العصر الجيولوجي الجديد.. الأنثروبوسين يوثق تأثير الأنشطة البشرية على البيئة والكائنات

كيف سيكون تأثير المخلفات الملوثة للأنشطة البشرية على حفريات الأنثروبوسين؟ (ويكيميديا كومونز)
كيف سيكون تأثير المخلفات الملوثة للأنشطة البشرية على حفريات الأنثروبوسين؟ (ويكيميديا كومونز)

فكرت المهدي

نشرت دورية "الأنثروبوسين" في عددها رقم 29 ورقة بحثية صادرة عن قسم علوم الأرض والبيئة من جامعة إلينوي في شيكاغو، حيث تثير جدلا حول دور البشر في التأثير على نوع السجل الأحفوري في العصر الجيولوجي البشري الجديد، الذي يطلق عليه "الأنثروبوسين".

يستعرض الباحثان "روي إي.بلوتنيك" و"كارين إ.كوي" تأثير الأنشطة البشرية على الأرض، الذي أسفر بدوره عن تحول ملحوظ في أنماط الكتلة الحيوية الموجودة، وتعدادها، وأماكن حفظها، الأمر الذي يغير مكونات السجل الأحفوري المرتقب.

وتعد هذه القضايا أساسية للتنبؤ بالسجل الأحفوري المستقبلي للحيوانات الفقارية الحديثة، وتحديد إذا كانت ستكون هناك وحدة رسومات بيولوجية تابعة لعصر الأنثروبوسين.

سجل أحفوري جديد
يرى الباحثان أن فرصة ظهور الحيوانات البرية في السجل الأحفوري المستقبلي قد باتت ضئيلة نسبيا، وذلك نظرا لهيمنة البشر وحيواناتهم الأليفة على التعداد العالمي للثدييات حول العالم، وبهذا سيضم سجل الثدييات المستقبلي الأبقار والخنازير والأغنام والماعز والكلاب والقطط وغيرها، إضافة إلى البشر أنفسهم.

واستشهد الباحثان بأن عدد البشر وحيواناتهم يتجاوز كثيرا عدد الحيوانات البرية. فعلى سبيل المثال، يشكل البشر وحيواناتهم في ولاية ميشيغان وحدها نحو 96% من إجمالي كتلة الثدييات هناك، ومن المرجح أن تكن هذه النسبة صحيحة أيضا في العديد من الأماكن حول العالم.

حيث يقدر عدد الكلاب في جميع أنحاء العالم بتسعمئة مليون، ومئة مليون من القطط الوحشية، مقابل عدد لا يذكر من الحيوانات البرية.

‪وجود حفريات للحيوانات المستأنسة والأليفة‬ (ويكيميديا كومونز)
‪وجود حفريات للحيوانات المستأنسة والأليفة‬ (ويكيميديا كومونز)

تأثير النشاط البشري
كما أشار الباحثان إلى الدور البشري في تغيير توزيع وخصائص المواقع الطبيعية لحفظ السجل الأحفوري الجديد وجودته، بما في ذلك التغير الملحوظ في استخدام الأراضي وتغير المناخ، وإنتاج مواقع جديدة للحفظ، مثل مدافن النفايات والمقابر، والتغيرات في التحلل الحيوي للجثث الحيوانية والبشرية.

حيث ينتج الصيد تجمعات عظمية حيوانية مميزة، إلا أنها تدفن بطريقة عشوائية لا تحافظ على خصوصية كل نوع. ومن المحتمل أن يؤدي استخدام المعدات الزراعية الكبيرة إلى تخريب طبقات التربة التي تحفظ تلك العظام، ويمكن أن تؤدي أيضا إلى إلحاق الضرر بسلامتها.

وبهذا سيكون سجل الحفريات للثدييات في العصر الحديث فريدا من نوعه في تاريخ الأرض، وقد يساعد في تمييز حدود الفترة الزمنية المقترحة للأنثروبوسين.

الأنثروبوسين
يرمز عصر الأنثروبوسين إلى العصر الجيولوجي البشري، وفيه يتفوق البشر بتأثيرهم على المناخ والبيئة وجميع الأنظمة الحيوية على الأرض.

وقد جهَد العلماء لإدخال هذا المصطلح إلى سلم العصور الجيولوجية في تاريخ الأرض. وبحلول عام 1995 اعتمد هذا المصطلح رسميا، وذلك بفضل عالم المناخ -هولندي الأصل- "بول كروتزين" الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء، ولا زال الوسط العلمي يشهد جدلا حادا حول مدى صحة اعتبار هذا المصطلح، والفترة الزمنية التي يجب أن تنسب إليه.

وبهذا سيبحث عالم الحفريات المستقبلي في سجل أحفوري مكون من عدد كبير من الهياكل العظمية البشرية، إضافة إلى "جثث" وعظام منفردة للحيوانات الثديية أيضا، مما سيثبت دخولنا عصر الأنثروبوسين.

وأخيرا، لا يمكن لمثل هذه الاستنتاجات أن تنهي النقاش الدائر حول توقيع بداية عصر الأنثروبوسين المثير للجدل، ولكنها تقدم دلائل جديدة مثيرة للاهتمام والبحث.

المصدر : الجزيرة