سهام صالحي.. "شهرزاد" الجزائر التي اتخذت من الجمهور "شهريارا" لها

قصص للأطفال وأخرى للكبار، تسردها الفنانة الجزائرية لتذكّر الجزائريين بشخصيات تعلّقوا بها في شهر رمضان المبارك.

تستخدم سهام فن الحكاية للتوعية بمرضها النادر الجزائر قسنطينة الجزيرة نت
الفنانة الجزائرية سهام صالحي تعدّ الحكاية قضيتها (الجزيرة)

الجزائر – "يروى أن شابا أمهلته والدته سنة واحدة كي يتزوج، حمل كرّاسه ودار بين رجال قريته يكتب عن مكايد النساء تحضيرا لزواجه بعد سنة، حاول أن يحفظ كل المكايد التي قد تفعلها المرأة بزوجها كي يتجنّبها، وفي طريق عودته من رحلته تلك كادت له امرأة فاصطادته في شباكها وضاع جهد سنة البحث ذاك".

هكذا تقول الحكاية التي تختتمها الحكواتية الجزائرية سهام صالحي بالقول "الخير امرأة والشر امرأة أيضا".

بلباسها الجزائري التقليدي، تقف الفنانة الحكواتية سهام صالحي على المسرح قائلة بلهجتها الجزائرية "دعتني الحكايات إلى البستان، دخلت وطلبت الأمان، في كل شجر حكاية، وأنا اخترت لكم واحدة من الثمرات"، ترفع من حماسة الجمهور حين تروي "أطراف" حكايتها.

تقول سهام صالحي للجزيرة نت "جدّتي هي مدرستي الأولى في فن الحكاية؛ ففي زمن سابق لم يكن هنالك تلفاز وكانت الجدة هي مصدر تسليتنا وتعليمنا، كنا ننتظر الليل بشغف كي ننام جميعنا على فراش واحد تحت غطاء واحد لنسمع بقية قصة الجدة".

"القوال" في الجزائر

صرخ المسرحي العملاق الراحل عبد القادر علولة يوما بقصصه على المسرح، وناضل كي لا تتوقف القضية عنده، قضية الحكاية أو ما يعرف في الجزائر بـ"القوال" (الراوي)، وهذه المرة الصرخة نسوية، والإبداع ناعم بصوت الحكواتية سهام صالحي.

تحكي الفنانة سهام صالحي قصصا من التراث "اللامادي" الجزائري، تسرد الحكاية الشعبية، تشدّ أنفاس جمهورها الذي يعيش الحكايات معها، ولا تكاد تحضر هذه السيدة في حدث إلا يطلب منها أن تروي قصة بأسلوبها الباهر.

تعتبر سهام الحكاية قضيتها قسنطينة الجزائر الجزيرة نت
سهام صالحي تستخدم فن الحكاية للتوعية بمرضها النادر (الجزيرة)

للحكاية بقية

يجتمع الساهرون حولها، يلاحقون تفاصيل القصة التي تحكيها، في فن يسمى في الجزائر بفن "القوالة" أو "الحكواتية" الذي تحول في العقود الأخيرة إلى ما يشبه فن الـ"وان مان شو" (عرض الممثل الواحد).

وتتمسك صالحي بميولها للحكاية بشكلها الكلاسيكي الذي بدأته منذ أكثر من 15 سنة، تقول للجزيرة نت "المسرح شغفي وفن الحكاية قضيتي".

ترى صالحي أن الفن الذي تقدمه هو دليل وفاء لأسلافها في المسرح ببلادها و"لقصص الجدات، ووفاء للسعادة التي كانت تكمن في أبسط الأشياء".

قصص للأطفال وأخرى للكبار، تسردها الفنانة الجزائرية لتذكّر الجزائريين بشخصيات تعلّقوا بها في شهر رمضان، مثل شخصية "جحا"، تقصُّ على الحاضرين حكايتها وتمثلها فتخطف أنفاسهم وترسم خيالهم من خلال تجسيدها لكل مشهد في تلك القصة بصوتها.

حكايات تشبه "ألف ليلة وليلة"، كشهرزاد تجلس سهام قبالة الجمهور متخذة إياه "شهريارا" لها، وتقف في أحايين كثيرة مستندة إلى عكازها الذي يعينها على رجلها التي باتت بلا قوة بعدما تطورت حالتها الصحية إثر إصابتها بمرض نادر.

بلا ديكور، ففي فن الحكاية يعدّ "القوال" ديكور المسرح، فيجب ألا يشد انتباه الحضور غير الحكواتي بقصته وصوته وحركاته وتعابير وجهه.

سهام صالحي مهندسة دولة في جيولوجيا المناجم، تكرّس اليوم حياتها للفن وللتعريف بمرضها الذي يعرف بأنه "ضمور عضلي ناتج عن إصابة بمرض عصبي"، تتحدث عن الأحلام قائلة "أكبر أحلامي أن أركض حافية على شاطئ البحر وقت الغروب".

"الريبارتوار"

وعن مصدر رصيدها القصصي، تقول صالحي "أقتبس من الحكايات القديمة الجزائرية والعالمية، وأضيف عليها بهاراتي الفنية الخاصة، اختلاطي مع الجمهور جعلني أعرف جيدا الطريق لشدّ انتباهه".

قصص من المخيال الشعبي، حبكة وأبيات من الشعر العامي وعِبر، تنهيها صالحي بجملتها الشهيرة قائلة "حكايتي مشات من الواد للواد وحكيتها للأجواد وولاد الأجواد، كان كذبت أنا يغفر لي الله وكان كذب الشيطان ينعلو ويخزيه".

المصدر : الجزيرة