كاتبة تطرح تساؤلات عن الاحتجاجات الإيرانية

تظاهر المئات في كرمنشاه غربي إيران للاحتجاج على الفساد المالي ورفع الحكومة لأسعار السلع والضرائب
مواقع تواصل اجتماعي نشرت مقاطع لمظاهرات في مدن إيرانية احتجاجا على الفساد وغلاء الأسعار والبطالة
اهتمت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بالاحتجاجات المتواصلة في إيران منذ أيام، وقالت في تحليل للكاتبة الإيرانية فرناز فسيحي إن مطالب المتظاهرين تجاوزت الإصلاح، وإنهم يدعون إلى تنحي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

 
وقالت الكاتبة إن هذه الاحتجاجات تعتبر الأكثر انتشارا منذ الانتفاضة ضد نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009، وإنها تطالب بتغيير النظام، وهو تحرك يمكن أن تكون له تداعيات في جميع أنحاء المنطقة، وذلك لما لإيران من نفوذ كبير في دول أخرى بالشرق الأوسط مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن.
 
كيف بدأت هذه الاحتجاجات؟
وطرحت فسيحي بعض التساؤلات المتعلقة بطبيعة هذه الاحتجاجات فقالت إنها كانت صغيرة ومتناثرة وركزت على المظالم الاقتصادية، حيث كانت الحشود تتجمع للاحتجاج على الفساد المالي ومخصصات الميزانية للمؤسسات الدينية وإفلاس صناديق التقاعد.

لكن الناس في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد توجهوا الخميس الماضي إلى الشارع للتعبير عن غضبهم إزاء التضخم وما قالوا إنه فشل الرئيس حسن روحاني في الوفاء بوعده بالازدهار الاقتصادي، حيث كان الإيرانيون يتوقعون أن يؤدي الاتفاق النووي إلى إنهاء عزلة بلادهم وجلب الاستثمارات الأجنبية وزيادة فرص العمل وإتاحة الفرصة لقوة شرائية أفضل.

وانتشرت أخبار الاحتجاجات على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل واتساب الذي يحظى بشعبية في إيران، وما هي سوى ساعات حتى اندلعت احتجاجات عفوية أخرى في مدن أخرى مثل كرمنشاه وأصفهان وطهران.

ثم سرعان ما تحولت المظاهرات بشأن تردي الوضع الاقتصادي في نهاية المطاف إلى الاحتجاج على القمع السياسي، حيث انضم أبناء الطبقة الوسطى والناشطون الطلابيون والمعارضون المنشقون إلى المتظاهرين من الطبقة العاملة ونقابات العمال.

وبحلول يومي الجمعة والسبت انتشرت الاحتجاجات لتشمل جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدن مثل قم التي تعتبر حجر الأساس للحكم الشيعي، وفي مناطق أخرى تمثل معاقل النظام المعروفة باسم سكانها المحافظين والدينيين.

ماذا يريد المحتجون؟
وقالت الكاتبة إن المحتجين تجاوزوا المطالب التقليدية بالإصلاح إلى المطالبة بالإطاحة بالنظام والمرشد الأعلى، وإن بعض الحشود هتفت في بعض المظاهرات "عار عليك يا سيد علي، حان وقت رحيلك عن السلطة".

وأضافت أن المتظاهرين في طهران واجهوا جدارية لخامنئي فهتفوا قبالتها "الموت لك"، وأشارت إلى أن استهداف خامنئي علنا -وهو الذي يعتبرونه ممثل الله على الأرض- يعتبر جريمة تستحق عقوبة الإعدام.

وقالت إن بعض المتظاهرين في عدد من المدن أعربوا عن الحنين إلى آخر الحكام الملكيين الإيرانيين من سلالة بهلوي، وذلك من خلال استحضار اسم مؤسسها رضا شاه.

وأضافت أن كثيرا من الإيرانيين يعتبرون رضا شاه والد إيران الحديثة، وأن عصره يرتبط بالازدهار الاقتصادي في البلاد.

ماذا يهتف المحتجون؟

وقالت الكاتبة إن لدى الإيرانيين موهبة في الشعارات السياسية ذات قافية في الفارسية كما لو كانت أبياتا من الشعر، وإن من بين هتافاتهم:
"لا نريد جمهورية إسلامية، لا نريدها، لا نريدها".
وكذلك "إنهم يستخدمون الإسلام ذريعة لدفع الناس للجنون".
"الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإيرانية".
"الإصلاحيون، المتشددون، لعبة قد انتهت".
"كلنا إيرانيون، ولا نقبل العرب".
"نحن نتحول لفقراء ورجال الدين يقودون السيارات الفاخرة".
"رضا شاه، ارقد بسلام".
"سنموت، ولكننا سنستعيد إيران".
"اخرجوا إلى الشوارع أيها الإيرانيون، واصرخوا من أجل حقوقكم".
"الموت للحرس الثوري".

كيف استجاب النظام لهذه المظاهرات؟
واتجهت شرطة مكافحة الشغب والمليشيات المدنية إلى الشوارع في أنحاء البلاد، لكن عمليات القمع كانت هذه المرة أخف بكثير مما كان عليه الحال بالاحتجاجات السابقة.

كما اتخذ بعض المسؤولين الإيرانيين أيضا مسارا مختلفا، معترفين بأن لدى الجماهير مظالم اقتصادية مشروعة تحتاج الحكومة إلى معالجتها، كما ألقوا باللوم على قوى خارجية مثل وسائل الإعلام الأجنبية وقادة المعارضة المنفيين باختطاف الاحتجاجات والتحريض على الاضطرابات السياسية.

واستدركت بالقول إن تقارير فيديو انتشرت كشفت عن اشتباكات متناثرة مع قوات الأمن باستخدام الهراوات والغاز المدمع في مدن متعددة لتفريق الحشود، كما تم توزيع لقطات فيديو عن متظاهريْن قيل إنهما تعرضا للقتل بالرصاص في مقاطعة لوريستان الغربية.

كما تم إبطاء خدمة الإنترنت في طهران، وتم قطعها في مشهد حيث بدأت الاحتجاجات، وأوقفت المكالمات الدولية القادمة.

أين تتجه الاحتجاجات وكيف ردت الإدارة الأميركية؟
وقالت الكاتبة إن المظاهرات تميل للانتهاء، وذلك بسبب نقص القيادة ونقص التنظيم الواضح والأهداف، مضيفة أن النظام سيقمعها بشكل أقسى في حال استمرارها، وذلك مع اعتقالات جماعية وعمليات قمع عسكرية.

أما الرئيس الأميركي دونالد ترمب فأعرب على حسابه في تويتر عن دعمه المتظاهرين الإيرانيين، قائلا إن العالم يراقب.

كما أعرب مسؤولون أميركيون آخرون وشخصيات سياسية مثل رئيس مجلس النواب بول راين وعضو مجلس الشيوخ توم كوتون عن تضامنهم مع الشعب الإيراني.

وقالت الكاتبة إن الدعم الخارجي يكون في كثير من الأحيان ضارا بالنسبة إلى المتظاهرين داخل إيران، وذلك لأن النظام يستخدمه بشكل روتيني لتقويض مطالب المعارضة المحلية.

المصدر : الجزيرة + وول ستريت جورنال