القضية الفلسطينية.. هكذا تملص ترامب من إرث أوباما

U.S. President Barack Obama (R) meets with President-elect Donald Trump to discuss transition plans in the White House Oval Office in Washington, U.S., November 10, 2016. REUTERS/Kevin Lamarque
يرى مراقبون أن قرار ترامب "شرعنة" مستوطنات الضفة الغربية انقلاب على سياسات سلفه أوباما (رويترز)

محمد المنشاوي-واشنطن

شكل إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية "لا تتعارض مع القانون الدولي" انحرافا كبيرا في سياسة أميركية معتمدة منذ أربعة عقود بشأن المستوطنات.

ولم يكن موقف ترامب الأخير مفاجأة، إذ إنه جاء متسقا مع خطوات اتخذها في الفترة الماضية، وهو بذلك يخالف ما عهدته الإدارات السابقة وخاصة إدارة الرئيس باراك أوباما.

شرعية المستوطنات
قبل انتهاء حكم الرئيس أوباما بثلاثة أسابيع، أقدمت واشنطن على خطوة غير مسبوقة بالامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) لعرقلة صدور قرار من مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي يدين وبشكل واضح الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.

ومنذ عام 1980 أقدمت كل الإدارات الأميركية على استخدام الفيتو حماية لإسرائيل من صدور أي قرار ضدها من مجلس الأمن الدولي.

من هنا يعد قرار ترامب انقلابا على المواقف الأميركية الرسمية، خاصة موقف إدارة أوباما الذي كان يأمل معه وضع إطار جديد لعلاقة بلاده بأحد أهم ملفات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

حل الدولتين
تمسكت كل الإدارات الأميركية بفكرة حل الدولتين كهدف نهائي من الوساطة والإشراف على أي مفاوضات تجمع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وعبر الرئيس أوباما عن موقف واضح مؤيد لفكرة الدولتين اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض خلال خطابه الشهير بجامعة القاهرة، واستمر موقف أوباما كذلك خلال فترتي حكمه.

وبعد أسابيع من وصوله إلى الحكم، أعرب ترامب عن استعداده للقيام بدور الوسيط من أجل إنهاء الصراع بين الطرفين، إلا أنه أكد أن واشنطن لم تعد متمسكة بحل الدولتين، وأنه يترك لطرفي النزاع التوصل لاتفاق يتضمن حل دولتين أو لا يتضمن.

ثم عبر جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس ترامب أن طرح "صفقة القرن" سيتجنب ذكر حل الدولتين.

مستقبل القدس
لم يتحدّ الرئيس أوباما قرارا صدر من الكونغرس عام 1995 يصف القدس بأنها عاصمة إسرائيل، إلا أنه ومثل سابقيه من الرؤساء الأميركيين استخدم صلاحياته الواسعة في مجال السياسة الخارجية لإبقاء سفارة بلاده في مدينة تل أبيب. واعترف أوباما في برنامج الحزب الديمقراطي عام 2012 بالقدس عاصمة لإسرائيل مع ترك الأمر لمفاوضات مستقبلية بين الطرفين.

وبعد وصوله إلى الحكم، اعترف ترامب بالقدس مدينة موحدة غير مقسمة عاصمة لإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2017، ثم أمر في مايو/أيار 2018 بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، منهيا موقفا أميركيا راسخا بترك مصير القدس النهائي لمفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مع عدم ممانعة أن يقيم الفلسطينيون عاصمة دولتهم المستقلة في شرق القدس أو إحدى ضواحيها حال توصل الطرفان لاتفاق نهائي بهذا الخصوص.

العلاقات مع الفلسطينيين
جمعت إدارة الرئيس أوباما علاقات جيدة مع الجانب الفلسطيني، وحاول أوباما الجمع بين القيادة الفلسطينية والإسرائيلية، وهو ما جرى أكثر من مرة، إلا أن الطرفين لم ينجحا في التوصل لاتفاق سلام.

وأعلنت القيادة الفلسطينية مقاطعة الجانب الأميركي، وأعلن حينها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن "الولايات المتحدة لم تعد وسيطا في الشرق الأوسط". وردت إدارة ترامب بإعلان توقفها عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، كما أوقفت منح السلطة الفلسطينية مساعدات اقتصادية مقدارها 200 مليون دولار.

واتخذت إدارة ترامب موقفا عدائيا إضافيا وأعلنت إغلاق مكتب البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن التي كانت بمثابة سفارة للسلطة الفلسطينية في الولايات المتحدة.

قضية اللاجئين
توافق الإدارات الجمهورية والديمقراطية على ضرورة ترك قضية مصير اللاجئين الفلسطينيين لجولات المفاوضات النهائية المباشرة التي ترعاها واشنطن بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.

وقد التزمت إدارة الرئيس باراك أوباما بهذا النهج التقليدي، أما إدارة الرئيس ترامب فقد عبرت في مناسبات عدة عن عدم التزامها بالمسلمات التقليدية، ومنها مصير اللاجئين الفلسطينيين، وألمح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى أن خطة السلام الجديدة في الشرق الأوسط ستتضمن قطيعة مع المسلمات التقليدية إزاء قضايا رئيسية منها قضية اللاجئين.

المصدر : الجزيرة