من الخيال للواقع.. شبكة تصل أدمغة البشر ببعضها

Said سعيد - تجارب سابقة للفريق البحثي لتوصيل الأدمغة - حقوق الصورة جامعة واشنطن - شبكة الأدمغة: علماء ينجحون في توصيل أمخاخ البشر كالإنترنت
فكرة توصيل أدمغة البشر لإرسال المعلومات واستقبالها ومشاركة الأفكار عبر العقول تنتقل من الخيال العلمي للواقع (مواقع إلكترونية)

محمد رمضان

إن فكرة توصيل أدمغة البشر لإرسال المعلومات واستقبالها ومشاركة الأفكار عبر العقول قد تبدو أمرا ينتمي لعوالم الخيال العلمي، إلا أن فريقا بحثيا في جامعتي واشنطن وكارنيغي ميلون الأميركيتين نجح مؤخرا في توصيل وربط عقول ثلاثة أشخاص في شبكة واحدة، لنقل المعلومات فيما بينها بشكل مباشر.

"شبكة الأدمغة" (BrainNet) هو الاسم الذي أطلقه الفريق العلمي على تلك الشبكة التي تربط بين الأدمغة مثل شبكة الإنترنت التي تربط بين الحواسيب، وتعد تلك الشبكة هي الأولى من نوعها التي يمكنها توصيل عقول عدة أشخاص سويا بشكل مباشر ودون إجراء جراحي، بغرض تبادل الأفكار لحل مشكلة ما بشكل تعاوني.

ونشرت تفاصيل تلك التجربة العلمية في ورقة بحثية على موقع "أركايف" (arXiv) الرقمي نهاية العام المنصرم 2018، حيث تم توصيل أدمغة ثلاثة أفراد سويا عبر استخدام جهاز "مخطط كهربية المخ" وتقنية "التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة" دون اللجوء إلى تدخل جراحي، ليتمكنوا بذلك من المشاركة سويا -عبر عقولهم فقط- في لعبة فيديو بسيطة تشبه لعبة "تتريس" (Tetris) الشهيرة.

‪الفريق العلمي وصل دماغي شخصين يلعبان نسخة مبسطة من لعبة
‪الفريق العلمي وصل دماغي شخصين يلعبان نسخة مبسطة من لعبة "تتريس" (مواقع التواصل)‬
الفريق العلمي وصل دماغي شخصين يلعبان نسخة مبسطة من لعبة "تتريس" (مواقع التواصل)

وخلال التجربة وصل الفريق العلمي دماغي شخصين (المُرسِل) يلعبان نسخة مبسطة من لعبة "تتريس"، بجهاز مخطط كهربية المخ الذي يمكنه قراءة وتسجيل الإشارات الكهربية الناتجة عن نشاط المخ.

وتنتقل تلك الإشارات -التي تحدد قرارات الشخصين أثناء اللعب- عبر أجهزة الحاسوب من خلال الإنترنت إلى جهاز تحفيز مغناطيسي عبر الجمجمة متصل بدماغ شخص ثالث (المُستَقبِل).

ويقوم هذا الجهاز بنقل تلك القرارات إلى دماغ الشخص الثالث عبر تحفيز الخلايا العصبية للمخ بواسطة مجال مغناطيسي، ليقوم هذا الشخص بتنفيذ ذات القرارات التي اتخذها الشخصين أثناء لعبه اللعبة نفسها، وذلك دون رؤيتهما أو التواصل معهما بأية صورة أخرى بخلاف تواصل الأدمغة.

وبذلك تمكن الباحثون من توصيل أدمغة ثلاثة أشخاص سويا بشكل مباشر للمرة الأولى، وبتكرار التجربة على مجموعات مختلفة من الأشخاص بلغت نسبة دقة القرارات المنقولة بين العقول حوالي 81%. وبذلك تتخطى تلك التجربة نتائج تجربة سابقة لذات الباحثين لتوصيل دماغي شخصين مختلفين سويا عام 2015.

ورغم بساطة شبكة الأدمغة ومحدوديتها إلى الآن، فإن فريق الباحثين يأمل في استخدام تلك التقنية في تشبيك وتوصيل عدد أكبر من الأدمغة على نطاق أوسع وأكثر تعقيدا في المستقبل.

وبذلك يمكن للشبكة أن تصبح وسيلة للتواصل المباشر بين العقول، أو حتى طريقة لدمج القدرات العقلية والذهنية لعدد من الأشخاص سويا، للعمل على إيجاد حلول للمشكلات المستعصية.

وبالإضافة إلى ذلك فإن العمل على تطوير شبكة الأدمغة سيساهم بصورة كبيرة في سبر أغوار الدماغ البشري واستكشاف الكيفية التي يعمل بها، والتي لا نعلم عنها الكثير بعد.

المصدر : مواقع إلكترونية