لماذا صعّد آبي أحمد لهجة خطابه في ملف سد النهضة؟

عبد الكريم الخياطي-أديس أبابا

يبدو أن محاولات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لطمأنة المصريين بعدم رغبة بلاده في إيذاء مصر لم تُجد نفعا، ولم تلق كلماته صدى كما لاقاه تأكيده على قدرة أديس أبابا على المواجهة.

وقال أحمد "لا نية لدى حكومة إثيوبيا في إيذاء شعبي وحكومتي السودان ومصر" موضحا أن "شعب وحكومة مصر سيستفيدان إذا ما قدموا الدعم لإستراتيجية التنمية الخضراء في إثيوبيا".

وتجاهل الإعلام المصري والعالمي جملة أحمد التي حاول فيها طمأنة الجميع بالجلسة البرلمانية الشهيرة، والتي رد فيها على أسئلة النواب الإثيوبيين الغاضبة من إدارته لملف التفاوض مع القاهرة.

وانصب الاهتمام على جملة تصعيدية وردت في نفس السياق قال فيها "لا يمكن لأي قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد" وأن بلاده ستواصل بناءه بغض النظر عن مخاوف لا أساس لها، وتهديدات عسكرية "يُطلقها إخواننا المصريون عبر منابر إعلامية".

كما تلقف الإعلام المصري والدولي قول رئيس الوزراء الإثيوبي "إذا كانت هناك ضرورة للحرب فنستطيع حشد الملايين، وإذا كان البعض يستطيع إطلاق صاروخ، فالآخرون قد يستخدمون القنابل، لكن هذا ليس في مصلحتنا جميعا".

وفي هذا السياق، يرى الباحث والكاتب الإثيوبي أحمد محمد آدم أن الإعلام الخارجي بالغ بالاحتفاء أو التفسير السلبي لتصريحات رئيس الوزراء، خاصة بعد أن أصبح الرجل حديث العالم عقب فوزه بجائزة نوبل للسلام.

تحديات داخلية
ويضيف "آبي أحمد يتحدث بتلقائية ولا يحضّر كلامه" وكان واضحا بأنه لم يكن يريد التطرق لملف المفاوضات في جلسة البرلمان التي ظهر فيها النواب أكثر حدة مع رئيس الوزراء، وجاءت أسئلتهم على شكل "اتهامات للرجل بالتقصير والتساهل مع التهديدات المصرية التي ترد عبر الإعلام المصري الحكومي والمستقل المقرب من النظام المصري".

ويتفق معه إبراهيم عامر الصحفي والباحث في شؤون القرن الأفريقي الذي قال إن المصريين يعلمون بالتأكيد أن امتلاكهم للسلاح لا يعني بالضرورة أن الآخرين لا يمتلكون سلاحا للرد.

ويضيف الباحث المقيم بأديس أبابا أن تصريحات رئيس الوزراء هذه المرة جاءت بلغة حادة غير معتادة لدى المسؤولين الإثيوبيين لأن ملف سد النهضة جعل منه الجانب المصري منصة يطلق من خلالها رسائله الداخلية والخارجية، ويستفيد منها في أغلب الأوقات "للهروب من الأزمات الداخلية التي تواجهه بإلهاء الشارع المصري بقضايا خارجية".

من جانبه، يرى المحلل والباحث السياسي حالي يحيى أن الاضطرابات السياسية بالبلدان الثلاثة كانت ولا تزال تعقد مهمة التفاوض، فالسودان الذي ظل يعاني من تشبث نظام البشير بالحكم منذ 1989 تخلص نسبيا من نظامه لكنه يعاني اليوم من عدم استقرار سياسي حتى بعد مجيء حكومة توافق.

ويضيف "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعتقد أنه آمن نسبيا في منصبه، لكن رغبته في تمديد حكمه ربما حتى عام 2034 على الأقل قسمت المؤسسة العسكرية، كما أن هناك تحديات أمنية في سيناء واقتصادية في كل البلد".

وتابع "في إثيوبيا يكافح آبي أحمد الذي يتمتع بشعبية كبيرة لدى الجمهور لتعزيز دور إدارته، لكن المشاكل الداخلية وتربص خصومه به قد يجعل ملف السد ضمن تحديات أخرى تواجهه، خاصة وأن إثيوبيا تستعد لإجراء انتخابات عام 2020".

ويرى الباحث الإثيوبي أحمد آدم أنه "في ظل هذه التجاذبات ليس أمام الجميع إلا ما صرح به آبي أحمد في نفس سياق كلامه الأول من أن الحوار والمفاوضات للوصل إلى توافق الحل الأمثل للجميع".

المصدر : الجزيرة