الفاو تحذر من أثر تدهور التنوع البيولوجي على الغذاء العالمي

Said سعيد - غلاف التقرير الصادر اليوم عن آثار تدهور التنوع البيولوجي على الغذاء العالمي - "الفاو" تحذر من أثر تدهور التنوع البيولوجي على الغذاء العالمي
غلاف التقرير الصادر عن آثار تدهور التنوع البيولوجي على الغذاء العالمي (الفاو)

محمد الحداد

حذرت منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من تناقص التنوع البيولوجي الذي يدعم نظمنا الغذائية على جميع المستويات وفي جميع أنحاء العالم.

وأشارت المنظمة في تقرير حالة التنوع البيولوجي للأغذية والزراعة في العالم أول أمس الجمعة إلى أن التهديد المتزايد للأنواع النباتية والحيوانية والكائنات الحية الدقيقة -التي تعتبر حيوية لنظمنا الغذائية ولا يمكن استعادتها- يضع مستقبل غذائنا تحت خطر شديد.

نظم الإنتاج تفتقر للتنوع
وينبه التقرير إلى أنه على الرغم من تزايد اتباع ممارسات صديقة للتنوع البيولوجي عالميا فإنه يتعين بذل المزيد من الجهود لوقف تدهور التنوع البيولوجي للأغذية والزراعة.

ودعا التقرير الحكومات والمجتمع الدولي إلى التصدي لعوامل تدهور التنوع البيولوجي.

وتشدد الفاو على أن نظم الإنتاج التي تفتقر إلى التنوع يمكن أن تكون أكثر عرضة للصدمات -مثل تفشي الأمراض والآفات- أكثر من نظيرتها الأكثر تنوعا، فإذا تمت زراعة نوع واحد على نطاق واسع يمكن أن تؤدي آفة أو مرض معين إلى انخفاض كبير في الإنتاج.

وتقدر إحصائيات الأمم المتحدة أن هناك 821 مليون شخص يعانون بالفعل من الجوع المزمن، وأنه من الآن وحتى عام 2050 سوف نحتاج إلى إنتاج المزيد من الغذاء، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد السكان من 7.7 مليارات إلى ما يقارب عشرة مليارات.

وتوفر النباتات الأرضية (غير المائية) 82% من السعرات الحرارية في الإمدادات الغذائية للبشر، وتسهم الحيوانات الأرضية بنسبة 16%، في حين تبلغ نسبة مساهمة الحيوانات والنباتات المائية 1%. 

الإفراط في الزراعة وما يتبعه من تدهور التربة من العوامل المؤدية إلى تدهور التنوع البيولوجي للأغذية (غيتي)
الإفراط في الزراعة وما يتبعه من تدهور التربة من العوامل المؤدية إلى تدهور التنوع البيولوجي للأغذية (غيتي)

التهديدات في المنطقة العربية
وفقا للتقرير، فإن أهم العوامل المؤدية إلى تدهور التنوع البيولوجي للأغذية والزراعة هي التغيرات في استخدام وإدارة الأراضي والمياه، وعدم وجود أو عدم كفاية السياسات المتبعة للحفاظ على التنوع البيولوجي، والتلوث، والاستغلال المفرط للموارد، والإفراط في الزراعة وما يتبعه من تدهور التربة، إضافة إلى التأثير المتنامي للتغيرات المناخية.

ويضيف التقرير أن بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتعرض إلى تأثيرات سلبية على حياة سكانها إثر تدهور التنوع البيولوجي.

ففي بلد مثل المغرب يعد التحضر أحد أخطر التهديدات على التنوع البيولوجي، إذ إن التوسع السريع في المستوطنات البشرية في المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي للأغذية والزراعة، وإزالة الرمال والصخور والكثبان الساحلية وقيعان الأودية لاستخدامها في أعمال البناء يؤديان إلى فقدان الأنواع موائلها التي تؤويها.

أما مصر فيتوقع أن تتعرض لتحولات في موائل الأسماك على سواحلها واتجاهها شمالا -نحو المياه الأبرد- بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما سيؤثر سلبا على إنتاج مصر من الأسماك التي تعد مصدرا مهما لتوفير الغذاء لملايين السكان.

كما ستفقد سلطنة عمان الكثير من أنواعها النباتية البرية مثل التين والتوت، مع انخفاض مساحة الزراعة الحراجية مع مرور الوقت بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الآفات والأمراض. 

كما يشير التقرير إلى أن تغير المناخ من المرجح أن يقلل توافر الأغذية البرية في الأردن ويزيد العبء على النساء من المجتمعات التقليدية، إذ سيتعين عليهن المشي لمسافات أطول للعثور على الأطعمة البرية.

80% من أصل 191 دولة تستخدم واحدة أو أكثر من الممارسات الصديقة للتنوع البيولوجي (رويترز)
80% من أصل 191 دولة تستخدم واحدة أو أكثر من الممارسات الصديقة للتنوع البيولوجي (رويترز)

ممارسات صديقة يحتذى بها
وكما جاء في التقرير فإن 80% من البلدان المشاركة فيه -وعددها 91 بلدا- تستخدم واحدة أو أكثر من الممارسات الصديقة للتنوع البيولوجي، مثل الزراعة العضوية والأنظمة المتكاملة للزراعة والثروة الحيوانية والحراجة الزراعية والزراعة المائية، والزراعة المحافظة على الموارد التي تمارس بالفعل في أكثر من 12% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم.

ويعرض تقرير الفاو أمثلة للممارسات الصديقة للتنوع البيولوجي التي تمارسها بلدان في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.

وعلى سبيل المثال، تتبع ﺳﻟطﻧﺔ ﻋﻣﺎن براﻣﺞ ﺗرﺑﯾﺔ متقدمة ﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﻘﻣﺢ اﻟﻣﺣﻟﻲ واﻟﺷﻌﯾر، خاصة أن هذه المحاصيل تتميز بمواسم ﻧﻣو ﻗﺻﯾرة، وﯾﻣﮐن إدارﺗﮭﺎ ﺑﺻورة أﮐﺛر ﻣروﻧﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻟﺳﻧوات التي تتسم بارتفاع درجات اﻟﺣرارة.

وتستخدم الجزائر نظام "الغوط"، وهو نظام مائي تقليدي لإنتاج الغذاء في المناطق الجافة، حيث تكون المياه محدودة، والغوط عبارة عن منخفض سحيق بين الكثبان الرملية يستغل لزراعة النخيل بحيث تكون أقرب لمصادر المياه الجوفية.

كما شرع لبنان في إجراءات للحفاظ عدد من الأنواع اللافقارية في المزرعة بسبب دورها في عملية التحكم البيولوجي.

ويشير التقرير إلى أن الإنتاج الحيواني في العالم يعتمد على نحو أربعين نوعا حيوانيا، ومنذ عام 2018 تم تصنيف 7745 من أصل 8803 من السلالات الحيوانية التي رصدت على أنها محلية (أي أنها تعيش في بلد واحد فقط)، وقد انقرض 26% من هذه السلالات، وفق تقرير الفاو.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية