في كينيا.. القاصرات يختن ويزوجن بأعداد مقلقة

زواج الفتيات القاصرات لا يزال ظاهرة متبعة في مقاطعة سامبورو وغيرها من مناطق كينيا (غيتي-صورة تعبيرية)

أدت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة كورونا إلى تزايد حالات زواج القاصرات في كينيا، وتقول الكاتبة ستيفاني سينكلير في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (nytimes) الأميركية؛ إن هناك جائحة في أرياف كينيا لا تقل خطرا عن جائحة كوفيد-19، حيث أدت إجراءات منع التجول والحجر الصحي والإغلاق إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما انعكس سلبا على الجهود المبذولة لمكافحة زواج القاصرات وختان الفتيات.

 جاسينتا تتزوج في عمر 10 سنوات

ومن بين الفتيات اللاتي أُجبرن على الزواج المبكر الطفلة جاسينتا، التي لا يتجاوز عمرها 10 سنوات، واختارت لها عائلتها زوجا لم تقابله أبدا.

أُخذت الفتاة من منزلها في مقاطعة سامبورو في وقت مبكر من صباح أحد أيام أغسطس/آب الماضي، ووُضعت في مزيج من الحليب والماء، قبل أن تتزين بالأحمر استعدادا لحفل الختان، وهو تقليد متّبع في سامبورو قبل زواج الفتيات.

وتقول جاسينتا إنها لم تكن تعلم في البداية أنها ستتزوج، ولكن عندما تم ختانها، أدركت أن الزواج أصبح وشيكا.

تزيين الفتاة باللباس الأحمر استعدادا لحفل الختان تقليد متّبع قبل زواج الفتيات في كينيا (غيتي)

تزايد الحالات خلال الوباء

وتؤكد الكاتبة أن المعطيات والأرقام المتعلقة بزواج الأطفال "وبتر الأعضاء التناسلية" (الختان) في كينيا خلال فترة الوباء غير موثقة. وحتى قبل ذلك، كان من الصعب الحصول على بيانات دقيقة حول معدلات زواج الأطفال؛ إذ من النادر الإبلاغ عن هذه الحالات التي تتعارض مع القوانين الكينية التي تمنع زواج القاصرات وختان الفتيات.

وحسب الكاتبة، فإن انتشار فيروس كورونا مهّد الطريق لزيادة حالات زواج القاصرات وحفلات الختان التي تسبقها، خاصة أن ذلك يوفر لعائلات الفتيات مبالغ مالية وبعض الماشية والأغطية والطعام.

ووفقًا للمكالمات التي تم تسجيلها من مارس/آذار إلى سبتمبر/أيلول الماضيين عبر الخط الساخن لحماية الطفل في كينيا، فإن معدلات العنف الجنسي ضد الفتيات ارتفعت بنسبة 230% بعد إغلاق المدارس في الربيع الماضي. ونظرًا لأن عشرات الآلاف من الفتيات لا يمكنهن الوصول إلى الخط الساخن، أو لا يعرفن أن بإمكانهن طلب المساعدة، فمن المرجح أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير، كما تقول الكاتبة.

تربية باقي أفراد العائلة

كانت نايكو (15 عامًا) في مدرسة داخلية توفر للفتيات دعمًا مهمًا بعد إنهاء التعليم، وعندما أُغلقت المدرسة في الربيع الماضي، واضطرت للعودة إلى المنزل؛ وجدت عائلتها تتضور جوعا.

تقول نايكو "أحيانًا نعاني من الجوع ولا نجد ملابس نرتديها، ولهذا السبب قررت والدتنا تزويجنا حتى تحصل على المال لتربية باقي أفراد العائلة".

من جانبه، تعهد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا بالقضاء على ظاهرة زواج الأطفال بحلول نهاية عام 2020، والختان بحلول سنة 2022، لكن تحويل هذه التصريحات المتفائلة إلى واقع ملموس صعب للغاية، حتى من دون جائحة كورونا، وفقا للكاتبة.

إجبار الفتيات في المجتمعات الريفية في كينيا على الزواج يحرمهن من حقوقهن في الأمان والصحة والتعليم (غيتي)

خوف القاصرات

تراجع الرئيس كينياتا عن بعض تعهداته في يوليو/تموز الماضي باتخاذه إجراءات صارمة ضد العيادات التي تقدم وسائل منع الحمل للفتيات القاصرات، قائلاً إن ذلك يشجع على الاختلاط، حسب قول الكاتبة.

ويشعر الخبراء بالقلق من أن يؤدي خوف القاصرات من العواقب الاجتماعية والاقتصادية للحمل، إلى جانب إغلاق العيادات ومنع تداول حبوب الإجهاض؛ إلى زيادة عمليات الإجهاض غير الآمن.

وتقول الكاتبة إن ما تتعرض له الفتيات في المجتمعات الريفية في كينيا -من خلال إجبارهن على الزواج والولادة- يحرمهن من حقوقهن في الأمان والصحة والتعليم.

وتحتاج الفتيات الناجيات من هذه الصدمات -حسب الكاتبة- إلى الدعم المالي والرعاية الصحية والإنجابية والنفسية، وإلى الموارد اللازمة للعودة إلى المدرسة، كما أن السلطات مطالبة بمحاكمة المسؤولين عن هذه الزيجات.

جهد عالمي

قبل وباء كورونا، كانت فتاة قاصر تُجبر على الزواج كل ثانيتين عبر أنحاء العالم، ومع استمرار ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19، تقول الأمم المتحدة إن 13 مليون حالة زواج أطفال إضافية تتم على مدى العقد المقبل؛ نتيجة عوامل عدة، منها توقف الكثير من برامج التوعية نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وتدعو الكاتبة -في هذا السياق- إلى ضرورة رصد المزيد من الأموال لإيقاف هذه الظاهرة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تفعيل آليات المساءلة وإنفاذ القانون. ولتعزيز الالتزام بحماية الفتيات، يجب على الولايات المتحدة أن تجعل قوانينها المحلية متوافقة مع خطابها العالمي، عبر تفعيل الحظر الفدرالي على بتر الأعضاء التناسلية وسن قوانين صارمة تمنع زواج الأطفال، كما ترى الكاتبة.

المصدر : نيويورك تايمز