عدادات زمنية تتحكم في تكاثر الخلايا البكتيرية
فكرت المهدي
بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 نشرت دورية " إي لايف – Elife " دراسة توضح فيها الدور الذي تلعبه البكتيريا في تنسيق انقسام خلاياها أثناء استنساخ المادة الوراثية. وقد شككت الدراسة بالمفهوم الحالي المعروف لدورة حياة الخلايا البكتيرية، واقترحت لها صياغة جديدة.
عدادات زمنية
لطالما ساد الاعتقاد بأن دورة حياة الخلية تبدأ بميلادها وتنتهي مع أول انقسام خلوي، وذلك حسب الخلايا النباتية والحيوانية التي تمت دراستها بشكل تفصيلي في العقود الماضية. إلا أن الطرح الجديد الذي تعرضه الدراسة يناقش حدوث تحول كبير في هذا المفهوم.
إذ إنها تبين أن دورة حياة الخلية البكتيرية تبدأ وتنتهي مباشرة عند بدء استنساخ الحمض النووي، وذلك بالتزامن مع انقسام الخلية الذي يحصل في الفترة الواقعة ما بين حدثين متتاليين من استنساخ الحمض النووي.
وكان الباحثون بالدراسة من جامعتي بازل وبرن السويسريتين قد خلصوا إلى أن دورة حياة الخلية في بكتيريا الإشريكية القولونية E. coli تبدأ ببدء تكاثر الحمض النووي، وعند هذه النقطة يبدأ عدادان مختلفان في العمل على التوازي.
يحدد أحدهما متى يجب أن يحدث انقسام الخلية التالي، ويحدد الآخر متى تبدأ الخطوة التالية لاستنساخ الحمض النووي. ولم يحدد الباحثون بعد الأساس الجزيئي لهذين العدادين الزمنيين.
ومن ثم تصف دورة حياة الخلية البكتيرية التكرار الدوري لعمليتين متناسقتين، تتمثلان باستنساخ المعلومات الوراثية من جهة وانقسام الخلية من جهة أخرى.
التقلبات في معاملات دورة الخلية
وعلى عكس مناهج البيولوجيا الجزيئية الكلاسيكية التي تقوم بتحليل آثار الطفرات، تستخدم الدراسة الحالية نهجا جديدا يعتمد على تحليل التقلبات الدقيقة التي تظهرها الخلايا النامية، وذلك بهدف استنتاج آلية التحكم التي تقود العمليات الأساسية في دورة حياة الخلية.
وقد واجه الفريق تحديا رئيسا يكمن في إمكانية تطوير طرق إحصائية لتحليل بنية العلاقات التي تربط ما بين تقلبات معاملات دورة حياة الخلية مثل حجم الخلية عند الولادة.
ولهذا عمد الباحثون إلى تطوير منهجية تهتم بتحديد المؤشرات التي تظهر التقلبات مستقلة عن بعضها البعض. وقد مكن هذا النهج العلماء من الكشف عن آلية التحكم في دورة حياة الخلية البكتيرية.
واعتمد الباحثون، بقيادة البروفيسور إريك فان نيمويغن من مركز بيوزينتروم بجامعة بازل، أسلوبا بحثيا يجمع ما بين علم الموائع الدقيقة، والفحص المجهري بعداد زمني بطيء، والتحليل الفائق للصور، والنمذجة الحاسوبية.
وقد رصد الفريق سلوك خلايا بكتيريا الإشريكية القولونية الفردية على مدى فترات طويلة من الزمن، وقاموا بتحديد متغيرات متعددة تصف نمو الخلايا وانقسامها واستنساخ الحمض النووي لآلاف من دورات حياة الخلية، وذلك في ظل ظروف نمو مختلفة.
ومن ثم قاموا بتطبيق النمذجة الحاسوبية على هذه البيانات للكشف عن آليات التحكم في دورة حياة الخلية البكتيرية.