تقرير أممي: مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهدد بالانقراض

مع أن خيار التكيّف متاح -وفق التقريرـ فإنه لا يبرز منه حتى الآن إلا تغييرات صغيرة في النظم الحالية، بدلا من التغيرات التحويلية.

الجزء الثاني من التقرير السادس يركز على "الآثار والتكيف والقابلية للتغير" في ظل التغير المناخي (مواقع إلكترونية)

يفيد تقرير أممي صدر الاثنين 28 فبراير/شباط الماضي بأن نحو مليون صنف من النباتات والحيوانات مهدد بالانقراض بفعل التغيّر المناخي، مضيفا أن 91% من الوفيات الناتجة عن مخاطر الطقس تحدث في الدول النامية.

جاء ذلك في الجزء الثاني من تقرير أصدرته، الاثنين، الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC)، التابعة للأمم المتحدة، حصلت الجزيرة نت على نسخة من ملخصه. والتقرير هو السادس من نوعه بعد تقرير خامس صدر عام 2014، ويركز على "الآثار والتكيف والقابلة للتغيير" في ظل التغيرّ المناخي.

وفي أغسطس/آب 2021 نشرت الهيئة الجزء الأول من تقريرها السادس، وتوقعت فيه أن غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الأنشطة البشرية تسببت في حدوث ما يقرب من 1.1 درجة مئوية من الاحترار العالمي بحلول 2010-2019، مقارنة بالفترة بين 1850 و1900، وتوقعت أن تبلغ درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية من الاحترار، أو تتجاوزها، على مدى السنوات الـ20 المقبلة.

الانقراض وتدهور اليابسة

ونتيجة لتغير المناخ وتدهور الأراضي، أشارت الهيئة الدولية إلى أن مليون نوع من الحيوانات والنباتات على شفا الانقراض، العديد منها سينقرض في غضون عقود.
وقالت إن نحو 15% فقط من اليابسة وأقل بقليل من 8% من المحيطات يخضع لشكل من أشكال حماية النظام البيئي.

وأوضحت أن تغير المناخ يؤثر حاليا على ما لا يقل عن 10 آلاف و967 نوعا في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وفق الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (ICUN).

وحذر التقرير من أن المخاطر المناخية التي تؤثر سلبا على النظم البيئية ستؤدي إلى الحد أيضا من الخدمات التي تقدمها الأنظمة للمجتمع، وقد تقلل من الوصول إلى الطاقة والرعاية الصحية والمياه والتجارة الدولية. ويقول إن الأبحاث أظهرت أن تغير المناخ بفعل الإنسان يمكن أن يشمل 80% من مساحة اليابسة في العالم، حيث يقيم 85% من السكان.

وتوقع أيضا التأثير على سلاسل التوريد العالمية، مستشهدا بارتفاع التكاليف السنوية لسلاسل التوريد الناتجة عن الكوارث الطبيعية في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي بلغ 95 مليار دولارا أميركيا في عام 2020.

وتابع أن أنظمة إنتاج الغذاء تتعرض أيضا لضغط متزايد، "لقد غيرت الأنشطة البشرية بالفعل 75% من مساحة اليابسة، ويُخصص ما يقرب من 75% من موارد المياه العذبة الآن لإنتاج المحاصيل أو الثروة الحيوانية".

وقال إن 25% من إجمالي مساحة الأرض في العالم أصبح في حالة متدهورة، "وأدى تدهور الأراضي إلى انخفاض إنتاجية 23% من سطح الأرض في العالم، مع زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية العالمية بنسبة 300% منذ سبعينيات القرن الماضي".

وأضاف أن العلماء حذروا من فقدان 24 مليار طن من التربة الخصبة كل عام، "وإذا استمر هذا الاتجاه فمن الممكن تدهور 95% من مساحة اليابسة الأرض بحلول عام 2050".

25 % من إجمالي مساحة الأرض في العالم في حالة متدهورة (غيتي)

الأفقر عرضة لمخاطر أكبر

يتابع التقرير أن أفقر البشر وأكثرهم ضعفا في العالم معرضون لمخاطر أكبر، منها ما هو جراء الوفيات والعواقب الصحية الأخرى الناجمة عن الأحوال الجوية القاسية.

وذكر أنه على مدى العقد الماضي كانت معدلات الوفيات الناجمة عن الفيضانات والجفاف والعواصف أعلى بما يصل إلى 15 مرة في أكثر البلدان تضررًا، بما في ذلك معظم أفريقيا وأجزاء كبيرة من أميركا الوسطى، مقارنة بالبلدان الأقل تضررا، مثل تلك الموجودة في غرب أوروبا وشمالها. وذكر أنه بين عامي 1970 و2019 وقع أكثر من 91% من الوفيات الناجمة عن مخاطر الطقس والمناخ والمياه في جميع أنحاء العالم، في الدول النامية.

ويخلص التقرير إلى أن التأخير في إجراءات التخفيف والتكيّف سيهدد التنمية المستدامة، حيث ترتبط تأثيرات واستجابات تغير المناخ ارتباطًا وثيقا بالرفاهية الاجتماعية والازدهار الاقتصادي وحماية البيئة.

وقد يؤدي تغير المناخ بفعل الإنسان إلى انخفاض في المحاصيل الزراعية، وندرة المياه، وانعدام الأمن الغذائي، وانخفاض سبل العيش وتشريد المجتمعات المحلية.
وتوقع التقرير أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع من 32 مليون إلى 132 مليون نسمه بحلول عام 2030.

التقرير يتوقع تواصل اختفاء الأنهار الجليدية والغطاء الثلجي (الأوروبية)

الأضرار على القارات

ويقول التقرير إن القارة الأفريقية تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة وارتفاعا في مستوى سطح البحر مقارنة بالمتوسط العالمي، ورجح أن تشهد القارة موجات حر أكثر تواترا وشدة تصل إلى 5 أضعاف في عام 2050 عما هي عليه اليوم، إضافة إلى هطل أمطار أكثر غزارة، وحالات جفاف أكثر تواترا وشدة، ومزيد من الفيضانات الساحلية على أوسع نطاق وأشده.

وفي أوروبا توقع التقرير تزايد تواتر وشدة الظواهر الحارة القصوى، وتواصل اختفاء الأنهار الجليدية والغطاء الثلجي. وفي أميركا الشمالية والوسطى توقعت الهيئة أن تصبح الأعاصير المدارية وهطل الأمطار الغزيرة أكثر توترا مع ارتفاع درجة حرارة العالم.

ويقول إن التجمعات البشرية تتركز في نطاقات مناخية ضيقة، حيث يعيش معظم الناس في أماكن يبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية فيها نحو 11 درجة مئوية إلى 15 درجة مئوية، في حين يعيش عدد أقل من البشر حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة نحو 20 درجة مئوية إلى 25 درجة مئوية.

وتوقع أن يجبر الخطر المناخي الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة وحده 5.3 مليارات نسمه على العيش خارج المناطق المناخية التي ما فتئ البشر يعمرونها على مدار 6 آلاف عام، كما توقع أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 28%.

وأشار إلى تقديرات للبنك الدولي في 2018 بأن 3 مناطق هي أميركا اللاتينية، وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، ستدفع بـ143 مليون مهاجر إضافي بسبب المناخ بحلول عام 2050.

ورجح تقرير الهيئة الحكومية الدولية أن تكون أكثر حالات الهجرة المتوقعة استجابة للتأثيرات المناخية من جزر المحيط الهادي. وقال إن مستوى ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل 12 مليمترا سنويا أدى إلى غمر 8 جزر في غرب المحيط الهادي، في حين أن جزيرتين على شفا الاختفاء، وقد أسفر ذلك عن موجة من الهجرة إلى بلدان أكبر. وهنا يشير إلى عدم وجود اتفاقيات دولية بشأن كيفية حماية النازحين والمهجرين قسرا نتيجة لتغير المناخ.

أكثر الفئات تهميشا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية هي أول المتضررين والأشد تأثرا (الأوروبية)

الأكثر تهميشا الأشد تأثرا

ومنذ تقرير التقييم الخامس، تظهر مزيد من الأبحاث أن أكثر الفئات تهميشا، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، هي أول المتضررين والأشد تأثرا في جنوب العالم وشماله على حد سواء، وفق الهيئة.

وأضاف التقرير أن تغير المناخ قد يتسبب في خسائر في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 64% في أكثر بلدان العالم قابلية للتأثر، وقد تؤدي آثار تغير المناخ إلى زيادة التهميش والظلم.

وأشار إلى تقدير يشير إلى أن ما بين 17 و72 مليون شخص قد يضطرون إلى الانتقال من المستوطنات الساحلية إذا ارتفعت مستويات سطح البحر في مكان ما بين 0.3 و1.7 متر.

وتقول الهيئة الدولية إن زيادة حدثت في أنشطة التكيّف منذ 2014، منها من قبل الحكومات والشركات والمجتمع المدني، وكان معظمها استجابة لأحداث الطقس المتطرفة. ومع أن خيار التكيّف متاح -وفق التقريرـ فإنه لا يبرز منه حتى الآن إلا تغييرات صغيرة في النظم الحالية، بدلا من التغيرات التحويلية.

وبيّنت أن معظم التمويل المناخي حاليا موجه للتخفيف، ولا تزال هناك فجوة مالية كبيرة عامة وخاصة بين كمية الأموال المتدفقة إلى البلدان النامية والمبلغ المطلوب.
وأشارت إلى أن تكاليف التكيف المقدرة في البلدان النامية تبلغ 5 إلى 10 أضعاف التمويل العام الحالي للتكيّف.

المصدر : مواقع إلكترونية