لماذا تراجع نتنياهو عن ضرب إيران؟

Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu gestures speaks during a joint press conference with his Bulgarian counterpart Boyko Borisov (not seen) in Jerusalem on September 11, 2012
undefined

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن انهيار التحالف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك ليس هو السبب وراء التراجع التام لنتنياهو عن تهديداته المستمرة بضرب إيران، رغم الضجة الكبيرة التي أثارها بشأن ذلك، متهما باراك بالتآمر مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من وراء ظهره.

وأكدت الصحيفة في مقال للكاتبين غراهام تي أليسون وشاي فيلدمان نشرته اليوم أن تراجع نتنياهو ناتج عن المعارضة التي استغرق بناؤها فترة طويلة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضد الفكرة في حد ذاتها (توجيه ضربة عسكرية مبكرة ضد إيران) خاصة إذا لم تجد موافقة من الولايات المتحدة.

وأشار الكاتبان إلى أن الضجة التي أثارها نتنياهو ضد وزير دفاعه تعبر عن حجم التراجع الكبير لرئيس الوزراء والصعوبة التي واجهها في تبرير تراجعه.

نتنياهو مهد لتراجعه
كذلك أشار الكاتبان إلى أن نتنياهو مهد لتراجعه بحديثه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي عرض خلاله رسما بيانيا به خط أحمر قال إنه لن يسمح لإيران بعبوره. وأوضحا أنه مهد في حديثه ذلك بإقراره أن طهران لن تكون قادرة على عبور ذلك الخط قبل الربيع أو الصيف المقبلين.

وقال الكاتبان إن قول نتنياهو هذا يعني أنه سيكف عن تحذيراته العاجلة لإيران، كما تسبب في وقف التكهنات بأنه ربما ينفذ ضربة فردية ضدها قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

معارضة القادة الأمنيين
وأوضح المقال أن كبار القادة العسكريين والأمنيين الإسرائيليين السابقين -وحتى المستمرين- في الخدمة ظلوا لأشهر يفندون علنا وبحيوية ظاهرة حجج نتنياهو الداعية لشن ضربة عسكرية سريعا ضد إيران، بدلا عن ضربها بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى.

العلاقات الدفاعية الأعمق بالتاريخ بين أميركا وإسرائيل خلفت ما يمكن أن يُسمى "اللوبي الأميركي" وسط خبراء ومسؤولي الأمن بإسرائيل الذين لديهم حاليا مصالح قوية بالاستمرار بالشراكة الوثيقة مع رصفائهم الأميركيين

بالإضافة إلى ذلك، فإن نتنياهو ووزيره أثبتا أنهما غير قادرين على الحصول على دعم كاف لهذه الضربة المبكرة من قبل الأعضاء الآخرين بحكومتهم، ولا حتى داخل الحكومة المصغرة التي تتشكل من تسعة أعضاء.

وفي أغسطس/آب الماضي انتهز رئيس إسرائيل "وأبو المشروع النووي" الإسرائيلي شمعون بيريز فرصة الاحتفال بعيد ميلاده الـ89 ليعلن رفضه القاطع لأي هجوم فردي، رغم أن الأعراف لا تبيح للرئيس -ذي المنصب الفخري- أن يدلي بحديث في السياسة.

نهج إدارة أوباما
وأبرز الكاتبان الجهود التي بذلتها إدارة باراك أوباما من خلف الكواليس لتعزيز الفكرة التي كانت تدور بالأوساط الأمنية الإسرائيلية بأن الضربة الفردية المبكرة ضد إيران لن تخدم المصالح الإسرائيلية، ومن شأنها الإضرار بعلاقاتها بواشنطن.

وأشاد المقال بنهج إدارة أوباما الذي حاصر نتنياهو وأجبره على التراجع نهاية المطاف. وقالا إنه وبدلا من إبعاد إسرائيل وتهديدها بعقوبات، زادت واشنطن مساعداتها الأمنية لتل أبيب إلى الحد الذي وصف فيه وزير الدفاع الإسرائيلي تلك المساعدات بأنها الأضخم في تاريخ إسرائيل.

وسرد المقال أشكال هذا الدعم. وأشار إلى التعاون في مجال تبادل المعلومات الذي أدى إلى تقارب تقييمات الجانبين لـ البرنامج النووي الإيراني، والعمليات الإلكترونية المشتركة لإبطائه، ودعم تطوير الدفاعات الإسرائيلية ضد الصواريخ.

وأكد المقال أن واشنطن وتل أبيب توصلا الآن إلى نهج إستراتيجي مشترك معلن تجاه البرنامج النووي الإيراني، وهو تركيز جهود الدولتين لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي، مع عدم استبعاد خيار الاحتواء والردع لإيران نووية.

وأشار الكاتبان إلى مساعدة أخرى وصفاها بالأهمية المساوية لما ذكرا، وهي العلاقات المؤسسية والشخصية الوثيقة بين كبار العاملين في مؤسستي الدفاع والاستخبارات بالبلدين.

وقالا إن واشنطن وظفت هذه العلاقات لنقل رسالة واضحة: لا تضربوا قبل استنفاد جميع الجهود غير العسكرية.

اللوبي الأميركي بإسرائيل
وأضافا بأن العلاقات الدفاعية الأعمق في التاريخ بين أميركا وإسرائيل خلفت ما يمكن أن يُسمى "اللوبي الأميركي" وسط خبراء ومسؤولي الأمن بإسرائيل الذين لديهم حاليا مصالح قوية في الاستمرار بالشراكة الوثيقة مع رصفائهم الأميركيين.

لذلك ليس من المصادفة، كما استنتج غراهام تي أليسون وشاي فيلدمان، أن تصبح المؤسسات الأمنية الإسرائيلية من بين أكثر المعارضين لضرب إيران "لا جهة غيرها تعلم أفضل منها الأضرار التي يمكن أن تقع إذا تم تجاهل مخاوف واشنطن".    

المصدر : نيويورك تايمز