ردا على السلطة والاحتلال.. حماس تستعيد "الأدوات الخشنة"

A demonstrator holds a Palestinian flag during a protest calling for lifting the Israeli blockade on Gaza, at the sea near the maritime border with Israel, in the northern Gaza Strip September 17, 2018. REUTERS/Mohammed Salem
فلسطيني قرب الحدود البحرية لقطاع غزة مع الاحتلال خلال احتجاجات مطالبة برفع الحصار (رويترز-أرشيف)

رائد موسى-غزة

كشفت مصادر فلسطينية للجزيرة نت أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تهدف من وراء استئناف فعاليات الإرباك الليلي والمسير البحري، وما يطلق عليها "الأدوات الخشنة" لمسيرات العودة وكسر الحصار، إلى إعادة تصويب "البوصلة تجاه محاصري غزة، وإفشال مخطط السلطة الفلسطينية لزعزعة الأمن والاستقرار".

وقالت المصادر -مفضلة عدم الكشف عن هويتها- إن قرار حماس استئناف هذه الفعاليات يأتي ردا على السلطة والاحتلال في آن واحد، فالسلطة التي تفرض عقوبات على قطاع غزة منذ نحو عامين أرادت استغلال حاجة الناس والظروف الصعبة واستباق أي اتفاق تهدئة بخلق "فتنة داخلية"، فيما تحاول إسرائيل كسب الوقت والتنصل من التزامات وتفاهمات التهدئة.

وعلمت الجزيرة نت من المصادر ذاتها أن الوفد الأمني المصري، الذي يقود المباحثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل للتوصل إلى تهدئة، من المتوقع أن يزور غزة خلال الأيام المقبلة،لإيصال رسالة إلى حماس بأن إسرائيل لا يمكنها الالتزام بكل ما تضمنته ورقة مطالبها لإنجاز اتفاق التهدئة.

وأوضحت المصادر أن إسرائيل تحاول أن تنتزع من حماس اتفاقا لا يمكن للحركة أن تتفاخر به، وفي الوقت نفسه لا يؤثر في نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من الشهر المقبل.

وتابعت أن إسرائيل تريد ضمان الهدوء على الحدود، مقابل تسهيلات إنسانية بسيطة تتعلق بزيادة مساحة الصيد والسماح بتصدير منتجات زراعية وإدخال الأموال القطرية لصالح الأسر الفقيرة.

‪محتجون فلسطينيون قرب الحدود البحرية لإسرائيل مع قطاع غزة‬  (رويترز-أرشيف)
‪محتجون فلسطينيون قرب الحدود البحرية لإسرائيل مع قطاع غزة‬  (رويترز-أرشيف)

وقالت المصادر إن إسرائيل تعتقد أن حماس في حالة ضعف إثر الاحتجاجات التي شهدها قطاع غزة خلال الأيام الماضية، وقد يدفعها ذلك إلى القبول بما يعرض عليها، لإعادة الهدوء إلى الشارع، لكن الحركة لم تنتظر طويلا في الرد عبر إعلانها استئناف فعاليات الإرباك الليلي والمسير البحري، التي أوقفتها لثلاثة أسابيع، لمنح الوفد المصري الفرصة للنجاح في مهمته.

معالجات حقيقية
وتتمسك حماس بضرورة أن يتضمن اتفاق التهدئة "معالجات" حقيقية لعدد من الملفات المهمة التي تسببت في تدهور أوضاع غزة.

وأبرز هذه المعالجات، انسيابية الحركة التجارية على معبر كرم أبو سالم -المعبر التجاري الوحيد مع القطاع- وضمان تدفق الأموال القطرية والمساعدات الأخرى من دون عرقلة أو ابتزاز إسرائيلي، بالإضافة إلى زيادة مساحة الصيد من ستة أميال حاليا إلى خمسة عشر ميلا، والتخفيف من أزمة الكهرباء، ومشاريع لتشغيل الشباب.

وشهدت الليلتان الماضيتان كثافة في فعاليات وحدات الإرباك الليلي وبشكل متزامن في كل مدن القطاع على امتداد السياج الأمني مع إسرائيل، على عكس ما هو معتاد بأن تتركز هذه الفعاليات بمدينة واحدة في كل ليلة.

وتميزت الفعاليات بكثافة أعداد المشاركين الذين فجّروا القنابل والعبوات الناسفة، وأشعلوا النار في إطارات السيارات، وأطلقوا صافرات عبر مكبرات الصوت، بهدف إرباك قوات الاحتلال واستنزافها، وإثارة قلق المستوطنين في "مستوطنات غلاف غزة".

وقالت "الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار"، إن الهدف من استئناف الإرباك الليلي إيصال رسالة للعدو بأن المسيرات مستمرة وأن الحصار يجب أن يرفع عن غزة.

مسير بحري
وتزامنا مع ذلك، أطلق "الحراك الوطني لكسر الحصار" -بعد ظهر أمس الثلاثاء- المسير البحري رقم (25)، ويحمل عنوان "غزة ستنتصر على محاصريها".

‪محتجون قرب حدود غزة مع إسرائيل خلال مظاهرات مطالبة برفع الحصار عن القطاع‬  (رويترز-أرشيف)
‪محتجون قرب حدود غزة مع إسرائيل خلال مظاهرات مطالبة برفع الحصار عن القطاع‬  (رويترز-أرشيف)

وحذرت المتحدثة باسم الحراك الوطني منى سكيك، الاحتلال الإسرائيلي من "التباطؤ في تنفيذ التفاهمات التي وصل إليها شعبنا بالتضحية والدماء"، وقالت إن "شعبنا يعلم جيدا من يحاصره ويخنقه".

وواجهت قوات الاحتلال المشاركين في فعاليات الإرباك الليلي والمسير البحري بالنار وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب في إصابة ثلاثين فلسطينيا، سبعة منهم بالرصاص الحي، بحسب وزارة الصحة في غزة.

ورجح مدير "معهد فلسطين للدراسات الإستراتيجية" إبراهيم المدهون للجزيرة نت، أن تكون عودة حماس والفصائل في غزة إلى "الأدوات الخشنة" بسبب تعثر مباحثات التهدئة، وتلكؤ الاحتلال بتنفيذ التفاهمات، وهي رسالة من الحركة لإسرائيل والأطراف المعنية بأن "واقع غزة لا يمكن احتماله أو القبول به".

وربط المدهون بين تزامن استئناف هذه الفعاليات وحالة الغضب التي سادت الشارع في غزة خلال الأيام الماضية، وسعي حماس إلى التذكير بأن السبب في تدهور أوضاع القطاع، هو الحصار الإسرائيلي والعقوبات التي تفرضها السلطة.

وتوقع المدهون أن تشهد الأيام المقبلة، ما لم يتغير سلوك الاحتلال وتنجح مصر في التوصل إلى تهدئة، تصعيدا متدرجا في الفعاليات، وربما تصل إلى حالة اشتباك شعبي كبيرة وواسعة مع الاحتلال في المليونية المرتقبة في الثلاثين من الشهر الجاري.

المصدر : الجزيرة