حصار المشايخ.. لماذا يقيد الأزهر ظهور علمائه على الفضائيات؟

صورة للمدخل الرئيسي لجامعة الأزهر بالقاهرة
جامعة الأزهر أصدرت قرارا يمنع أساتذتها من الظهور الإعلامي بدون تصريح (الجزيرة)

محمد سيف الدين-القاهرة

على خطى وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر الشريف قررت جامعة الأزهر منع ظهور أساتذة الجامعة في وسائل الإعلام للتصدي للشؤون الدينية والإفتاء دون الحصول على تراخيص.

وجاء في نص القرار الذي حمل رقم 1224 لسنة 2018 "يحظر على جميع أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم العمل أو الظهور أو التصدي للفتوى في وسائل الإعلام بمختلف أشكالها دون ترخيص أو موافقة من رئيس جامعة الأزهر، وذلك في إطار سلسلة إجراءات تنظيمية للحفاظ على رسالة المؤسسة الأزهرية".

وقال رئيس جامعة الأزهر محمد المحرصاوي في بيان ألحقه بالقرار إن "جامعة الأزهر لم تستهدف أحدا بعينه بالتأكيد عبر هذه الإجراءات التنظيمية، وتنظيم الظهور الإعلامي لأعضاء هيئة التدريس لا يعد تخليا عن منهجنا الذي يرتكز على الاجتهاد والتنوع وقبول الاختلاف".

وقد أثار القرار حالة من الجدل في الأوساط الدينية، حيث يرى مؤيدوه أنه إجراء إداري لضبط الأوضاع داخل المؤسسة ولمواجهة ظاهرة فوضى الفتوى، في حين يؤكد معارضوه أنه محاولة جديدة لتكميم أفواه العلماء وضمان سيطرة الدولة على المؤسسة الدينية.

ويتناقض قرار جامعة الأزهر مع قرار أصدرته مشيخة الأزهر في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 عندما أصدرت قائمة تضم خمسين عالما متخصصا في الفتوى للظهور في وسائل الإعلام، وكان أغلبهم من أساتذة الجامعة وعمداء الكليات الأزهرية.

وسبق أن منع وزير الأوقاف مختار جمعة جميع الأئمة والعالمين في الوزارة من الظهور على وسائل الإعلام دون تصريح كتابي مسبق.

وشمل قرار الأوقاف الذي صدر في فبراير/شباط الماضي منع الدخول في جدل علمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون الحصول على إذن.

القرار الجديد يلزم علماء الأزهر بالحصول على تصريح رسمي قبل الإدلاء بفتوى في وسائل الإعلام (مواقع التواصل الاجتماعي)
القرار الجديد يلزم علماء الأزهر بالحصول على تصريح رسمي قبل الإدلاء بفتوى في وسائل الإعلام (مواقع التواصل الاجتماعي)

حبر على ورق
وعلى الرغم من أن قرار جامعة الأزهر جاء ردة فعل على واقعة أستاذ الفقه المقارن سعد الدين الهلالي التي أيد فيها قرار تونس بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة مما أثار ردود فعل واسعة فإن الهلالي كان أول من تقدم بطلب للحصول على تصريح للظهور في وسائل الإعلام، وهو ما وافقت عليه الجامعة، على أن يكون ذلك في غير أوقات العمل الرسمية، وبشرط الالتزام بالمنهج الأزهري، بحسب وسائل إعلام محلية.

وهو ما دفع رئيسة قسم الفقه المقارن في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح إلى وصف القرار بأنه "حبر على ورق"، بحسب حديثها للصحافة المحلية.

في المقابل، يرى الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر قدري إبراهيم أن القرار يهدف إلى الحفاظ على هيبة المؤسسة وأعضائها، كما يهدف لحماية المجتمع من الفتاوى المتشددة والشاذة التي تهدم الدولة.

وأكد قدري في حديثه للجزيرة نت أن منهج الأزهر الشريف يرتكز على الاجتهاد وقبول الاختلاف، ولا يسعى إلى الحجر على أحد أو منعه من الحديث.

بعض العلماء اعتبروا القرار جزءا من معركة مكتومة بين الأزهر ومؤسسة الرئاسة بشأن تجديد الخطاب الديني (مواقع التواصل الاجتماعي)
بعض العلماء اعتبروا القرار جزءا من معركة مكتومة بين الأزهر ومؤسسة الرئاسة بشأن تجديد الخطاب الديني (مواقع التواصل الاجتماعي)

قرار أمني
موقف آخر جاء على لسان الشيخ سلامة عبد القوي مستشار وزير الأوقاف السابق الذي رأى أن القرار أمني من الدرجة الأولى، في ظل سعي النظام لتطبيق سياسة "الصوت الواحد" الذي يجب أن يخدم "النظام العسكري".

ووفقا لعبد القوي، فمن حق أي مؤسسة أن تحدد من يتحدث باسمها، ولكن يجب أن نفرق بين أمرين في هذا القرار، الأول هو منع الحديث باسم الأزهر، وهذا مقبول وقرار إداري صحيح، في حين أن الجانب المفروض في القرار هو منع تحدث أحد من علماء جامعة الأزهر في الفتاوى.

وعلى الرغم من اتفاقه مع أن القرار يأتي في سياق سياسة "تكميم الأفواه" يشير سامح الجبة عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأحد مشايخ الأزهر إلى أن الأمر متعلق أيضا بمعركة تجديد الخطاب الديني بين رأس السلطة متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي والمؤسسات الدينية.

ويوضح الجبة في حديثه للجزيرة نت أن جامعة الأزهر تريد من القرار التحكم في عدم إحراجها أمام الرأي العام والأمة الإسلامية من بعض المشايخ والعلماء الذين "يتجرؤون على ثوابت وقطعيات الدين الإسلامي".

ومنذ توليه السلطة عام 2014 لا يترك السيسي مناسبة دينية إلا تحدث فيها عن ضرورة "تجديد الخطاب الديني"، ودائما ما يحمل الإعلام المحسوب على النظام الأزهر والمؤسسة الدينية في مصر مسؤولية "انتشار العنف والتطرف" في البلاد، متهما إيها بـ"الجمود وغياب جهدها في تجديد الفكر الديني"، وهو ما عارضه مرارا شيخ الأزهر أحمد الطيب.

المصدر : الجزيرة