رفع الحصانة واستجواب مسؤولين.. إجراء عراقي حقيقي أم تهدئة للمحتجين؟
عادل فاخر-بغداد
استبعد ناشطون ومحللون سياسيون جدية مجلس النواب العراقي في محاربة الفساد المستشري في البلاد من خلال رفع الحصانة عن بعض النواب والمسؤولين تمهيدا لمحاكمتهم بقضايا فساد، فضلا عن بطء الإجراءات الخاصة باستجواب كبار المسؤولين في الدولة، معتبرين تصريحات رئاسة البرلمان مؤخرا بهذا الخصوص جاءت فقط لتهدئة المحتجين.
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي قد أعلن قبل أيام موافقة البرلمان على رفع الحصانة عن عدد من النواب تمهيدا لاستجوابهم في شبه فساد، وبحسب تسريبات فإن من بين هؤلاء النواب المطلوب رفع الحصانة عنهم، طلال الزوبعي ونهلة الراوي وليال البياتي وأحمد الجبوري (أبو مازن)، ويحيى المحمدي وفالح العيساوي وابتسام الدرب، في حين رفعت الحصانة عن الزوبعي والجبوري حتى الآن.
يذكر أن مجلس القضاء الأعلى كان قد طالب في أواخر أغسطس/آب الماضي البرلمان برفع الحصانة عن 21 نائبا، للتمكن من التحقيق معهم بشأن تهم فساد ومخالفات قانونية ارتكبوها في السنوات الماضية، بعضها خلال تقلد عدد منهم مناصب تنفيذية.
وفي ظل الاحتجاجات الأخيرة في بغداد ومناطق الجنوب والوسط وبعد مضي أكثر من شهرين على طلب القضاء، رفعت الحصانة عن نائبين فقط.
تصفية ملفات
ودعا الناشط في مجال إدارة الحكم والحكم الرشيد سعيد ياسين موسى مجلس النواب إلى إقرار قانون انتخابات عادل ومنصف يضمن تمثيل الشعب بشكل حقيقي، ثم حل نفسه وبعدها الذهاب إلى انتخابات مبكرة، كون قضايا الاستجوابات في البرلمان الآن هي عبارة عن تصفية ملفات سياسية.
وأكد موسى للجزيرة نت أن سعي البرلمان لاستجواب بعض المسؤولين هو لتلافي الضغط الشعبي المناهض للفساد السياسي.
الاستجواب
وعن المضي نحو استجواب النواب، قال المتحدث عن كتلة سائرون في مجلس النواب النائب حمد الله الركابي "إن كتلته وانسجاما مع دورها الرقابي ماضية في عملية الاستجواب ضمن الأطر الدستورية والقانونية والنظام الداخلي للمجلس".
وأوضح للجزيرة نت أن كتلته تقف دائما مع مطالب الشعب المشروعة وتتضامن مع المظاهرات كونها حقا ديمقراطيا كفله الدستور، كما ترفض أي اعتداء على المتظاهرين السلميين.
في حين اعتبر المحلل السياسي إبراهيم السراج أن "التلويح برفع الحصانة عن بعض المسؤولين المتهمين بقضايا فساد وهدر للمال العام، والاستجوابات داخل مجلس النوب هو محاولة لتهدئة الشارع، وتخفيف الضغط على البرلمان، وإلا فإن الفساد ما زال مستمرا ولم يتوقف ولا يقتصر على أشخاص دون غيرهم".
وأوضح للجزيرة نت أن "الضغوط مستمرة والتعامل بالمثل بين الكتل السياسية ما زال قائما ضمن التوافقات السياسية".
تهدئة الخواطر
من جهتها اعتبرت الناشطة المدنية منى الهلالي أن هناك أزمة ثقة بين الحكومة والبرلمان من جهة وبين المواطن من جهة أخرى، مضيفة أنه حتى وإن كان البرلمان جادا في عملية الاستجوابات ورفع الحصانة عن بعض النواب، لكن هذا لن يلبي طموحات المتظاهرين ما لم تتم محاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة بمحاكمات علنية، فضلا عن إعادة الأموال المنهوبة، وخفض سقف الامتيازات فعليا.
أما رئيس الهيئة الإدارية لنادي القلم في العراق الإعلامي والناشط المدني تحسين الزركاني فيرى أن كل ما صدر عن الحكومة والبرلمان من قرارات وقوانين منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية لا جدية فيها، والغاية منها تهدئة الشارع والالتفاف على مطالب الشعب الذي أسقط عن هذه الحكومة شرعيتها من خلال مطالبه بإقالتها.
وتشهد العاصمة بغداد وعدد من المحافظات في الجنوب والوسط احتجاجات كبيرة للمطالبة بالحقوق والحريات، وتعديل الدستور والنظام الانتخابي ومحاكمة الفاسدين، تخللتها أعمال عنف راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى من المتظاهرين، وتسعى الحكومة والبرلمان لامتصاص غضب الشارع من خلال تغيير بعض القرارات والقوانين وخفض امتيازات المسؤولين وتغيير النظام الانتخابي ومكافحة الفساد.