بعد عداء الآباء لإسرائيل.. تطبيع الأبناء يصيب المصريين بالصدمة

المقاطعة الشعبية لإسرائيل تضعف مع التطبيع الإجباري الاقتصادي. (تصوير خاص لإحدى فعاليات مقاطعة اسرائيل اقتصاديا والتضامن مع فلسطين ـ 2017).
إحدى فعاليات مقاطعة إسرائيل اقتصاديا والتضامن مع فلسطين (أرشيف-الجزيرة)

لذلك كانت صدمة المصريين كبيرة بإسقاط الجنسية المصرية عن ياسمين، حفيدة ضابط المخابرات الشهير محمد نسيم، بسبب حصولها على الجنسية الإسرائيلية. فجدها هو الضابط المصري المعروف بـ"نديم قلب الأسد"، الذي كان مسؤولا عن تجنيد العميل رفعت علي سليمان الجمال المشهور إعلاميا باسم "رأفت الهجان".

ولم تمض أيام حتى اهتز الوسط الصحفي بمصر مرة أخرى، بعد زيارة مراسل صحيفة الأهرام في باريس خالد سعد زغلول إلى تل أبيب ولقاء مسؤولين فيها بصفته الصحفية، وهو ما يخالف قرارات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المصريين بحظر أي تعامل صحفي مع مسؤولي إسرائيل أو زيارتها.

وتمثلت الصدمة في أن الصحفي المطبع هو ابن الكاتب الصحفي الراحل سعد زغلول فؤاد (وهو غير الزعيم المصري قائد ثورة 1919) والذي اشتهر بأنه كان واحدا من كبار مناهضي التطبيع في مصر، بالإضافة لكونه عضوا في منظمة التحرير الفلسطينية وأحد الذين تطوعوا للقتال في فلسطين.

وبدت ردود الفعل الرسمية والشعبية حادة تجاه الواقعتين، فعوقبت ياسمين بالحرمان من الجنسية المصرية، كما عوقب خالد سعد بالحرمان من الكتابة في مجلة كل العرب الفرنسية الناطقة بالعربية، وأصدر عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين بيانا للتنديد بما قام به، فيما لم تبدِ مؤسسة الأهرام أي موقف.

وبينما يحتدم الجدل في الأوساط السياسية والصحفية المصرية على تلك الوقائع، أقرّ عبد الفتاح السيسي -في مقابلة مع قناة "سي بي إس نيوز" الأميركية- بأن الجيش المصري يعمل مع إسرائيل ضد "الإرهابيين" في شمال سيناء، قائلا إن "العلاقات بين مصر وإسرائيل هي الأمتن منذ بدء العلاقات بين البلدين ونتعاون بمجالات شتى".

الأشد إيلاما
بدورها عرضت شبكة نتفليكس فيلما إسرائيليا يروي تفاصيل تجنيد المخابرات الإسرائيلية أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد أصاب الفيلم الذي تناول تفاصيل تجسس مروان -وفقا للرواية الإسرائيلية- ملايين المصريين بالصدمة.

وتعد حالة أشرف مروان الأشد إيلاما لمن يحملون راية مقاومة التطبيع، فهو زوج ابنة "الزعيم الذي هدد بإلقاء إسرائيل في البحر"، والذي حاربته إسرائيل مرتين وهزمته رغم كل الشعارات التي رفعتها ماكينته الإعلامية.

ويبين فيلم "الملاك" -المأخوذ عن كتاب لكاتب إسرائيلي يحمل العنوان نفسه- كيف "خان" مروان بلاده، وقدم لإسرائيل سرا منحها فرصة استدعاء الاحتياطي لمواجهة الجيوش العربية في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

ورغم نفي السلطات المصرية الرواية الإسرائيلية، فإن الكاتب المصري محمد حسنين هيكل الذي كان مقربا من عبد الناصر، ذكر في كتابه "مبارك وزمانه"، أن أشرف مروان أبلغ إسرائيل بالتوقيت الأصلي لساعة الحرب، قبل أن تغيره قيادة القوات المسلحة في آخر لحظة.

رفض شعبي
ويرى معارضو التطبيع أن اتجاه أبناء مناهضي إسرائيل للتطبيع معها لا يعني سقوط المبدأ، ويستدلون على ذلك بتصاعد الدعوات الشعبية التي تطالب لاعب الكرة الدولي محمد صلاح بمغادرة نادي ليفربول حال ضم لاعب إسرائيلي إليه.

كما ثمنت اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع -في بيان لها- موقف لاعب الجودو المصري رمضان درويش، الذي رفض مصافحة رئيس الاتحاد الإسرائيلي للجودو.

كما تعالت مطالب الصحفيين لمجلس نقابتهم بفصل الصحفي المطبع، لمخالفته قرار الجمعية العمومية للصحفيين تجريم التطبيع.

ورأى الكاتب الصحفي سيد أمين أن انقلاب الأبناء على مبادئ آبائهم وأقربائهم الذين كانوا يناهضون إسرائيل، قد يعني أن الآباء لم يكونوا مؤمنين إيمانا تاما بمبادئهم، أو أن الأبناء رأوا أن مبادئ آبائهم لم تعد تجدي أو تواكب العصر.

ويؤكد المتحدث للجزيرة نت أن الآباء في الحالتين يتحملون "وزر انحراف" الأبناء، لأنهم لم يغرسوا فيهم مقاطعة إسرائيل كما يجب.

من جانبه أبدى الكاتب الصحفي أسامة صفار دهشة من تعمد إسقاط الجنسية عن ياسمين نسيم تحديدا دون آلاف من العمال المصريين العاملين في إسرائيل، وربما كان ذلك يحمل رسالة ما تريد السلطة إيصالها، في إطار سعيها لتشويه كل شخصية عادت إسرائيل يوما، ليكون الجميع سواء، وهي السلطة الساعية لإقامة سلام دافئ مع إسرائيل.

وحسب صفار فإن ياسمين "مجرد ضحية من ضحايا جيل نشأ في ظل توابع معاهدة كامب ديفد، وفي ظل تسابق الدول العربية للتطبيع في إسرائيل في كافة المجالات".

المصدر : الجزيرة