بعدما جمعهم في السجون.. هل يتحد معارضو السيسي ضده؟

وقفة تضامن لمصريين في نيويورك مع المعتقلين في الأحداث الأخيرة
توسع نظام السيسي في الاعتقالات دفع نشطاء للحديث عن فرصة أمام المعارضة للتوحد مجددا (مواقع التواصل)

محمود إبراهيم-القاهرة

أعاد الحراك الشعبي الواسع الذي شهدته مصر خلال الأسبوعين الماضيين، الحديث عن إمكانية توحيد المعارضة التي تواجه خلافات عميقة منذ سنوات، الأمر الذي دفع إعلاميا مقربا من النظام إلى التحذير من تداعيات التوسع في حملة الاعتقالات الأخيرة التي شملت مؤيدين لأحداث 30 يونيو/حزيران 2013.

ومنذ مظاهرات 20 سبتمبر/أيلول الماضي، قالت منظمات حقوقية إن قرابة ثلاثة آلاف شخص تعرضوا للاعتقال، بينهم مؤيدون للانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013 بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حين كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي.

شملت حملة الاعتقالات الأكاديمييْن البارزين حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وحازم حسني المتحدث السابق باسم الفريق سامي عنان رئيس الأركان الأسبق المحبوس حاليا بدعوى مخالفة القانون العسكري إبان إعلان عزمه الترشح أمام السيسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

كما أعادت السلطات توقيف الناشط علاء عبد الفتاح الذي أطلق سراحه مؤخرا، والذي يخضع لمراقبة شرطية لمدة خمس سنوات، ضمن حملة الاعتقالات الأخيرة التي تلت الاحتجاجات التي دعا إليها الفنان ومقاول الجيش السابق محمد علي.

وفرض المشهد السياسي وحراك الشارع نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي التي اتفق مجملها على ضرورة إيجاد مظلة ثورية جامعة وموحدة لاستكمال الثورة والإطاحة بنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو عزله من قبل الجيش.

تخوفات دائرة السلطة
في المقابل، ذهبت أصوات المقربين من دائرة السلطة إلى التحذير من خطورة التوسع في الاعتقالات الأخيرة التي قد تدفع إلى توسيع مظلة المعارضة ضد السيسي.

وفي هذا الصدد، استنكر الكاتب ياسر رزق -المقرب من السيسي- التوسع في الاعتقالات لتشمل سياسيين مؤيدين لـ30 يونيو.

وفي تصريحات تلفزيونية قبل أيام، قال رزق إن الوضع الراهن بحاجة إلى مزيد من الحريات للكتلة المنضوية تحت تحالف "30 يونيو" لا لغيرها، مشددا أنه "من الخطأ الجسيم إقصاء أي فصيل مشارك في ذلك التحالف".

وغازل رزق هذه الكتلة قائلا إنه "يتوقع حدوث انفراجة في اتساع المجال العام للأحزاب، وفي مجال حرية الرأي والتعبير للكتلة الوطنية المنضوية تحت لواء 30 يونيو/حزيران".

كما بشّر رئيس مجلس النواب علي عبد العال بأن المرحلة المقبلة ستشهد انفتاحا سياسيا وإعلاميا، وهو ما دعا إليه النائب البرلماني مصطفى بكري الذي كان من أشد المناوئين لقوى المعارضة، لدرجة أنه دعا السيسي غير مرة إلى إعلان الأحكام العرفية.

ائتلاف قوى
أستاذ العلوم السياسية عبد الفتاح ماضي أشار إلى أن التعبئة الشعبية التي تغير ميزان القوة في أي مظاهرات من أجل التغيير والانتقال الديمقراطي الناجح، بحاجة إلى ائتلاف معارضة ديمقراطية من قوى رئيسية مؤثرة على الأرض، ولها قيادات يثق فيها الناس.

وشدد ماضي عبر فيسبوك على ضرورة امتلاك هذه المعارضة برنامجا سياسيا واقعيا يحدد بوضوح الهدف أو الأهداف التي يدور حولها الصراع، ويستخدم كل الأدوات الممكنة بشكل منظم ومدروس مسبقا.

وعلى رأس هذه الأدوات -وفق قوله- تأتي "التعبئة الشعبية السلمية من مظاهرات واعتصامات وإضرابات في كافة القطاعات، وخاصة بين العمال والطلاب والفئات المهمشة والفقيرة".

كما دعا ماضي إلى الضغط على حلفاء النظام في الداخل بهدف كسب أنصار منهم في صف المعارضة الديمقراطية، والضغط على القوى الإقليمية والدولية لوقف دعمها للنظام أو الوقوف على الحياد، والعمل مع المنظمات الحقوقية الدولية.

وأشار إلى أن الائتلافات المطلوبة هي ائتلافات المرحلة الانتقالية، أي المرحلة التي تبدأ بالنضال ضد الدكتاتوريات وتنتهي بأول انتخابات ديمقراطية حرة، وبعدها قد تستمر هذه الائتلافات لفترة وقد لا تستمر وتفضل الأحزاب التنافس فرادى.

وأكد ماضي أن هذه الائتلافات تظهر بعد الاستقطاب والصراع بين قوى المعارضة في ظل الدكتاتوريات، وبعد أن تدرك التيارات المختلفة استحالة النجاح بدون عمل منظم ومشترك، واستحالة حل خلافاتها الفكرية قبل الانتقال.

خلافات عميقة
لكن في المقابل، يرى الكاتب الصحفي قطب العربي أن الخلافات العميقة وحالة الاستقطاب السابقة بين قوى المعارضة لا تزال تحول دون توحيدها، رغم أنها أصبحت جميعًا تحت مطرقة النظام.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار العربي إلى أن القمع الشديد في الداخل يمنع الأحزاب والقوى السياسية من الاقتراب من بعضها.

واستشهد في هذا الصدد بقضية "تحالف الأمل" الذي كان مجرد تنسيق انتخابي بين بعض القوى الحزبية المدنية للانتخابات البرلمانية المقبلة، قائلا "مع ذلك تم القبض على بعض رموزه حتى لا يستكمل هذا التحالف، ولا يفكر آخرون في تحالف مماثل".

وعن إمكانية نجاح مظلة جامعة للمعارضة، أوضح العربي أن غياب قيادات حزبية وسياسية في الخارج معترف بها من قبل أحزاب حقيقية في الداخل، يجعل من فكرة التنسيق أو توحيد الجهود في الخارج أمرا صعبا.

وأضاف أن غالبية الموجودين في الخارج هم مجرد أفراد يمثلون أنفسهم فقط، باستثناء المجموعات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان، داعيا رموز المعارضة في الخارج على الأقل إلى التجمع تحت مظلة موحدة تعطي رسالة إيجابية للداخل والخارج.

كل يتشبث بروايته
متفقا مع الطرح السابق، قال الناشط السياسي حسام المتيم إن الحديث عن إمكانية توحد المعارضة بتياراتها المختلفة متكرر منذ انقلاب 2013، بصورة تعكس حجم وعمق الخلاف الذي لم تستطع إجراءات القمع والتنكيل مسبقا أن تقلل من وطأته أو تخفف من حدته.

وفي حديثه للجزيرة نت، عزا المتيم سبب فشل توحيد المعارضة إلى تشبث كل طرف بروايته للتاريخ القريب، ورفضه تقبل الأخطاء التي شابت أداء بقية الأطراف الأخرى إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني وما تلاها.

واستبعد أن تسهم أية إجراءات قمعية حالية من قبل السلطات في حلحلة الموقف بين أقطاب قوى الرفض والمعارضة، خاصة أن القائمين على تيارات وكيانات المعارضة، هم نفس الشخصيات التي أسهمت في نشأة بذور الخلاف.

وأكد المتيم أن الواقع لن يتغير قبل أن تتبدل الوجوه، حيث يمكن حينها الحديث عن مرونة أكبر في التعاون، وتقليل هوة الخلاف بين قوى رفض العسكر أو ما يمكن تسميته بالمعارضة السياسية المصرية.

وعما يخص نظام السيسي ومدى تحسبه لنتائج خطواته القمعية تجاه حشد المعارضة، قال المتيم إن الأمر لا يعدو كونه توقعا غير مثبت بالدلائل، مضيفا "على العكس تماما، يبدو أن نظام السيسي مدرك لتفاصيل وعمق الخلاف بين أقطاب وتيارات قوى المعارضة".

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي