بعد ربع قرن.. قضايا التعذيب تلاحق الزبانية بتونس

تستمر في تونس محاكمة أمنيين ضالعين في قضايا التعذيب في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وذلك في إطار مسار العدالة الانتقالية.

وشهدت مدينتا الكاف ونابل محاكمتين للنظر في قضيتي موت تحت التعذيب، حيث تصر عائلات الضحايا والمنظمات الحقوقية على كشف الحقيقة كمدخل لوقف آفة التعذيب بالبلاد.

وفي مدينة نابل شمال شرقي تونس عقدت المحكمة جلسة لمحاكمة للضالعين في قتل الناشط الطلابي الإسلامي فيصل بركات قبل 26 عاما.

وأرجأت المحكمة في جلستها أمس الجمعة محاكمة 21 شخصا يواجهون تهمة قتل بركات إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وفي عام 1991 أوقف الأمن السياسي التونسي فيصل بركات على خلفية انتمائه لحركة النهضة التي كانت محظورة في البلاد آنذاك، حيث قتل تحت التعذيب عقب احتجازه بمركز الإيقاف في نابل.

ووجه قاضي التحقيق في القضية تهم "التعذيب والاعتداء جسديا وجنسيا باستخدام العنف الناجم عنه الموت من قبل موظف عمومي" إلى 11 شخصا، كما وجه تهم "المشاركة في أعمال العنف والتعذيب" لعشرة آخرين، وجميع المتهمين غير موقوفين.

وتشمل قائمة المتهمين رجال أمن وأطباء وكوادر عليا في الدولة، منهم وزراء سابقون، مثل وزيري الداخلية عبد الله القلال، والعدل عبد الرحيم الزواري، والرئيس بن علي وغيرهم.

ولم يحضر من المتهمين الـ21 في جلسة أمس سوى اثنين فقط، وهو ما أدى إلى تأجيل النظر بالقضية.

واستمعت المحكمة لعائلة بركات ولشهود من الموقوفين معه وبعض من عاين حالته الصحية قبل وفاته جراء التعذيب.

وأعيد فتح ملف القضية أواخر 2016 في جلسة علنية عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة، وهي هيئة دستورية مستقلة معنية بتطبيق قانون العدالة الانتقالية في البلاد.

وقدمت عائلة بركات ملفا يضم شهادات وحججا قانونية تثبت الانتهاكات التي تعرض لها فيصل زمن إيقافه وتعذيبه حتى الموت، في حين أعلن نظام بن علي حينها أنه توفي جراء حادث مرور.

العدالة الانتقالية
وعلى هامش المحاكمة قال مختار الطريفي عضو هيئة الدفاع عن بركات "من المهم تجسيد العدالة الانتقالية في تونس عبر هذه المحاكمات، لكشف الحقائق في هذه القضية، ومعاقبة الجناة، ووضع الآليات التي تحول دون تكرر هذه الأعمال".

وأضاف الطريفي -وهو أيضا نائب رئيس المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب (مستقلة)- أن مسار العدالة الانتقالية ينتهي قطعا بالمصالحة لكن بعد كشف الحقيقة.

وتعد هذه المحاكمة الرابعة من نوعها في إطار تطبيق العدالة الانتقالية بناء على ملف أودعته هيئة الحقيقة والكرامة في 18 أبريل/نيسان الماضي لدى القضاء.

وتتعلق القضية الأولى التي تنظر فيها المحكمة الابتدائية في مدينة قابس باختفاء المعارض كمال المطماطي في 1991 وعدم معرفة مصيره حتى الآن، في حين تتعلق الثانية بقتل رشيد الشماخي تحت التعذيب بمركز الإيقاف في مدينة نابل عقب إيقافه قبل 26 عاما على خلفية انتمائه لحركة النهضة.

أما الثالثة فتتعلق بعضو حزب العمال الشيوعي التونسي نبيل بركاتي الذي أوقف على خلفية انتمائه لحزب محظور بالبلاد في حينه.

وتعرض بركاتي للتعذيب من قبل أمن بن علي حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في معتقله بمدينة قعفور في 8 مايو/أيار 1987.

المصدر : الجزيرة + وكالات