صحيفة: مخاوف بريطانية بسبب مسوغ قانوني لضرب سوريا

Relatives and activists inspect the bodies of people they say were killed by nerve gas in the Ghouta region, in the Duma neighbourhood of Damascus August 21, 2013 in this handout provided by Shaam News Network. Syrian activists accused President Bashar al-Assad's forces of launching a nerve gas attack on rebel-held districts near Damascus on Wednesday that they said killed more than 200
undefined
تداعيات الأحداث والهجمات الكيمياوية السورية كان لها النصيب الأكبر في تقارير ومقالات الرأي بالصحف البريطانية، فقد أشارت إحداها إلى الحديث عن مسوغ قانوني لتوجيه ضربة جوية، وأشارت ثانية إلى أن تجاوز خط أوباما الأحمر دفع أميركا للتحرك، وكتبت ثالثة عن احتمال مقاومة أوباما لتدخل واسع في سوريا، بينما ذكرت أخرى أن تحذير روسيا لم يلق اهتماما، وقالت أخرى إن مؤتمر سلام هو الحل للأزمة.

فقد كتبت ديلي تلغراف أن رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون يواجه مطالبات بوضع مسوغ قانوني للعمل العسكري ضد سوريا وسط قلق متزايد بسبب تدرج وسرعة تعهد بريطانيا بصراع آخر في الشرق الأوسط. وحذر وزير الخارجية وليام هيغ أمس بأن القوة قد تكون هي الخيار العملي الوحيد ردا على ما تعتقده الحكومة بأنه كان هجوما كيمياويا من قبل النظام السوري الذي راح ضحيته مئات المدنيين في دمشق الأسبوع الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى ما جاء على لسان وزارة الخارجية أن بريطانيا وأميركا وفرنسا متحدون في استعدادهم للتحرك ولا يحتاجون إلى أي قرار أممي آخر بموجب القانون الدولي. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد وصف الهجوم بأنه "عمل مشين أخلاقيا" وحذر بأن الأسد يجب أن يواجه "العواقب".

مصداقية أميركا
وفي سياق متصل كتبت نفس الصحيفة أن تجاوز الأسد لخط أوباما الأحمر قد أجبر أميركا على اتخاذ إجراء ضده. وقالت الصحيفة إنه من أجل خير العالم يجب الحفاظ على مصداقية أميركا كقوة عظمى.

وعادت الصحيفة بذاكرة التاريخ إلى حادثة في غابر الزمان عندما اختبر حكام قرطاج تصميم القوة العظمى الموجودة آنذاك بمهاجمة مملكة نوميديا المجاورة، فما كان من روما إلا أن ردت على هذا القرار المتهور بشن الحرب البونيقية الثالثة وحولت قرطاج إلى أطلال واستعبدت شعبها.

استطلاع للرأي نشر أول أمس كشف أن الأميركيين يعارضون بقوة أي تدخل أميركي في الحرب الأهلية السورية

والدرس من هذه القصة، كما أوردت الصحيفة، هو أن استفزاز قوة عظمى يمكن أن يكون عملا خطيرا، وفي النهاية فإن المصداقية هي أغلى ما تملكه أي قوة عظمى. وإذا أصدرت الدول المتفوقة تهديدا أو قدمت ضمانات أو رسمت "خطا أحمر"، فيجب أن تكون مستعدة لفرض إرادتها، وإلا فإن هذا المدخر الثمين سيلوث، وربما للأبد.

ولهذا السبب ترى الصحيفة أن تدخل أميركا عسكريا في سوريا يبدو الآن أكثر ترجيحا لأن الرئيس أوباما يشعر أنه ليس لديه خيار آخر حيث إن مصداقية بلاده على المحك، ولا يمكن لزعيم قوة عظمى أن يسمح بتعريض هذا الشيء الثمين للخطر.

أما صحيفة غارديان فقد نقلت عن مسؤول بالبيت الأبيض أن باراك أوباما من المرجح أن يسعى إلى دعم دولي واسع قبل القيام بأي عمل عسكري ضد سوريا، وحتى عند حدوث ذلك فسيقاوم أي شيء أكثر من ضربة رمزية.

وأشارت الصحيفة إلى استطلاع للرأي نشر أول أمس كشف أن الأميركيين يعارضون بقوة أي تدخل أميركي في الحرب الأهلية السورية، ويعتقدون أنه يجب على واشنطن البقاء بعيدا عن الصراع حتى وإن تأكدت مزاعم استخدام الأسلحة الكيمياوية.

تحذير روسي
ومن جانبها، أشارت صحيفة إندبندنت إلى تحذير روسيا لبريطانيا وأميركا أمس من مغبة انتهاك القانون الدولي دون موافقة الأمم المتحدة إذا نفذتا ضربات جوية ضد النظام السوري بأنه لم يلق آذانا صاغية.

وذكرت الصحيفة أنه بدون تفويض أممي للتحرك -الذي سيكون مستحيل التحقيق بسبب المعارضة الروسية والصينية- فإن المسوغ القانوني للحرب من المرجح أن يتوقف إما على الحق في حماية المدنيين، كما حدث عندما قصف حلف شمال الأطلسي (ناتو) صربيا عام 1999، أو على الحاجة لمنع انتهاكات المعاهدات الدولية التي تجرم استخدام الأسلحة الكيمياوية.

مؤتمر سلام
وأضافت الصحيفة في تعليق لها أن مؤتمر سلام فقط، وليس الضربات الجوية، هو الذي يمكن أن يوقف المزيد من إراقة الدماء. لكن على الحكومات في واشنطن ولندن وباريس أن تدرك أن هذه المذبحة الأخيرة في دمشق هي فرصة وجريمة أيضا.

فهي فرصة لأن فظاعة الأسلحة الكيمياوية والأزمة التي أثارتها تبين أن الحرب الأهلية السورية لا يمكن تركها لتستفحل، ومن ثم يجب استغلال هذا الإحساس بالضرورة الملحة بين القوى الأجنبية التي ولدتها الأزمة الحالية لبدء مفاوضات السلام المتأخرة كثيرا في جنيف.

وترى الصحيفة أن وقف إطلاق النار هو الحاجة الأكثر إلحاحا الآن بحيث يكون تقاسم السلطة جغرافيا، بمعنى أن كل طرف يتمسك بالأرض التي يسيطر عليها. ومثل هذه الهدنة يجب أن تكون في مكانها الصحيح ومراقبة من قبل فرق أممية. وقد لا تغطي هذه الهدنة كل البلد، وبدون شك ستُنتهك كثيرا، لكنها ستكون أفضل من الفوضى الدموية الحالية.

وقالت إن مؤتمرات السلام لديها أفضل فرصة للنجاح عندما يوقن أحد طرفي النزاع أنه فاز ويريد جعل نصره رسميا، بينما الطرف المهزوم يريد أفضل الشروط الممكنة. ومن ناحية ثانية فإن مفاوضات السلام قد تكون مثمرة عندما تخور قوى الطرفين ويستفيقا على حقيقة أنهما لن يحرزا نصرا كاملا. وخطر تقديم المزيد من الأسلحة للمعارضة هو أنه لن يمكنها من الفوز لكنه ببساطة سيفاقم مستوى الاقتتال.

المصدر : الصحافة البريطانية