تسلسل عودة الحياة بعد حدث "الموت العظيم" يرسم سيناريو لما يمكن أن نعيشه مستقبلا

فهم كيفية نجاة بعض الحيوانات وتعافيها في أعقاب "الموت العظيم" يمكننا من معرفة كيف يمكن لتلك الكائنات أن تنجو من فترة الاحترار الحالية التي نمر بها، وما هي الأنواع التي يمكن أن تكون أكثر مرونة في الاستجابة لهذا الحدث.

shrimps
الروبيان من أوائل الحيوانات التي عادت إلى الحياة عقب حدث انقراض "الموت العظيم" (غيتي إيميجز)

عناوين بديلة:

بعد حدث "الموت العظيم" منذ 252 مليون عام.. كيف عادت الحياة إلى البحار؟

ماذا حدث بعد "الموت العظيم" قبل 252 مليون عام.. وما أول الكائنات التي عادت للحياة؟

تعرف على أوائل الحيوانات التي عادت إلى الحياة بعد حدث الانقراض الأخطر في تاريخ الأرض

أظهرت دراسة جديدة نشرت بتاريخ 29 يونيو/حزيران من العام الجاري بدورية ساينس أدفانسز Science Advances أن مغذيات الرواسب، مثل الديدان والروبيان وهي الحيوانات التي تتغذى على المواد العضوية المستقرة في قاع المحيط، كانت أول من عاد إلى الحياة من حيث العدد والتنوع البيولوجي عقب حدث الانقراض البرمي الترياسي The Permian–Triassic extinction event الذي وقع منذ ما يقرب من 252 مليون سنة وسمي "الموت العظيم/الكبير"  وذلك بسبب الطريقة التي قضى بها على الحياة على الأرض وكاد أن ينهيها.

الرخويات مهندسو النظام الإيكولوجي

واستعرض تقرير نشر على موقع ساينس ألرت Science Alret نتائج التعاون البحثي الدولي الجديد الذي ضم جامعات من الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأفاد بأن المغذيات المعلقة التي تتناول وجبة خفيفة من المواد العضوية المعلقة في الماء كانت أول من عاد إلى الحياة بعد حدث "الانقراض العظيم".

ما إن تعافت مغذيات الرواسب إلى درجة كافية حتى تبعتها المغذيات المعلقة (مواقع إلكترونية)

وقد تكاثرت تلك الكائنات في ممرات والجحور في قاع بحر جنوب الصين هناك حيث عثر الباحثون على ثروة من أحافير الأسماك أو الحفريات الأثرية، والتي لم تكن بقايا حيوانية بل كانت تعود إلى بقايا نشاط حيواني.

وفي بيان صحفي نشر على الموقع الرسمي لجامعة بريستول University of Bristol بالمملكة المتحدة قال عالم الحفريات مايكل بينتون "تمكنا من دراسة آثار الحفريات من 26 قسما وتعرفنا على سلسلة الأحداث بأكملها والتي تمثل 7 ملايين سنة حاسمة من الزمن". وأضاف "عندما قمنا بتجميع تفاصيل 400 نقطة نموذجية، تمكنا من بناء مراحل عودة جميع الحيوانات بما في ذلك القاعيات والسابحات، إضافة إلى الحيوانات رخوة الجسم التي تختبئ في جحور المحيط".

وقال عالم الأحياء القديمة شويتشن فنغ من جامعة الصين لعلوم الأرض China University of Geosciences "كانت نهاية العصر البرمي مدمرة جدا للحياة على الأرض، والتي كانت ناجمة عن الاحتباس الحراري وتحمض المحيطات، إلا أن نوعا من الحيوانات الرخوية كان قادرا على العودة من جديد بطريقة لم تكن موجودة عند الكائنات ذات الهيكل العظمي".

وأضاف "كشفت بيانات الحفريات الأثرية الخاصة بنا عن مرونة الحيوانات الرخوة في مواجهة ارتفاع ثاني أكسيد الكربون والاحترار. وربما لعب مهندسو النظام الإيكولوجي هؤلاء دورا في استعادة النظام البيئي القاعي بعد الانقراض الجماعي الشديد".

الرواسب الرخوية احتاجت 3 ملايين سنة للعودة إلى مستويات ما قبل انقراض "الموت العظيم" (جامعة بريستول)

عودة الحياة تدريجيا

وقد بحث الفريق في 4 مقاييس مختلفة عند قياس الاسترداد: الأنواع المختلفة للحيوانات، مدى تنوعها، استخدامها للفضاء البيئي، كيف تم تعديل الموائل بواسطة الحيوانات.

ووجد الباحثون أن الحياة بدأت بالعودة أولا في أعماق المياه، وما إن تعافت مغذيات الرواسب إلى درجة كافية حتى تبعتها المغذيات المعلقة مثل ذراعيات الأرجل وذوات الصدفتين التي غالبا ما تكون متجذرة في قاع المحيط. وفي وقت لاحق، بدأت الشعاب المرجانية بالعودة إلى الحياة أيضا. واستغرق الأمر ما يقرب من 3 ملايين سنة لسكان الرواسب الرخوية للعودة إلى مستويات ما قبل الانقراض.

تقول أليسون كريب طالبة الدراسات العليا بعلم الأحياء الجيولوجية من جامعة جنوب كاليفورنيا University of Southern California "ربما كانت مغذيات الرواسب تحدث فوضى في قاع البحر لدرجة أن المياه كانت ملوثة بالطين، أو أن الطين المتخثر يعني أن مغذيات التعليق لا يمكن أن تستقر بشكل صحيح في قاع البحر، أو أن المياه الموحلة التي تنتجها مغذيات الرواسب هذه أدت إلى انسداد هياكل الترشيح في المغذيات المعلقة ومنعتها من التغذية بكفاءة".

تسلسل عودة الحياة في قاع المحيطات بعد حدث الانقراض الأشهر المعروف باسم الموت العظيم
كان حدث الانقراض البرمي الترياسي قد قتل حوالي 80-90% من الحياة البحرية على الأرض (غيتي إيميجز)

سيناريو مستقبلي

كان حدث الانقراض البرمي الترياسي قد قتل حوالي 80-90% من الحياة البحرية على الأرض، لذلك ليس من المستغرب أن يكون التعافي قد استغرق وقتا طويلا.

ويعتقد الباحثون أن تغير المناخ والاحتباس الحراري وانخفاض الأكسجين وزيادة تحمض المحيطات كانت الدوافع الأساسية وراء الانقراض الجماعي، وهذا يعني بالطبع أن النتائج التي توصل إليها الباحثون يمكن أن ترسم سيناريو لما سيحدث في العصر الحديث.

ومن خلال فهم كيفية نجاة بعض الحيوانات وتعافيها في أعقاب "الموت العظيم" يمكننا بشكل أفضل معرفة كيف يمكن لتلك الكائنات أن تنجو من فترة الاحترار الحالية التي نمر بها، وما هي الأنواع التي يمكن أن تكون أكثر مرونة في الاستجابة لهذا الحدث.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية