعية" باليمن.. ما أسبابها؟

محمد عبد الملك - أفراد المقاومة في مدينة البيضاء يقاتلون الحوثيون منذ أربع سنوات - الجزيرة نت - انكسارات متواصلة في جبهات الشرعية باليمن .. والتحالف يتفرج؟

بعد قرابة شهر من سقوط العديد من مناطق حجور في محافظة حجة شمالي اليمن بأيدي جماعة الحوثي، تمكنت الأخيرة أيضا من فرض السيطرة على عدد من المواقع الإستراتيجية التي ظلت لأكثر من أربع سنوات عصية عليها. 

وخلال الأيام القليلة الماضية، سيطر الحوثيون على مديرية ذي ناعم في محافظة البيضاء ومنطقة العود في محافظة إب (وسط). وحدث ذلك بشكل مفاجئ دون أن يتحرك طيران التحالف السعودي الإماراتي لمساندة قوات الجيش والمقاومة وتجاهل كل النداءات التي وجهت له، وفقا لما أكدته مصادر عسكرية للجزيرة نت. 

وبحثا عن الأسباب الخفية التي ساعدت الحوثيين في إحراز كل هذا التقدم، تواصلت الجزيرة نت مع قادة في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية -طلبوا التحفظ عن ذكر هوياتهم- أكدوا أن السبب الرئيسي يعود لخذلان التحالف في دعم القوات المرابطة في تلك المواقع.

وحسب هذه المصادر، فإن الحوثيين عملوا لأكثر من شهرين على حشد التعزيزات العسكرية (مقاتلين ودبابات وأسلحة ثقيلة) وتمكنوا من السيطرة على جبل حلموس، وهو أحد المواقع الإستراتيجية في مديرية ذي ناعم بالبيضاء.

‪خلال الأيام الماضية استعاد الحوثيون عددا من المواقع الإستراتيجية في إب والبيضاء‬  (الجزيرة)
‪خلال الأيام الماضية استعاد الحوثيون عددا من المواقع الإستراتيجية في إب والبيضاء‬  (الجزيرة)

ورغم محاولات رجال القبائل والمقاومة الشعبية صدّ هجمات الحوثيين لأكثر من أربعة أيام، فإنهم لم يصمدوا طويلا نتيجة ضعف الإمكانات وخذلان قوات التحالف السعودي الإماراتي.

عدم تجاوب
واحتجاجا على ذلك الخذلان، أعلن المدير العام لشرطة محافظة البيضاء العميد أحمد الحميقاني عن تقديم استقالته، وأكد في نص بيان استقالته أن هناك تجاهلا كبيرا للمقاومة بالمدينة.

وقال إن التجاهل بدأ من عدم دمج الشرطة في الجيش الوطني وعدم توفير احتياجاتها الأساسية، وكذلك عدم التجاوب مع البرقيات التي يرسلونها إلى قادة الجيش وإطلاعهم على خطورة الوضع الحاصل.

وأدت الأسباب ذاتها إلى سقوط منطقة العود بمحافظة إب، وفقا للمصادر التي أكدت أن خيانات بعض القياديين العسكريين من أبناء المنطقة -الذين كانوا يقودون هذه الجبهة والمحسوبون على الجيش الوطني- تبين في النهاية أنها تمهّد للحوثيين من أجل السيطرة على المنطقة. 

وطبقا لمصادر الجزيرة نت، فقد عمل الكثير من الضباط التابعين لأولئك القادة على تسليم القرى والمواقع للحوثيين والتنسيق الكامل معهم بعد أن تم تشكيل كتائب وهمية واستغلال الأموال التي تصل من الحكومة الشرعية كدعم للجيش الوطني، وفي نهاية المطاف تكشّف للجميع أنها تذهب للحوثيين.

قوة الحوثيين
ولتفنيد مجمل هذه التطورات، قال الخبير العسكري اليمني علي الذهب إن الحوثيين باشروا عملياتهم في مناطق الوسط (إب والضالع والبيضاء) للتأثير على وضع جبهات المناطق الساحلية (جنوب وغرب)، واتخذوا قرار الحسم في تلك المدن للضغط وإجبار قوات مناطق الساحل على الانسحاب وإحداث فجوة هناك. 

ويضيف الذهب للجزيرة نت أن الحوثيين يرون أن النصر سيكون حليفهم إذا تمكنوا من استخدام هذا المخطط وتركيز عملياتهم في المناطق الوسطى وإحداث خروق فيها، لاعتقادهم أنه بعد ذلك لن تكون هناك ردة فعل قوية، خصوصا بعد انسحاب القوات من الساحل.

ويرى الخبير العسكري أن مصدر قرار الحوثيين يعتبر مستقلا وقادتهم موحدون وليس هناك تأثير عليهم، بخلاف الحكومة الشرعية والمنقسمة حول نفسها سواء في وجودها على الأرض أو حتى باتخاذ القرار نفسه.

ويشير الذهب إلى أن التحالف مهيمن على القرار العسكري وسبق أن أقر وزير الدفاع اليمني محمد علي المقدشي بذلك وقال إنهم لا يتخذون أي قرارات إلا بموجب التنسيق مع التحالف. 

ويرى أن أبرز ما ساعد الحوثيين على استعادة تلك المواقع مؤخرا هو خبرتهم القتالية في المناطق الجبلية مقارنة بالقوات الجنوبية الأخرى المدعومة من الإمارات، والتي استطاعت أن تحقق نجاحا في المناطق الساحلية فقط وفشلت في بقية المناطق، وبذلك يعمل الحوثيون على تنفيذ التكتيكات الخاصة بهم واستمالة السكان كما حدث في حجور. 

ويعتبر الخبير أن المدن الواقعة وسط اليمن تعد مناطق ذات نفوذ للحوثيين، كما أن هناك تكتلات وخذلانا من قبل الحكومة الشرعية الهشة التي تتوسع الاختلالات في صفوفها يوما بعد آخر.

هذا إضافة للقوات الخارجة عن سيطرتها من المجلس الانتقالي الجنوبي التي تبدي نوايا الانفصال، وهو ما يجعل الحوثيين يظهرون على أنهم أكثر حفاظا على الوحدة ويدفع بالسكان المحليين للقبول بهم، حسب الذهب.

طبيعية ومحتملة
من جهته، يرى المحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع أن الإخفاقات العسكرية طبيعية ومحتملة في ظل الأوضاع التي تشهدها اليمني.

ويتوقع المودع أن تستمر الفوضى في البلاد طالما استمر نهج التحالف بالعبث بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الحرب حيث يبدو الحوثيون الطرف الأقوى، في حين أصبحت السلطة الشرعية أكبر الأطراف الخاسرة.

ويضيف المودع للجزيرة نت "هناك مشكلة رئيسية ترافقت مع عملية التدخل تمثلت في غياب الأهداف الحقيقية للسعودية والإمارات وهل هي منسجمة أم أنها مختلفة؟".

ويتابع المتحدث ذاته أن "الهدف المعلن المتمثل في استعادة الشرعية يتناقض اليوم مع الكثير مما تم العمل به على الأرض من ذلك رعاية وتشجيع المشروع الانفصالي في الجنوب وإنشاء قوات انفصالية وجهوية في أكثر من منطقة". 

المصدر : الجزيرة