نور.. ناجية من السرطان والإهمال الطبي تروي قصتها بالكوميكس

woman with stomachache illness
رحلة طويلة من الألم والمعاناة خاضتها نور حتى تم تشخيصها بسرطان المبيض (غيتي)

أن ترسم أفكارك أفضل من أن تختنق بها، فتهزم مرتين؛ مرة بالمرض، وأخرى بالحزن، وقد لا تحدث المعجرات، وربما على الجميع تقبّل الاختبارات الثقيلة حتى النهاية. يحاول البعض الاستمتاع بالحياة أو التكيف مع الظروف المؤلمة  قدر الإمكان، والاستمرار في الضحك بديلا من الدموع.

لهذا كان قرار الشابة المصرية نور عبد العزيز (25 عاما) أن تحكي قصة مرضها مع السرطان بصورة مختلفة، لا تستدعي الحزن أوالتعاطف فقط، لكنها أيضا تجبرك على الابتسام.

بالكوميكس والرسم الكاريكاتيري اختارت خريجة قسم الفنون والتصميم أن تؤرّخ لرحلتها مع مرض السرطان.

تحكي نور للجزيرة نت أن معاناتها الأخيرة لم تكن المرة الأولى التي ينقذها فيها الرسم، فقد كان القلم والورقة هما المنقذان لها في أوقات الحزن والاكتئاب، لكن في هذه المرة كان الفن أكثر من رفيق، كان لسانها الذي حمل امتنانا للعالم الذي وقف بجوارها، وتقديرها لكل لحظة مرت بها سواء أكانت لحظة أمل أم ألم، المهم أنها لا تزال قادرة على التعبير وعلى الرسم.

الفن كان أكثر من رفيق لنور فقد كان لسانها الذي حمل امتنانا للعالم الذي وقف بجوارها (الجزيرة)

حياة عادية عاشتها نور قبل عام 2019، ترويها للجزيرة نت، إذ عملت في بعض شركات الغرافيك، ثم كان التدريس مرحلتها الأخيرة، قبل أن تكتشف الأمر الذي غيّر حياتها تماما داخل إحدى صالات التدريبات الرياضية، التي كانت الفتاة العشرينية تنوي الانتظام فيها للحفاظ على قوام مثالي، لكن القوام الذي تحاول الوصول إليه بالزومبا واليوغا يشوهه بطن كبير، مشدود طوال الوقت.

في البداية ظنت أنه أثر التدريبات الجديدة، لكن الوضع كان يزداد سوءا وحجم البطن يزداد كبرا، من دون أن يصاحبه زيادة تذكر في وزنها، وفي أحد صباحات شتاء 2019 فاجأ نور ألم شديد بالبطن، لم تفلح جميع المسكنات في إيقافه، وعلى وجه السرعة بدأت رحلة من صور الأشعة انتهت بأن عرفت أن ثمة شيئا ما ينمو بداخلها.

"أكلت نور توأمها" الجملة التي لم تفهمها الفتاة وأسرتها للوهلة الأولى، إلى أن استكمل الطبيب شارحا "كان سيرافق نور في رحلة حمل والدتها بها توأم آخر، وفي بعض الأحيان تأكل خلايا التوأم بعضها، ويسيطر القوي على الضعيف، وهذا ما حدث، فولدت نور وبداخلها توأمها الذي ظل يرافقها طوال عمرها، حتى شعرت بتلك الآلام التي تريد إخراجه من داخلها".

خرج توأم نور، الخلية الضعيفة مكونة من العظام والأسنان والجلد والشعر والملامح، كأنه طفل صغير مكتمل التكوين، في حالة يطلق عليها علميا "تيراتوما"، تحدث لشخص واحد في كل نصف مليون شخص.

 

كان السؤال الذي ما فتئت تكرره نور على مسامع طبيبها الذي تابع حالتها منذ البداية، وتصفه بأنه طبيب العائلة "حضرتك متأكد يا دكتور إني كده خلاص شفيت؟"، يجيبها الطبيب مؤكدا شفاءها بنسبة 100%، وأن تنزع عنها تلك المخاوف "عليك فقط إجراء أشعة بعد 3 أشهر".

لم تمهل كورونا نور حتى تنتهي فترة انتظارها، فأغلق العالم أبوابه، وأثناء ذلك كانت نور عادت لحياتها الطبيعية؛ تعمل وتمارس الرياضة وتقابل أصدقاءها، وترسم معاناتها، ثم عادت من جديد ملاحظتها لكبر حجم بطنها الذي صار ينتفخ لكن من دون آلام هذه المرة، مع غياب الشهية وإسهال مستمر.

في الجوار تسكن طبيبة، طلبت منها تحاليل كورونا، التحاليل لم تكن مبشرة، ليست بكورونا وحسب، وساورت الطبيبة شكوك حول حالة نور، تبعا لتاريخها المرضي، لكن الأمر لم يستدع اهتمام الأسرة، وعوملت نور باعتبارها مريضة "كوفيد-19″، لكنها لم تتحسن على الأدوية.

نور هزمت أوجاعها برسم رحلة مرضها في صورة كوميكس (مواقع التواصل)

رحلة طويلة من الألم والمعاناة خاضتها نور حتى تم تشخيصها بسرطان المبيض في المرحلة الرابعة، وأن كل ما حدث منذ البداية كان نتاج خطأ طبي لطبيب أمراض نساء، سارع في تشخيص الإصابة الأولى بالتيراتوما من دون تحليلها كعينة تحتمل وجود أورام سرطانية وهو ما كان سيقضي على معاناة استمرت مع نور وأسرتها حتى الآن، تحاليل وأشعة وجراحات، وآثار لا تنتهي لرحلة العلاج، أقلها الألم النفسي والشعور الدائم بالحزن لأنها كانت ضحية طبيب وصف أوجاعها بـ"دلع بنات".

كان الرسم هو خيار نور في رحلتها الطويلة مع الألم التي بدأت تيراتوما ثم سرطانا في مرحلته الرابعة، وأخيرا رئة لا تعمل بكفاءة، القصة المصورة التي بدأتها نور في أواخر ٢٠٢٠ لتحكي بها خطواتها مع المرض تحمي من يمرون بحالتها النادرة، وتخبر النساء أن عليهن ألا يثقن بمن يتهكم على أوجاعهن أو يعدّها مجرد وهم.

قصة نور التي اختارت لها عنوان "أكلت توأمي" تفاعل معها كثيرون، بخاصة في مجموعات دعم مرضى السرطان، وتقول نور عن مشاركتها في تلك المجموعات "أفضل ما أنتجته مواقع التواصل الاجتماعي أن تجعل الوصول إلى أصحاب التجارب والتواصل بينهم أمرا يسيرا".

المصدر : الجزيرة