جدار الاحتلال قسّم "بير نبالا" وشل اقتصادها
أمير أبو عرام-القدس
كان الفلسطيني يحتاج دقائق عدة ليتمكن من اجتياز شارع فلسطين نظرا لازدحامه بآلاف السيارات يوميا، ووجود عشرات المحال التجارية المتنوعة على أطرافه ما بين مطاعم ومعارض لبيع وتأجير السيارات، ومعامل الخشب والحديد، وبيع الأثاث، وصولاً إلى المصانع.
ويفتقد شارع فلسطين الذي يتوسط قرية بير نبالا اليوم إلى أدنى مقومات الحياة، وباتت محلاته التجارية وبيوته مهجورة، وأصبح ملعبا للأطفال لا يزاحمهم فيه أحد.
إغلاق وفصل
وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي شارع فلسطين في بير نبالا مطلع عام 2006، بعد عامين من بدء بناء الجدار العازل، الذي أحاط بالقرية من أغلب الاتجاهات وفصلها جغرافيا عن محيطها الممتد حتى مدينة القدس المحتلة.
بدأ التجار الفلسطينيون بالتوافد بشكل كبير إلى قرية بير نبالا منذ بداية التسعينيات حيث كانت تزدهر التجارة، وفق التاجر أسامة المحتسب، الذي يملك معرضاً لبيع البلاط وجاء إلى البلدة قادما من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
يقول المحتسب إن معرضه كان يعمل أحيانا لأربع وعشرين ساعة متواصلة، وكان الزبائن لا ينقطعون عنه، في حين لا يستقبل معرضه اليوم سوى العشرات خلال شهر كامل.
ويستذكر سنواته الأولى عند قدومه للقرية، حيث كان يستأجر شقة للسكن داخل عمارة سكنية مكونة من سبعين شقّة، وكانت كلّ هذه الشقق مليئة بالسكان، وبعد إغلاق الاحتلال شارع فلسطين اضطر للعيش لأشهر طويلة وحيداً في العمارة، حيث هجر السكان جميع بيوتهم واضطروا للعودة إلى بلداتهم التي جاؤوا منها.
تميزت قرية بير نبالا منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى بناء الجدار عام 2004 بقدرتها على جذب السكان إليها، إذ كان يمتاز موقعها الجغرافي بتوسطه بين مدينتي القدس ورام الله، وسهولة التنقل منها إلى مدن الـ48، وكانت أسواقها كفيلة بسدّ حاجات سكانها وزوارها.
ويهدف الاحتلال من خلال بناء الجدار العازل إلى ضرب الاقتصاد الفلسطيني بغرض تعزيز اقتصاده، حسب رئيس المجلس المحلي للقرية توفيق النبالي.
تعزيز الاستيطان
وأضاف النبالي أن الاحتلال يهدف إلى تدمير الاقتصاد في بلدة بير نبالا ليعززه في مستوطنة عطروت الصناعية، التي لا يفصلها عن البلدة سوى الجدار، حيث أصبحت اليوم مدينة صناعية كبيرة، يعمل الاحتلال جاهدا لتسهيل العمل فيها ووصول التجار إليها، رغم أنها كانت بالماضي تنافس أسواق بلدة بير نبالا.
لم يكتف الاحتلال بمحاصرة قرية بير نبالا من الجهة الشرقية التي تربطها بالقدس فقط، بل أكمل بناء الجدار ليحيطها من كل جوانبها ويبقيها على اتصال مع العالم من خلال مدخلين فقط، أحدهما يتصل بقرى شمال غرب القدس المحاصرة هي أيضا بالجدار، والمدخل الآخر يغلقه الاحتلال أحيانا بالحواجز العسكرية ويربط بين هذه القرى ومدينة رام الله.
ويؤكد النبالي أن أعداد السكان في البلدة قد انخفضت بعد بناء الجدار بشكل مباشر من خمسة عشر ألف مواطنٍ إلى أقل من خمسة آلاف مواطن ثبتوا في البلدة.
ويستذكر قريته خلال الثلث الأخير من القرن الماضي، مبينا أن شوارعها كانت الأكثر ازدحاما بالفلسطينيين القادمين من الداخل المحتل ومدينة القدس للشراء من أسواقها، ولكن بعض أحيائها اليوم ورغم محاولات النهوض بها، باتت مناطق منكوبة.