حظر السفر دون محرم.. قيود جديدة على المرأة في اليمن

الجزيرة نت-أصبحت المرأة اليمنية مكبلة بقيود ثقيلة مع استمرار الحرب للعام الخامس- صنعاء
المرأة اليمنية أصبحت مكبلة بقيود ثقيلة مع استمرار الحرب (الجزيرة)

الجزيرة نت-صنعاء

أثقل المجتمع اليمني حرية المرأة بقيود منذ بدء الحرب مطلع العام 2015، غير أن جماعة الحوثيين فاقمت ذلك الوضع، بعد أن أصدرت أمرا الأسبوع المنصرم يحظر سفر النساء بين المدن دون مرافقة محرم.

وتسبب القرار الذي عممه الحوثيون على شركات النقل الجماعي في تنامي حالة الغضب، إذ ترى ناشطات أن ذلك يمهد لإجراءات تمس بشكل مباشر حقوق المرأة، فـ"الجماعات الدينية تنظر دائما للمرأة بدونية، وتراها دائما عورة"، وفقا لما يقوله البعض.

وشنت الناشطات حملات اعتراض على القرار، ووصفن ذلك بأنه لا يختلف عن أساليب تنظيم الدولة الإسلامية.

ووفق مصدر في إحدى شركات النقل الجماعي التي تعمل في نقل الركاب بين العاصمة صنعاء ومدينة عدن، فإن توجيهات صدرت من جماعة الحوثيين قضت بمنع سفر النساء دون محرم.

وقال المصدر في حديث للجزيرة نت إن القرار كان في البداية يتعلق بمنع سفر النساء إلى محافظة حضرموت شرقي البلاد، قبل أن يضاف إليه منع السفر إلى أي وجهة، حتى في حال كن مجموعة من النساء.

‪المرأة اليمنية تفقد حقوقها تدريجيا في زمن الحرب‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪المرأة اليمنية تفقد حقوقها تدريجيا في زمن الحرب‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

معاناة وتكاليف مضاعفة
وبقدر ما يشكل القرار واحدة من مضايقات الحوثيين تجاه اليمنيين منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014، فإنه سبب معاناة للعشرات من الأسر اليمنية، وفق ما تقول بهجة سعيد، وهي امرأة كانت تحزم حقائب السفر مع ابنتها في طريقهن إلى مدينة عدن.

وقالت بهجة للجزيرة نت، وهي تغادر خائبة مكتب شركة النقل "الأولى" في شارع الزبيري غربي العاصمة صنعاء، إنها تفاجأت بقرار حظر السفر دون محرم، مضيفة أن ما يحدث لليمنيين هو معاناة وتضييق لحق الحياة والتنقل والسفر.

وأضافت "مسألة سفري إلى عدن لزيارة والدتي أصبحت معقدة بسبب التكاليف الزائدة والوضع الجديد، فابني مرتبط بدراسته وأعماله، بينما زوجي هو الآخر لديه أعماله، لذا كنت أرتب سفري مع ابنتي لتكون التكلفة قليلة".

وبلسان عاجز تقول "حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن يتسبب بمعاناة اليمنيين، الآن لابد أن أدفع 56 ألف ريال (100 دولار) قيمة أربع تذاكر لسفر ابني معنا، اثنتان منها لأجل أن يذهب بنا واثنتان لأجل أن يعيدنا لأننا سنبقى هناك لأسبوعين على الأقل".

ويقول أحد الموظفين في الشركة -فضل عدم ذكر اسمه أو هويته- إنه قد يعرض الأم وابنتها للخطر في حال غامر وحجز لهن تذكرتين على إحدى الحافلات، موضحا أن الأمر لا يقبل النقاش في النقاط المسلحة للحوثيين.

وأضاف للجزيرة نت "من الممكن أن يجبروهن على النزول في أقرب نقطة ويرغمونهن على العودة إلى صنعاء، بالإضافة إلى فرض عقوبات على الشركة".

‪الحوثيون برروا قرار المنع بأنه إجراء وقائي للمرأة‬ (الجزيرة)
‪الحوثيون برروا قرار المنع بأنه إجراء وقائي للمرأة‬ (الجزيرة)

حماية من "الدواعش"!
يقول عبد الرحمن يعقوب وهو مسؤول في إحدى شركات النقل إن الحوثيين برروا قرار المنع بأنه إجراء وقائي للمرأة، خصوصا في ظل انتشار العصابات المسلحة في الطرقات الرئيسية بالمناطق التي لا تخضع لسيطرتهم.

وقال يعقوب الذي يوالي الحوثيين للجزيرة نت، إن عددا من النقاط التي نصبها "الدواعش" في إشارة للقوات الموالية للحكومة اليمنية، تمارس عمليات ابتزاز على المسافرين وتعرضهم للخطر، وصل في بعض الأحيان إلى الخطف والإعدام.

وأشار إلى أن تلك النقاط تجبر النساء على النزول من الحافلات والتحقيق معهن وتعريضهن لمخاطر كبيرة، لذلك رأت جماعة "أنصار الله" بأنه من الأولى أن يمنع سفر النساء دون بمحرم من صنعاء، لأن العناصر المسلحة ستعرضهن لأخطار كبيرة.

ووفق يعقوب فإن السفر أصبح معاناة كبيرة وخطر دائم، خصوصا أن توقيت السفر بين عدن (300 كيلومتر جنوب صنعاء) وصنعاء، أصبح 16 ساعة بعد أن كان 8 ساعات فقط، يمر المسافر عبرها بالعشرات من النقاط المسلحة.

‪وداد البدوي: حظر سفر النساء خطوة ضمن خطوات في سبيل مصادرة حقوق المرأة اليمنية‬ (مواقع التواصل)
‪وداد البدوي: حظر سفر النساء خطوة ضمن خطوات في سبيل مصادرة حقوق المرأة اليمنية‬ (مواقع التواصل)

خطوة أولى
ورغم أن القرار كان مفاجئا وصادما للنساء بدرجة رئيسية، فإن الناشطة والصحفية وداد البدوي كانت تتوقع الأمر، مما جعلها تعود أدراجها بهدوء إلى منزلها حينما رفض موظف منحها تذكرة سفر إلى عدن دون وجود محرم معها.

وتقول للجزيرة نت "هذه خطوة أولى تلحقها خطوات، اليوم منعوا حق المرأة في السفر، وبعد أيام سيحظرون عليها حقوقها في العمل ومن ثم التعليم، واعتقد أن الحوثيين في هذا التوقيت منشغلون بالمعارك، وفي حال صفا لهم الجو فإنهم سيفرضون قيودا كبيرة على المرأة".

وتضيف أن الحوثيين جماعة دينية لا تؤمن بالمرأة ولا تحترم حقوق النساء، وهذا القرار يكشف الوجه الحقيقي للجماعات الدينية والمتطرفة التي لا تزال ترى أن المرأة مكانها المنزل فقط.

وتشير البدوي -هي واحدة من الناشطات التي لهن تاريخ طويل من الكفاح لأجل حقوق المرأة- إلى أن نقاط التفتيش في المناطق الأخرى دائما ما تلقي أسئلة على النساء المسافرات والسؤال لا يكاد يخرج عن "أين المحرم؟".

المصدر : الجزيرة