لماذا تدثرت رمال الجزائر والسعودية برداء الثلج الأبيض في يناير الماضي؟

جميع النماذج المناخية تشير إلى أن تغير المناخ على الصعيد العالمي يؤدي إلى مزيد من أنماط الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها.

تساقط الثلوج في الصحراء حدث نادر لكنه يتكرر في السنوات الأخيرة (شترستوك)

في الصحراء الكبرى والجزيرة العربية، أكثر مناطق العالم جفافا وحيث يعد نزول قطرات من المطر حدثا هاما، تساقطت الثلوج في يناير/كانون الثاني الماضي لتغطي الرمال الذهبية بلون أبيض غير معتاد. فماذا يحدث للمناخ؟ وهل لذلك علاقة بالاحترار العالمي؟

رداء أبيض فوق صحراء الجزائر والسعودية

في الأسبوع قبل الأخير من شهر يناير/كانون الثاني الماضي، اكتست الرمال الصحراوية المحيطة بمدينة العين الصفراء غربي الجزائر حلة بيضاء ناصعة، في مشهد نادر، بعد تدني الحرارة إلى حوالي 3 درجات تحت الصفر، وفقا لتقرير نشر على موقع "ديلي ميل" (Daily Mail).

يطلق على المدينة الواقعة على ارتفاع حوالي ألف متر جنوب سلسلة الأطلس الجبلية "بوابة الصحراء"، وقد شهدت في الماضي حرارة قياسية بلغت 58 درجة مئوية مع معدل يفوق عادة 38 درجة خلال الصيف.

وفي الشهر نفسه، شهدت منطقة بدر جنوب غرب المدينة المنورة ومناطق أخرى شمالي السعودية تساقط الثلوج وعواصف برَد إثر موجة برد استثنائية، تدثرت على إثرها الكثبان الرملية ذات اللون الذهبي بالثلج الأبيض. كما عرفت منطقة عسير في السعودية أول تساقط للثلوج منذ نصف قرن.

ورغم أن تساقط الثلوج في الصحراء أمر غير معتاد، فإنه ليس الأول من نوعه. فالحدث الذي شهدته العين الصفراء في الجزائر يعد الرابع خلال 42 عاما الماضية. فقد شهدت العين الصفراء وبعض مناطق شمالي غربي الجزائر الأخرى ما يبلغ 40 سنتيمترا من الثلوج في عام 2018، وتركت العاصفة الثلجية التي هبت هناك عام 2016 ما يزيد عن المتر من الثلوج، وحدث أمر مماثل في عام 1979.

كما عرفت العديد من المناطق في الجزيرة العربية هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية، كان آخرها العام السابق في منطقة القصيم ومناطق أخرى من السعودية.

كيف تتشكل الثلوج في أكثر مناطق العالم حرارة؟

وبحسب كاسبر نايت، أستاذ الفيزياء الجغرافية في جامعة "ويتووترسراند" (University of the Witwatersrand) في جنوب أفريقيا، فإن تشكّل الثلوج يحتاج إلى توفر عاملين، هما درجات الحرارة الباردة والهواء الرطب. هذا إلى جانب تأثير حركة كتل الهواء في الغلاف الجوي وطبيعة سطح الأرض الذي يتساقط عليه الثلج.

وعلى الرغم من أن الصحراء الكبرى تشهد عادة درجات حرارة عالية جدا تفوق في كثير من الأحيان 50 درجة مئوية، فإنه يتم تسجيل درجات حرارة منخفضة أيضا خاصة في الليل بسبب سطح الأرض العاري والسماء الصافية.

الغطاء الثلجي حول مدينة العين الصفراء الجزائرية بلغ سمكه حوالي المتر عام 2018 (شترستوك)

وقد سُجلت، على سبيل المثال، درجات حرارة منخفضة جدا بلغت 14 درجة مئوية تحت الصفر في الجزائر في يناير/كانون الثاني 2005، وفقا لما ذكره نايت في مقال نشره مؤخرا على موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation).

تجذب أنماط دوران الهواء الشتوي الهواء البارد الرطب باتجاه شمال الصحراء من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. وينتج عن هذا زيادة في هطول الأمطار في فصل الشتاء على طول حافة الصحراء في هذا الموسم.

وتصل الكتل الهوائية الباردة إلى المملكة العربية السعودية عن طريق التحرك في اتجاه عقارب الساعة من آسيا الوسطى، ملتقطة الرطوبة في طريقها، وفقا لديلي ميل.

ويمكن أن يبرد الهواء المتصاعد ويتكثف فوق الأرض المرتفعة، مثل جبال أطلس المغرب والجزائر، ومرتفعات تبوك وعسير في الجزيرة العربية. وإذا كان الهواء باردا بدرجة كافية تتجمد رطوبته مكونةَ بلورات ثلجية تشكّل في النهاية غطاء ثلجيا، وإذا كان سطح الأرض باردا أيضا يستمر الثلج ولا يذوب على الفور.

قد يكون تساقط الثلوج في الصحراء تاريخيا أكثر شيوعا مما نعتقد (شترستوك)

الصحراء وتغير المناخ

وفي إجابة على السؤال: هل أصبح الثلج في الصحراء أكثر أو أقل شيوعا؟ يقول نايت في مقاله إن الجواب لا يزال غير حاسم حتى الآن. ويرجع ذلك جزئيا إلى نقص البيانات حول الأحداث الماضية، ولكن أيضا لعدم تركيز النماذج المناخية على الصحراء.

في المقابل فإن المساحة الشاسعة للصحراء أتاحت استخدام الأقمار الصناعية لرسم خرائط توزيع هطول الأمطار وتساقط الثلوج. وبما أن هذا النوع من البيانات لم يتوافر قبل ذلك، فإن هناك القليل جدا من الأدلة على أنماط تساقط الثلوج قبل أن تصبح سجلات الأقمار الصناعية متاحة في السبعينيات.

لذلك قد يكون تساقط الثلوج في الصحراء تاريخيا أكثر شيوعا مما نعتقد. وسيكون من المثير للاهتمام استخدام الأدلة الأنثروبولوجية والتاريخ الشفوي لاستكشاف هذا الاحتمال. في الأثناء، فإن جميع النماذج المناخية تشير إلى أن تغير المناخ على الصعيد العالمي يؤدي إلى مزيد من أنماط الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها.

يذكر أنه على مدى العقود الأخيرة ازداد حجم الصحراء نفسها أيضا بسبب الجفاف، ومن المرجح أن يستمر هذا في العقود المقبلة، بحسب الباحث.

المصدر : ديلي ميل + ذا كونفرسيشن