خلال منتدى الدوحة.. ضحية لتنظيم الدولة تروي قصة أسرها وتحذر من مآسٍ جديدة

الفتاة اليزيدية تدعو الدول العربية إلى المساهمة في إعادة اعمار المناطق المنكوبة
الفتاة الإيزيدية فريدة عباس تدعو الدول العربية إلى المساهمة في إعادة إعمار المناطق المنكوبة (الجزيرة)

عماد مراد-الدوحة

تجربة مريرة مرت بها الفتاة الإيزيدية فريدة عباس التي وقعت ضحية للاختطاف والسبي والاغتصاب على يد تنظيم الدولة الإسلامية، مثلها مثل آلاف الإيزيديات اللواتي واجهن المصير نفسه لسنوات.

فريدة كسرت حاجز الخوف والوصمة وحكت تجربتها أمام جلسة: كيف يستميل تنظيم الدولة الإسلامية النساء؟ وكيف تكسب النساء الحرب على التنظيم؟ التي عقدت على هامش النسخة الـ19 لمنتدى الدوحة الذي افتتح في وقت سابق أمس السبت.

فريدة والنجاة من الموت
أربعة أشهر من الأسر والتعذيب قضتها فريدة عباس بين تنظيم الدولة استطاعت بعدها الهرب والنجاة من الموت، وتؤكد أن هذه التجربة رغم مرارتها فإنها زادت بأسها وقوتها، حيث تنشط حاليا في مجال حقوق الإنسان وتعمل على تعريف العالم على أزمة الإيزيديات مع التنظيم.

الثالث من أغسطس/آب 2014 انقلبت حياة فريدة وأسرتها رأسا على عقب، ففي هذا اليوم هجم تنظيم الدولة على قريتها كوشو التابعة لمحافظة نينوى بالعراق، وبعد سيطرة المسلحين على القرية قتلوا الرجال والفتيان، وأرغمت فريدة مع آلاف النساء على ركوب حافلات قادتهن إلى مدينة الرقة، وهناك تم بيعهن كسبايا.

‪فريدة عباس روت أمام الجلسة مأساتها خلال الأسر على يد تنظيم الدولة‬ (الجزيرة)
‪فريدة عباس روت أمام الجلسة مأساتها خلال الأسر على يد تنظيم الدولة‬ (الجزيرة)

الفتاة التي هزمت تنظيم الدولة
قاومت ابنة الـ18 ربيعا هذا المصير الأسود الذي واجهته فجأة، فكان لمقاومتها وعدم رضوخها لعناصر تنظيم الدولة تكلفة كبيرة، فتعرضت للتعذيب والاعتداء عليها مرات عدة، مما دفعها إلى محاولة الانتحار ولكن تلك المحاولة باءت بالفشل، وتنقلت بعدها فريدة من منطقة لأخرى إلى أن تمكنت من الفرار من التنظيم إلى أحد المخيمات في شمال العراق ثم السفر إلى المانيا.

وفي مخيمها بألمانيا أرادت فريدة أن تكسر حاجز الصمت، وأن تحذر من جرائم التنظيم وتعرض تجربتها من خلال كتاب "الفتاة التي هزمت داعش"، ذلك الكتاب الذي ترجم إلى 17 لغة مختلفة واستطاع أن يوصل صرخة الفتاة الإيزيدية إلى العالم.

وفي تصريح للجزيرة نت تطالب فريدة عباس كافة الدول العربية والإسلامية بالاعتراف بالمجازر التي وقعت ضد الأقلية الإيزيدية في العراق، فضلا عن تقديم الدعم المالي المطلوب لإعادة إعمار مناطقها التي ما زالت منكوبة حتى يتمكن أبناء طائفتها من العودة إلى ديارهم التي أرغموا على تركها قبل خمسة أعوام.

ودعت الفتاة الإيزيدية إلى ضرورة التكاتف للقضاء على المتطرفين في كل مكان، مضيفة إذا كان تنظيم الدولة قد تم دحره إلا أن هناك مخاوف عدة من متطرفين جدد يرتكبون جرائم ومأسي جديدة بحق أبرياء آخرين.

‪الجلسة ناقشت سبل تحصين النساء من الانضمام للجماعات المتطرفة‬ (الجزيرة)
‪الجلسة ناقشت سبل تحصين النساء من الانضمام للجماعات المتطرفة‬ (الجزيرة)

تحصين النساء من الانضمام لتنظيم الدولة
واتفق المشاركون في الجلسة -التي بحثت سبل تحصين النساء من الانضمام لتنظيم الدولة- على أن التنظيم يستخدم العديد من الأساليب لاستمالة النساء، بينها الجهل والبحث عن القوة أو أسباب أخرى، كإيهام النساء بأن الانضمام إلى التنظيم سينقذ الأطفال الذين يقتلون في سوريا وغيرها من المناطق.

وأكد المشاركون على أن تمكين النساء وتوظيفهن وتعليمهن يعطيهن القوة اللازمة لدحر تلك الأفكار وعدم الانجرار وراءها، مشددين على ضرورة بذل المزيد من الجهود لمكافحة التطرف في العالم.

وخلال مداخلته أمام الجلسة اعتبر رئيس معهد يقين للبحوث الإسلامية الدكتور عمر سليمان أن ثمة أسطورة تتحدث عن انبثاق هؤلاء المسلحين من التعصب الديني، وهذا غير صحيح تماما، ففي حالة تنظيم القاعدة يمكن أن نرى بعض التفسيرات التي يتم استخدامها ولكن في حالة تنظيم الدولة ليست هناك أي مبررات، فهم يفسرون وفقا لأهوائهم.

‪المشاركون في الجلسة طالبوا بإعادة تأهيل ضحايا تنظيم الدولة من النساء‬ (الجزيرة)
‪المشاركون في الجلسة طالبوا بإعادة تأهيل ضحايا تنظيم الدولة من النساء‬ (الجزيرة)

أسباب استمالة تنظيم الدولة للنساء
وعن أسباب استمالة تنظيم الدولة للنساء، أرجع سليمان ذلك إلى الاستبعاد الاجتماعي للنساء واستغلال خطاب الكراهية ضد المسلمين في أوروبا لكي يدخل إلى النساء بحجج أنهن لسن من هذا المجتمع ويتعرضن للكراهية، فلماذا لا ينضممن إلى التنظيم ويدافعن عن معتقدات معينة؟ فضلا عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي أسسها التنظيم للبحث عن عناصر جديدة.

من جانبها، طالبت الأستاذة في مركز الشرق الأوسط بجامعة ولاية جورجيا الأميركية ميا بلوم في تصريح للجزيرة نت بضرورة القيام بإعادة تأهيل كاملة لكافة ضحايا تنظيم الدولة من النساء وإدماجهن في المجتمع، فضلا عن النظر في القضايا الأخرى التي يواجهها الضحايا حاليا، أهمها عدم معرفة أسماء آباء أبنائهن بسبب أن عناصر التنظيم كانوا يطلقون على أنفسهم الأسماء الوهمية "أبو فلان"، وعدم ترك هذه المأساة تصدر إلى الأبناء أيضا.

وأضافت أن أغلبية النساء اللواتي انضممن لتنظيم الدولة لم يكن ذلك وفقا لإرادتهن، بل استخدم أساليب مختلفة لاستمالتهن إليه، مشددة على أن زوال التنظيم الآن لا يعني زوال الخطر، بل يجب اعتبار هذه الفترة فرصة للقضاء على كافة الأساليب التي كان يستخدمها تنظيم الدولة لجذب النساء، بهدف تحصينهن ضد أي مخاطر مقبلة.

المصدر : الجزيرة