اكتشاف جديد.. أول كائن دخيل يصل أنتاركتيكا بواسطة الطحالب

وصول كائن دخيل إلى جزيرة ديسبشن بالقارة القطبية الجنوبية محمولا على متن طحالب للمرة الأولى (بيكساباي)
وصول كائن دخيل إلى جزيرة ديسبشن بالقارة القطبية الجنوبية محمولا على متن طحالب للمرة الأولى (بيكساباي)

محمد رمضان

كشفت دراسة حديثة عن وصول أول كائن بحري غازي دخيل إلى سواحل القارة القطبية الجنوبية محمولا على ظهر نوع من الطحالب.

يعتبر هذا الاكتشاف الدليل العلمي الأول على بلوغ نوع من الحزازيات البحرية شواطئ إحدى جزر القارة -التي تعد دخيلة عليها- بهذه الطريقة، الأمر الذي يوفر فهما أعمق لغزو بعض الأنواع لبيئات جديدة، كما يمثل دليلا جديدا على التأثيرات السلبية للتغير المناخي على البيئة.

على ظهر أعشاب بحرية

نشرت تفاصيل تلك الدراسة في دورية "ساينتفك ريبورتس" التابعة لمجموعة دوريات "نيتشر" ذائعة الصيت نهاية يناير/كانون الثاني المنصرم.

حيث أوضحت أنه تم اكتشاف نوع من الحزازيات البحرية يعرف باسم حصير البحر -الذي يحمل الاسم العلمي "ميمبرانيبورا ميمبرانيسي" (Membranipora membranacea)- بشواطئ جزيرة ديسبشن التابعة للقارة القطبية الجنوبية، الأمر الذي يحدث للمرة الأولى، حيث لا ينتمي حصير البحر إلى النظام البيئي بأنتاركتيكا.

بينت الدراسة أيضا كيفية وصول ذلك الكائن الدخيل إلى سواحل القطب الجنوبي، حيث إنه قطع مئات الكيلومترات من بيئته الأصلية بجنوب شرق المحيط الهادي وصولا للقارة القطبية الجنوبية على ظهر أعشاب بحرية تتبع الطحالب البنية تدعى (طحالب الكِلْب)، والتي انجرفت إلى هناك بفعل التيارات البحرية وحركة الرياح.

‪اكتشاف نوع من الحزازيات البحرية يعرف باسم حصير البحر بشواطئ أنتاركتيكا للمرة الأولى (يوريك ألرت)‬ اكتشاف نوع من الحزازيات البحرية يعرف باسم حصير البحر بشواطئ أنتاركتيكا للمرة الأولى (يوريك ألرت)
‪اكتشاف نوع من الحزازيات البحرية يعرف باسم حصير البحر بشواطئ أنتاركتيكا للمرة الأولى (يوريك ألرت)‬ اكتشاف نوع من الحزازيات البحرية يعرف باسم حصير البحر بشواطئ أنتاركتيكا للمرة الأولى (يوريك ألرت)

غزو فريد

يعد ولوج كائنات دخيلة إلى نظام بيئي جديد -بخلاف بيئاتها الأصلية- أمرا غير مستبعد في عالمنا المعاصر، إذ إنه بفعل التوسع غير المسبوق بالأنشطة البشرية، مثل النقل البحري والسياحة والبحث العلمي، انتقلت العديد من الكائنات كالنباتات أو الحشرات إلى أماكن جديدة لم تكن موجودة بها من قبل. الأمر الذي ينطبق أيضا على القارة القطبية الجنوبية.

إلا أن ما يجعل هذا الكشف العلمي فريدا من نوعه، أن تلك هي المرة الأولى التي يصل فيها كائن غازٍ إلى أنتاركتيكا على متن طحالب الكِلْب وهو على قيد الحياة، حيث كان يعتقد بأن هذا الأمر غير وارد بالقارة القطبية المتجمدة بفعل عزلتها وظروفها المناخية القاسية.

تعلق على ذلك كونشيتا أفيلا الأستاذة بقسم الأحياء التطورية والنظم البيئية وعلوم البيئة بجامعة برشلونة وقائدة الفريق البحثي -عبر البيان الصحفي- بأنه "على الرغم من أن هذه الطريقة الطبيعية لانتشار الكائنات معروفة في نظم بيئية أخرى بالكوكب، فإنه بالنسبة للقارة القطبية الجنوبية اكتسبت هذه الظاهرة أهمية علمية كونها طريقة محتملة لإدخال أنواع جديدة من الكائنات إلى النظام البيئي لقارة أنتاركتيكا".

خصائص الضيف والمضيف

يرجع السبب في قدرة طحالب الكِلْب على حمل كائنات حية أخرى لبيئات جديدة إلى كبر حجمها وتركيبها الصفائحي الذي يشبه طبقات متراكبة، الأمر الذي يمكنها من نقل كائنات بحرية كالحزازيات والرخويات والمفصليات وشوكيات الجلد واللاسعات والإسفنجيات مسافات هائلة تبلغ آلاف الكيلومترات أثناء انجرافها بفعل الرياح والتيارات البحرية.

هذا، ويعد حصير البحر من الكائنات الاستعمارية، حيث يتميز بقدرته على الانتشار واستعمار البيئات الجديدة بسرعة. توضح ذلك بلانكا فيغيورولا الباحثة بمعهد علوم البحار ببرشلونة والمشاركة في الدراسة، عبر البيان الصحفي، "قد يتسبب وجود هذا الكائن في آثار بيئية هائلة على التنوع الحيوي بالقارة القطبية الجنوبية في المستقبل".

وأضافت "أنه ينمو بشكل سريع ويمكنه بسهولة استعمار سطح طحالب الكِلْب ليُكوّن طبقات سميكة ويجعلها أكثر هشاشة، فمستعمرات "ميمبرانيبورا ميمبرانيسي" تحد من قدرة الطحالب على التكاثر والنمو وتجعلها عرضة للتمزق أثناء العواصف، والذي بدوره يسهّل من انتشار هذا النوع من الحزازيات".

‪قدرة طحالب الكِلْب على حمل كائنات حية أخرى لبيئات جديدة‬ ترجع
‪قدرة طحالب الكِلْب على حمل كائنات حية أخرى لبيئات جديدة‬ ترجع

على موعد مع التغير

كما بينت الدراسة، فقد أضحى وصول كائنات غازية إلى القارة القطبية الجنوبية أمرا غير مستبعد بعد الآن. ومع تفاقم توابع التغير المناخي من ارتفاع لدرجات الحرارة وتسارع ذوبان جليد القطبين، فإنه من المحتمل أن تتمكن تلك الكائنات الغازية الدخيلة من البقاء والاستمرار بأنتاركتيكا والتوطن بها.

الأمر الذي قد تكون له تبعات هائلة على الكائنات الحية المحلية والنظم البيئية البحرية المميزة للغاية الموجودة بالقارة البيضاء، إذ إنه سيغير من وجهها إلى الأبد دون رجعة.

هذا، ولا يزال الكثير من العلماء يقومون بدراسة التنوع الحيوي والنظم البيئية بأنتاركتيكا، وذلك بهدف الكشف عن وصول أية أنواع غازية أو دخيلة إليها قبيل توطنها ومحاولة تدارك الأمر قبل فوات الأوان.

المصدر : الجزيرة