جولة في أثر من حريق الأقصى

كانت الساعة السابعة صباحا قبل 48 عاما، حين سمع نادر أشتيه صراخ أحد حراس المسجد الأقصى "الأقصى يحترق"، ترك أشتيه وزميلان له عملهما في قبة الصخرة وركضوا مسرعين جنوبا نحو المصلى القبلي الذي تصاعدت منه أعمدة الدخان وأتت النيران على الجزء الجنوبي منه.

رافقت مراسلة الجزيرة نت جمان أبو عرفة أشتيه (87 عاما) الذي عمل موظفا في لجنة إعمار المسجد الأقصى لمدة 47 عاما، في جولة داخل المسجد الأقصى لإطلاع المتابعين في بث مباشر عبر صفحة القدس على فيسبوك على تفاصيل إحراق المسجد الأقصى في ذكرى الحدث الثامنة والأربعين.

قال أشتيه إن المصلى القبلي كان يُغلق بعد صلاة الفجر حتى الثامنة صباحا، وكان خاليا من المصلين، لكن مايكل روهان تمكّن من دخوله بحجة رغبته بالتصوير، وأضرم النار في منبر صلاح الدين الأثري الخشبي، لتشتعل بسرعة وتأتي على السقف الخشبي والنوافذ والأعمدة الرخامية وصولا إلى محراب زكريا شرقا.

وأضاف أن قبة المصلى الرصاصية كانت مكونة من طبقتين، رصاصية وخشبية، حيث احترق الجزء الخشبي الداخلي منها بعد وصول النيران إليه، فعمد هو إلى الصعود إلى القبة وإخماد الجزء المشتعل منها.

وقال إن الواجهة الفسيفسائية الأثرية جنوب المصلى أتلفت، وحرقت الأعمدة الرخامية وفتتت حجارتها، كما أحرق منبر صلاح الدين الأثري بالكامل وتبقت قطع متفرقة منه وضعت في المتحف الإسلامي لاحقا.

وذكر أشتيه أن المقدسيين هبوا لإطفاء الحريق والسجاد المشتعل فأصيب بعضهم بحروق بعد سقوط الرصاص المحترق عليهم من السقف، وجلب الماء من البيوت، واستعان آخرون بآبار المسجد.

وقال إن الحريق استمر  من الصباح حتى مغرب ذلك اليوم، كما استمر إعمار المسجد وترميمه جراء الحريق منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا.

وعمل أشتيه برفقة عمال لجنة الإعمار في المسجد الأقصى بعد الحادثة على تنظيف آثار الدمار واستبدال الأعمدة المحترقة ونصب الجديدة داخل المصلى، وتغطية السقف بالخشب والأسبتوس ثم بالباطون، كما عملت لجان الإعمار على ترميم النوافذ والفسيفساء والزخارف الأثرية، واستبدل السجاد، ونصب عام 2007 منبر آخر جديد مكان منبر صلاح الدين المحترق بأمر من ملك الأردن عبد الله الثاني.

المصدر : الجزيرة