كاتب بنيويورك تايمز يدافع عن سايكس بيكو
وأشار المقال الذي كتبه المحلل الأميركي بمركز سياسة الحزبين نك دانفورث إلى أنه أصبح من "الحكم التقليدية" القول -كما قال جو بايدن نائب الرئيس الأميركي مؤخرا- إن مشاكل الشرق الأوسط سببها الخطوط المصطنعة التي أقامت دولا مصطنعة مكونة من مجموعات ثقافية، دينية وعرقية محددة تماما (يقصد تقسيم سايكس بيكو).
وأوضح الكاتب أن الحدود الموجودة حاليا بين دول الشرق الأوسط ظهرت عام 1920، وتم تعديلها عدة مرات خلال العقود التالية، وأنها لا تعكس خريطة واحدة بل العديد من المقترحات الانتهازية من الإستراتيجيين المتنافسين في باريس ولندن، وكذلك القادة المحليين في المنطقة.
وأضاف أنه مهما كانت المشكلة التي تسببت فيها تلك الخرائط والمقترحات، فإن الأفكار البديلة لتقسيم المنطقة لا يوجد ما يؤكد أنها ستكون أفضل مما حدث، مضيفا أن اصطناع الدول من أراضٍ مختلفة يُعتبر عملية عنيفة وقاصرة.
نك دانفورث: خريطة الملك فيصل كانت ستضعه في نزاع مباشر مع المسيحيين المارونيين الذين كانوا يطالبون باستقلال ما يُسمى حاليا بلبنان، ومع اليهود ومشروعهم الصهيوني، وكذلك مع القوميين الأتراك الذين كانوا يسعون لتوحيد الأناضول |
وقال الكاتب إن خطة سايكس وبيكو لم تكن حريصة على أكثر من ضمان السيطرة على المناطق التي لديها فيها مصالح اقتصادية وإستراتيجية محددة. ففرنسا حرصت في الخطة على الحفاظ على روابطها التجارية مع الشام والعلاقات الوثيقة بمسيحيي المنطقة، أما بريطانيا فكانت حريصة على تأمين طرق التجارة والاتصالات إلى الهند عبر قناة السويس والخليج العربي.
وأضاف أن تلك الخطة لم تكن حريصة على حدود معينة إلى الحد الذي حاولت فيه الأخذ في الاعتبار التقسيمات العرقية والدينية والثقافية وأفكار هذه المجموعات بشأن المستقبل، وحتى عرضها وعدا بإنشاء دولة عربية واحدة أو عدة دول عربية، لكن وبالطبع تحت النفوذ الفرنسي والبريطاني.
وذكر أن الملك فيصل بن الحسين الذي قاد الجيوش العربية المدعومة من بريطانيا ضد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى وأصبح زعيم المملكة العربية السورية، كانت حدوده الطموحة تشمل سوريا الحالية والأردن وإسرائيل وأجزاء من تركيا (وليس العراق). وتساءل الكاتب إن كانت خريطة الملك فيصل ستكون أفضل من الخريطة المفروضة من الخارج والتي تم اعتمادها في نهاية المطاف (سايكس بيكو)، مجيبا بأنه ليس هناك إمكانية للإجابة عن هذا السؤال.
وأشار إلى أن خريطة الملك فيصل كانت ستضعه في نزاع مباشر مع المسيحيين المارونيين الذين كانوا يطالبون باستقلال ما يُسمى حاليا بلبنان، ومع اليهود ومشروعهم الصهيوني، وكذلك مع القوميين الأتراك الذين كانوا يسعون لتوحيد الأناضول.
وأورد أيضا أن الفرنسيين عندما استولوا على سوريا كانت خطتهم أن يقسموها إلى دويلات أصغر تحت سيطرتهم على أسس عرقية، مناطقية وطائفية. هذه الدويلات هي دويلة العلويين، ودويلة الدروز، ودويلة الأتراك، ودويلتان في الوسط حول أكبر مدينتين سوريتين، دمشق وحلب.
وقال إنه اليوم وبعد خمس سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، ظهرت مطالبات بتقسيم سوريا بنفس تقسيم الفرنسيين السابق الذي تخلت عنه باريس بعد الاحتجاجات القوية من قبل المواطنين المدفوعين بأفكار الوحدة السورية أو العربية.