ظلال انتخابات تركيا.. هذا ما أفرزته النتائج

من الاحتفالات في اسطنبول بفوز اردوغان copy.jpg
الاحتفالات في إسطنبول بفوز أردوغان (الجزيرة نت)

خليل مبروك-إسطنبول

احتفل أنصار حزب العدالة والتنمية حتى ساعات فجر أمس الاثنين بفوز زعيم الحزب رجب طيب أردوغان بمنصب الرئيس في الانتخابات الأولى التي شهدتها تركيا منذ إقرار النظام الرئاسي بناء على استفتاء تعديل الدستور في أبريل/نيسان العام الماضي.

لكن ثمة قراءات مهمة ما زالت تظهر للعيان من معالم الطريق الذي سلكه أردوغان إلى شرفة أنقرة في قصر الرئاسة الأبيض "آك سراي".

ومن أبرز ما أفرزته نتائج الانتخابات التي تم فيها انتخاب الرئيس والبرلمان التركي معا خسارة حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية التي ظل محتفظا بها منذ اعتلائه سدة الحكم عام 2002، إذ فاز بـ42.5% من أصوات الناخبين، متراجعا سبع نقاط كاملة عن النتيجة السابقة التي حققها في انتخابات الإعادة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2015 والتي بلغت 49.49% من أصوات الناخبين.

‪الطريق إلى شرفة أنقرة في قصر الرئاسة الأبيض
‪الطريق إلى شرفة أنقرة في قصر الرئاسة الأبيض "آك سراي"‬ (الجزيرة نت)

تراجع في البرلمان
وترى بعض القراءات أن هذا التراجع يعود إلى تمكن حزب الشعوب الديمقراطي ذي الخلفية الكردية من تجاوز العتبة الانتخابية والتمثيل في البرلمان، مشيرة إلى أن حزب أردوغان حرم من عشرات المقاعد التي كان سيحظى بها جراء توزيع أصوات الأحزاب التي لم تتجاوز الحسم فيما لو لم يتجاوز الحزب الكردي عتبة الـ10%.

وتلفت قراءات أخرى النظر إلى أن شعبية أردوغان والكاريزما الكبيرة التي يتمتع بها جاءت ثقيلة على حساب حزب العدالة والتنمية نفسه.

وتدعم هذه القراءة مشاهدات من قبيل الفارق الواسع في نسبة الأصوات التي حصل عليها أردوغان (52%) مقارنة بالأصوات التي حصل عليها الحزب نفسه (42.5%).

وفشل خمسة مرشحين متعددي الخلفيات الأيديولوجية بين القومية والجمهورية واليسارية والإسلامية في تفتيت قاعدة أردوغان التصويتية وجر الرئاسيات إلى جولة ثانية يعيدون فيها ترميم أصوات هذا الخليط خلف المرشح المنافس المنشود.

ونشر بعض الإعلاميين والنشطاء الأتراك صورا لأوراق اقتراع قالوا إنها من داخل غرف الانتخاب تظهر تصويت بعض المقترعين لأحزاب شديدة العداء للحزب الحاكم في البرلمان ولزعيم الحزب نفسه أردوغان في ورقة اختيار الرئيس.

ووفقا لمراقبين مقربين من حزب العدالة والتنمية، فإن الحزب ربما يكون قد وقع في حالة التراخي جراء تحالفه مع "الحركة القومية" وتشكيله معها تحالف الشعب الذي حقق بدوره الأغلبية المنشودة وبنحو 53% تسمح بتمرير قراراته تحت قبة البرلمان.

من الاحتفالات بفوز أردوغان في تركيا (غيتي-أرشيف)
من الاحتفالات بفوز أردوغان في تركيا (غيتي-أرشيف)

بقية المشهد
لكن ذلك قد يعرض الحزب لدفع أثمان كبيرة والاستجابة لحلفائه القوميين الذين إن اتفقوا معه اليوم فقد يختلفون معه غدا، مما قد يقود البلاد إلى سيناريوهات مغايرة لما هو عليه الحال اليوم يبدو أكثرها معقولية التوجه إلى انتخابات مبكرة جديدة عنوانها فك الشراكة.

في تحالف الشعب نفسه حافظت الحركة القومية على شعبيتها وتماسكها وفاجأت الجميع بتقدمها نحو عشرة مقاعد رغم انسلاخ تكوين مهم عنها هو "حزب الخير" أو "الحزب الجيد" الذي تمكن بدوره أيض من اجتياز عتبة الـ10% للتمثيل في البرلمان.

ويعزز صعود الحركة القومية حلف اليمينيين الأتراك، وكل المؤشرات تقول إن العلاقة ماضية إلى الآن نحو التقدم لكن مستقبلها ما زال في حكم المجهول، ولا سيما أن كثيرا من المراقبين يرون أن خشية الحركة من الإخفاق في بلوغ العتبة الانتخابية كان من أهم دوافعها لتمتين تحالفها مع حزب العدالة والتنمية.

أما على الطرف الآخر فقدمت الانتخابات قراءة لافتة في أداء أكبر أحزاب المعارضة وهو حزب الشعب الجمهوري الذي حصل على 23% من أصوات الناخبين متراجعا نقطتين عن انتخابات العام 2015 التي حصل فيها على 25.31%.

لكن المفارقة الكبرى تظهر بجلاء في أداء مرشح الحزب للرئاسة، إذ حصل محرم إنجة على 30.6% من أصوات الناخبين، وهي نسبة عالية مقارنة بالأصوات التي حصل عليها بقية المرشحين ومقارنة بنسبة أصوات الحزب نفسه بالبرلمان.

ويتوقع كثيرون أن تقوي هذه النسبة تيار الداعين إلى رحيل كليتشدار أوغلو عن قيادة الحزب لصالح إنجة، ولا سيما أن كوادر الجمهوريين لا تخفي يأسها من أداء حزبها الذي أخفق في تحقيق اي انتصار انتخابي في 13 معركة انتخابية متوالية.

المصدر : الجزيرة