بعد اعترافه بدعمها العسكري.. هل ورط السيسي إسرائيل في جرائم حرب؟

ربيع أبو زامل - عبد الفتاح السيسي في مقابلة 60 دقيقة - بعد اعترافه بدعمها العسكري.. هل يورط السيسي إسرائيل في "جرائم حرب"؟
السيسي كشف في حواره مع قناة "سي.بي.أس" عن تعاون عسكري مصري إسرائيلي في سيناء

أحمد حسن-القاهرة

رغم مرور أيام على بثها، ما زالت ردود الفعل تتواصل حول مقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع قناة "سي.بي.أس" الأميركية، خاصة فيما يتعلق بما كشفه عن تعاون الجيش المصري مع إسرائيل في العمليات العسكرية في شبه جزيرة سيناء.

ورغم أن حديث السيسي في هذه المقابلة لم يحمل جديدًا حول دفء العلاقات مع الجانب الإسرائيلي والتنسيق المشترك، فإنه يعد اعترافًا رسميًا للمرة الأولى بما اعتادت القاهرة نفيه حول مشاركة إسرائيل في العمليات العسكرية بسيناء.

واعتبر مراقبون أن ذلك الاعتراف قد يسوّغ اتهام تل أبيب مستقبلاً بارتكاب جرائم حرب أمام المحاكم الدولية، بسبب العدد الكبير من المدنيين الذين قتلوا في عمليات القصف المشتركة.

قتل وتهجير
وشهدت سيناء منذ العام 2011 سبع حملات عسكرية متتابعة ضد من تصفهم السلطات بعناصر مسلحة أو تكفيرية، في حين تعمل السلطات المصرية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 على إنشاء منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة -وتحديدا في مدينة رفح- من أجل مكافحة الإرهاب.

وسبق لمركز "النديم" لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب (مصري غير حكومي) أن وثّق مقتل 1234 شخصا في سيناء من أصل 1384 على مستوى مصر، في عمليات إعدام خارج نطاق القانون، ضمن نطاق هذه العمليات.

وفي تحليل للهيئة العامة للاستعلامات التابعة للرئاسة المصرية، أسفرت العملية الشاملة 2018 التي أطلقها الجيش منذ فبراير/شباط الماضي، عن قرابة 500 قتيل بسيناء، في مؤشر اعتبرته السلطات تراجعًا وفشلاً للإرهاب.

لكن ثمة تقارير حقوقية تؤكد أن عمليات الجيش في سيناء لا تفرق بين مدنيين ومسلحين، وفي أكثر من مرة بث إعلاميون معارضون في الخارج مقاطع فيديو ترصد تصفية مدنيين ومعتقلين من المختفين قسريا برصاص الجيش المصري.

وتاتي أرقام الضحايا المفزعة في وقت يؤكد فيه مسؤولون أن عدد المسلحين بسيناء لا يتخطى الألف مسلح، تواجههم 41 كتيبة تضم 25 ألف مقاتل.

حوار الاعتراف
في الحوار المسجل مع فضائية "سي.بي.أس" الأميركية في سبتمبر/أيلول الماضي، والمذاع مؤخرا، كشف السيسي عن تعاون أمني واستخباراتي مع إسرائيل في سيناء.

وخلال الحوار، رفض السيسي الرد على سؤال حول سبب عدم القضاء على المسلحين حتى الآن في سيناء، متعللا بفشل الولايات المتحدة هي الأخرى في القضاء على الإرهاب في أفغانستان.

وعن التعاون بين عدوين سابقين، قال السيسي إن "القوات الجوية المصرية تحتاج في بعض المرات تجاوز الحدود إلى داخل إسرائيل، ولهذا لدينا تعاون واسع مع الإسرائيليين"، مضيفا أن "الجيش المصري يعمل مع إسرائيل ضد الإرهابيين في شمال سيناء".

أوجه التعاون
في أكثر من مناسبة، كشف مسؤولون إسرائيليون عن تعاون تل أبيب والقاهرة في سيناء. ففي فبراير/شباط 2017 كشفت صحيفة "معاريف" تفاصيل دقيقة حول طابع المساعدة الاستخبارية التي تقدمها إسرائيل للجيش المصري، حيث أشارت إلى أن وحدة التجسس الإلكتروني التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) تزود الجيش المصري بمعلومات استخبارية يتم الحصول عليها عبر عمليات التصوير التي تقوم بها الطائرات المسيّرة أو الأقمار الصناعية.

وفي هذا الصدد، قال الباحث المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد مولانا إن هناك أبعادا عدة للتعاون في سيناء، "أبرزها الاستخباري حيث تقوم وحدة 8200 الإسرائيلية باعتراض الاتصالات في سيناء، وتقديم المعلومات المعترضة للجيش المصري للاستفادة منها".

ويضيف مولانا للجزيرة نت "تقوم إسرائيل بتصفية عناصر داعش سواء باغتيالات ميدانية أو بالقصف الجوي مثلما حدث في عدة حالات اعترف بها التنظيم".

واستشهد بتصفية الموساد الإسرائيلي للجهادي إبراهيم عويضة في أغسطس/آب 2012 بسيناء وفق بيان لجماعة "أنصار بيت المقدس" آنذاك، وكذلك ضابط الأمن المركزي المفصول حنفي جمال وآخرين في قصف جوي إسرائيلي.

وقال مولانا إن تأثيرات تصريحات السيسي ستكون أكبر في الدوائر الإعلامية الغربية التي تظهر عدم مصداقيته، مستبعدا أن تكون لها تداعيات على سلوك مؤيديه.

إدانة تل أبيب
ويرى مراقبون أن تصريحات السيسي ربما تعد "توريطاً لإسرائيل في جرائم حرب"، باعترافه بتعاونها في قصف أهالي سيناء.

ويقول المحلل العسكري والإستراتيجي فايز الدويري إن تصريحات السيسي "قد تورط إسرائيل بالفعل في جرائم حرب إذا ما تناولتها لاحقًا محاكم دولية" عند تغير الظروف الراهنة.

واستشهد الدويري في حديث للجزيرة نت "بدعوات إسرائيلية طالبت بالفعل تل أبيب بالتعامل السري مع القاهرة بخصوص ما يجري في سيناء".

ورأى أن "إسرائيل ترغب في قطع إمدادات حركة حماس بالأسلحة المهربة من سيناء، وإحكام السيطرة على الحدود وهدم الأنفاق، وهو ما يفعله السيسي مقابل دعمه بالطائرات المسيرة والاستخبارات الإسرائيلية".

لكن الدويري استبعد سيناريو المحاكم الدولية، مشيرًا إلى أن السيسي نفسه سبق أن "نفذ جرائم في ميداني رابعة العدوية والنهضة وغيرهما (في إشارة إلى فض اعتصامات أنصار مرسي صيف 2013) وكانت يد العدالة مغلولة".

وأيد الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي طرح "معاقبة إسرائيل" في تغريدة قبل أيام على تويتر، وقال إن "أصواتًا في إسرائيل تحذر من أن اعتراف السيسي بمشاركتها في عمليات عسكرية بسيناء إلى جانب جيشه؛ قد يسوغ اتهامها مستقبلا بارتكاب جرائم حرب أمام المحاكم الدولية بسبب العدد الكبير من المواطنين المصريين الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي".

لكن الباحث مولانا توقع "عدم التوجه الدولي لإدانة الأفعال الإجرامية التي تقوم بها إسرائيل بشكل مباشر، وبالتالي تنعدم فرص إدانتها فيما تقوم به بشكل ثانوي أو كرديف كما في الحالة السيناوية".

المصدر : الجزيرة