الحرب على غزة أفقدت الأطفال الكثير من الأمن والأمان

اشتد كره الأطفال لساعات الليل خلال الحرب على غزة، الكثير من الدعوات ترسل إلى السماء من أجل أن تطول ساعات النهار

قدت عائلتها كاملة ولم ينجو الا والدها رياض أشكنتنا.
سوزي فقدت عائلتها كاملة ولم ينج إلا والدها محمد إشكينيا (الجزيرة)

الحرب على غزة آلمت الأطفال وأوجعت قلوبهم، حكايات فقد عديدة لم يسلم منها طفل في هذه الحرب، صرخاتهم كل ليلة خطت قصصا طويلة لمعاناة تضاف إلى مآسي الطفولة في العالم.

وأحصت وزارة الصحة سقوط 65 طفلا شهيدا من بين شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة، إضافة إلى عشرات المصابين.

5- غزة/الجزيرة/ حالة خوف شديد تصيب الأطفال خلال هذه الحرب.
حالة خوف شديد تصيب الأطفال خلال هذه الحرب (الجزيرة)

قصة نجاة وفقد

سوزي إشكينيا (7 سنوات) فقدت عائلتها خلال استهداف عمارة أبو عوف في شارع الوحدة وسط مدينة غزة ليلة السبت الماضي، تتحدث للجزيرة نت عن اللحظات الأخيرة لها مع عائلتها قائلة "كنت جالسة مع أمي وأبي وأخواتي في غرفة واحدة لكي نكون بجانب بعضنا، وقلت لوالدتي لا تذهبي إلى الجنة بدوني، كان والدي يحاول أن ينسينا صوت الصواريخ بالحديث معنا، لكن صوتها كان عاليا جدا".

وتضيف إشكينيا "احتجت أن أذهب إلى الحمام لكنني كنت خائفة جدا، والدتي شجعتني على الذهاب برفقة والدي، وهو سوف ينتظرني إلى حين خروجي، ذهبت مع والدي، وأنا بالداخل سمعت صوت قصف شديد، خرجت فوجدت أبي يتحرك بسرعة من مكانه وبعدها وقع كل شيء على رأسنا، لم أعد أريد أن أذهب إلى الحمام أبدا".

حالة من الحزن تصيب الأطفال على فقد منازلهم.
حالة من الحزن تصيب الأطفال على فقدان منازلهم (الجزيرة)

خرجت سوزي ووالدها من مستشفى الشفاء الطبي في غزة بعد تلقيهما العلاج اللازم، ولكنها تعيش حالة نفسية صعبة، فهي لا تعلم أن والدتها وإخوتها قد استشهدوا، يحاول والدها أن يشغلها بوجود أطفال الجيران حولها حتى لا يبقى الحزن بداخلها، لكنها بدأت تفتقد والدتها وإخوتها وتسأل عن غيابهم كثيرا.

محمد إشكينيا (42 عاما) -والد سوزي- كان يعتقد أنه يعيش في منطقة آمنة جدا لا يمكن أن يتم استهدافها من قبل الطائرات الإسرائيلية، يمر هو الآخر في حالة من الصدمة بعد فقد أطفاله الأربعة، وهم دانا (9 سنوات)، ولانا (6 سنوات)، ويحيى (4 سنوات)، وزين (عامان ونصف)، وزوجته (28 عاما).

يقول إشكينيا للجزيرة نت "لم أشعر للحظة أنني أعيش في منطقة خطرة على أطفالي، لقد كنت أقول دائما إنها مكان آمن ولكن خابت كل ظنوني بعد هذا الاستهداف الصعب، فقدت 4 من أطفالي وزوجتي، سمعت أصوات أطفالي تحت الركام يصرخون "بابا.. بابا" وبعد لحظات يختفي صوت واحد تلو الآخر، حتى جاء أحد رجال الإنقاذ، كان ينادي إن كان يوجد أحد في المكان وكنت أصرخ "الله.. الله" حتى أخرجني من المكان، ثم خرجت طفلتي سوزي بعد 10 ساعات من تحت الركام، بقاؤها على قيد الحياة معجزة لكي تكون سندا لقلبي".

/ 42 ألف مواطن لجأوا الى مدارس الأونروا هربا من شدة القصف في مناطق سكنهم.
42 ألف مواطن لجؤوا إلى مدارس الأونروا هربا من شدة القصف في مناطق سكنهم (الجزيرة)

نزوح الأطفال مع عائلاتهم إلى المدارس

أكثر من 42 ألف مواطن لجؤوا إلى 52 مدرسة تابعة لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وأخرى حكومية، بسبب القصف العنيف وتضرر منازلهم في المناطق الشرقية الحدودية ومناطق شمال قطاع غزة.

خالد العطار (12 عاما) -من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة- خرج من بيته في منتصف الليل هربا من شدة الصواريخ، كان يحتضن أخويه بعمر الخمس والأربع سنوات مسرعا إلى مدرسة الأونروا لتحميه من شدة القذائف والصواريخ.

يقول للجزيرة نت "كنت أتفقد ملابس العيد وأتحدث مع أخواتي عما سنفعله خلال أيام العيد، ولكن سمعنا أصوات قذائف شديدة تطلق نحو منازلنا ورأينا إضاءة انفجارات الصواريخ من الشبابيك وكأن الوقت في النهار، صرخ والدي وطلب منا الخروج من المنزل وكانت الانفجارات حولنا كالإعصار، وجدنا أنفسنا في مدرسة الأونروا الموجودة في منطقتنا، ثم انتقلنا إلى مدرسة حي النصر، لن أنسى هذا المشهد أبدا، ما زال الكابوس يراودني كل ليلة".

ليال ساخنة عاشتها المناطق الشمالية من القطاع خلال أيام الحرب، حيث تدمرت المنازل بشكل كامل وهجر منها السكان، الجميع لجؤوا إلى المدارس على الرغم من أنها لا تحتوي على أساسيات الحياة، ولكنهم أجبروا على البقاء فيها لأنها أكثر أمانا من الصواريخ التي لا ترحم طفولة أبنائهم.

تقول والدة خالد للجزيرة نت "لا أستطيع وصف ما نعيشه خلال هذه الأيام، أطفالي يرتعشون من الخوف، ومحاولاتي للتخفيف عنهم لا تنجح، هم حزينون على ملابس العيد التي دفنت تحت أنقاض المنزل وألعابهم التي اشتريتها لهم، يبكون بحرقة على ما فقدوه، وفي الليل يصرخون خلال نومهم من الكوابيس التي يرونها".

4- غزة/الجزيرة/ تشريد العائلات من شارع الصناعة في وسط مدينة غزة.
تشريد العائلات من شارع الصناعة في وسط مدينة غزة (الجزيرة)

شبح الحرب يظهر ليلا

اشتد كره الأطفال لساعات الليل خلال الحرب على غزة، الكثير من الدعوات ترسل إلى السماء من أجل أن تطول ساعات النهار، حيث تزداد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال ساعات الليل، ومع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يبدو الأمر أكثر سوءا لدى الأطفال.

تمارا سالم (14 عاما) -من مدينة غزة- تقول للجزيرة نت "أنا أكره الليل، عشت ليلة مرعبة للغاية، صوت الصواريخ كان يتردد في كل وقت، لم أستطع النوم، جلست بجانب أمي لكي أشعر بالأمان، فجأة سمعت صوت انفجارات كبيرة بجانب منزلي وبعدها صراخ الجيران بصوت عال، شعرت أنه يوم القيامة، جيراننا من عائلة أبو عوف قتلوا وهم نائمون، كل ليلة أقول نحن اليوم دورنا في الموت، لا أريد لليل أن يأتي أبدا، يكفينا موتا ودمارا".

ظلمة الليل التي يكرهها أطفال غزة بسبب تشريدهم من منازلهم.
أطفال غزة يكرهون ظلمة الليل بسبب القصف الإسرائيلي (الجزيرة)

326 ألف طفل في قطاع غزة مسجلون لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وذكرت المنظمة أنه و"قبل هذا التصعيد كان طفل من بين كل 3 أطفال في غزة بحاجة إلى الدعم النفسي لمساعدتهم على التعامل مع العنف والضغط والخوف الذي يتعرضون له في حياتهم اليومية بسبب الوضع والحصار الإسرائيلي للقطاع، ولا شك أن هذا العدد ازداد بشكل كبير خلال الأيام الماضية".

وتضيف أن "استمرار التعرض للعنف له تأثير كبير على الصحة النفسية للأطفال، لا شك في أن عدد الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض الضيق النفسي قد ازداد الآن، هم الفئة الأكثر تضررا أثناء النزاع، هناك حاجة ماسة إلى تدخل طارئ في مجال الصحة النفسية للأطفال".

المصدر : الجزيرة