أرقام مرعبة لحصيلة الحرب.. ما الذي يعيق إعمار المدن المدمرة بالعراق؟

مستشفى ابن سينا التعليمي لمدمر في مدينة الموصل.
مستشفى ابن سينا التعليمي المدمر في الموصل (الجزيرة نت)

أحمد الدباغ-الموصل

طوى عام 2018 أيامه ورحل، واستقبل العراقيون عامهم الجديد متسائلين عن إمكانية إعمار مدنهم بعد الدمار الذي حل بها في معارك القوات العراقية ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بين عامي 2014 و2017.

وعود كثيرة أطلقها المسؤولون العراقيون أثناء العمليات العسكرية وبعدها لإعمار المدن المدمرة، إلا أن أيا منها لم يلمسها أهالي المناطق المحررة على أرض الواقع.

أرقام مرعبة
أرقام مرعبة لحصيلة الحرب، فمحافظة نينوى شمال العراق وحدها شهدت تدمير ما لا يقل عن 60 جسرا رئيسيا وفرعيا بفعل المعارك، بحسب المدير العام بلديات نينوى عبد القادر الدخيل.

وفي حديثه للجزيرة نت، كشف الدخيل عن أن ما تم إعماره من الجسور في نينوى هو 12 جسرا فقط، وبمساعدة المنظمات الأممية والدولية.

المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر كشف أن الحرب دمرت عشرات المستشفيات في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، 20 منها في نينوى، إضافة الى ستة مراكز تخصصية ضخمة.

فندق الموصل الدولي الحكومي الذي أصبح أثرا بعد عين
فندق الموصل الدولي الحكومي الذي أصبح أثرا بعد عين

دمار هائل
البدر أوضح للجزيرة نت أن ما دمرته الحرب يحتاج إلى ملايين الدولارات، وأن الوزارة عملت جاهدة على تحويل بعض المشافي الفرعية إلى رئيسية فضلا عن تجهيز مستشفيات مؤقتة.

36 مليار دولار هي كلفة إعادة إعمار المنشآت العامة والبنى التحتية التي دمرت بفعل الحرب في نينوى وصلاح الدين والأنبار، بحسب أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني.

ولفت إلى أن خسائر القطاع الخاص المباشرة من مصانع وبيوت وأسواق تجارية لا تقل عن عشرة مليارات دولار، فضلا عن مليارات أخرى تعد خسائر غير مباشرة جراء الحرب بسبب تعطل الحياة والأعمال.

ويعتقد المشهداني في حديثه للجزيرة نت أن الحكومة غير قادرة على إعمار المدن المدمرة في 2019، نظرا للموازنة المقترحة التي تعد البرنامج الاقتصادي للحكومة، والتي تشي بأن ما خصص من أموال لا تكفي للإعمار.

ويرى المشهداني أنه كان واجبا على الحكومة أن تخصص ما لا يقل عن ملياري دولار سنويا للإعمار ويستمر هذا التخصيص لسنوات.

ويقف مشروع الموازنة عائقا أمام إعادة الإعمار في عام 2019، إذ أنها أعدت على أساس سعر 56 دولارا لكل برميل نفط، وسيؤدي انخفاض أسعار النفط إلى إعادة صياغة مشروع الموازنة في البرلمان وفقا للأسعار الجديدة للنفط، بحسب عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي فيصل العيساوي (وهو نائب عن محافظة الأنبار).

وأكد العيساوي أن تكلفة إعادة إعمار البنى التحتية الأساسية في الأنبار وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل 2014 تفوق 1.6 مليار دولار، منوها إلى أن ما خرج به مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق الذي عقد في فبراير/شباط الماضي لم تفعل بنوده حتى اللحظة.

الجسر الثالث في الموصل الذي دمر بنسبة 50%
الجسر الثالث في الموصل الذي دمر بنسبة 50%

آفة الفساد 
ويرى كثير من العراقيين أن الفساد المستشري في الوزارات والمؤسسات الحكومية يعد عائقا أمام إعمار ما دمرته الحرب.

ويعتقد النائب السابق في البرلمان العراقي حامد المطلك أن عام 2019 لن يشهد أي عمل بنّاء في المحافظات المحررة المدمرة، فكثيرا من الوجوه الفاسدة في الحكومة المركزية والحكومات المحلية ما زالت تتبوأ المناصب نفسها.

ويؤكد أن قوة الفساد أكبر من قوة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وأن الحكومة الحالية لم تثبت إرادة حقيقية لانتشال العراق مما هو فيه.

أما الصحفي أنس هشام فيعتقد في حديثه للجزيرة نت أن مشكلة الفساد تتراجع بسبب الضغط الشعبي الكبير، ولكن ببطء شديد.

ورغم وعود رئيس الحكومة بالإعمار، فإن هشام يرى أنه حتى لو كانت لدى عبد المهدي نية حقيقية في ذلك، فإنه محكوم ببنود الموازنة، التي أعطت لمحافظة نينوى مثلا ما نسبته 2% فقط رغم أن سكانها يشكلون 10% في العراق.

ويرى هشام أن جميع آمال الإعمار منوطة بالمنظمات الدولية التي بدأت بالفعل في تنفيذ بعض المشاريع.

المصدر : الجزيرة

إعلان