تشاؤم المصريين من الوفد المرافق لمنتخبهم بمحله

موجة الغضب ارتبطت بما تداولته وسائل إعلام عن تحمل الدولة تكلفة مشاركة هذه الوفود الصورة نشرها فنانون وتداولها نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي
صورة تداولها نشطاء مصريون لسفر فنانين وإعلاميين وبرلمانيين لحضور مباراة مصر وروسيا بأموال الدولة (مواقع التواصل)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

يبدو أن حالة "التشاؤم" التي أبداها نشطاء مصريون في مواقع التواصل الاجتماعي من سفر برلمانيين وإعلاميين وفنانين إلى روسيا وحضورهم مباراة منتخبي مصر وروسيا كانت في محلها، إذ انتهى اللقاء بخسارة "الفراعنة" بثلاثة أهداف مقابل هدف أمام البلد المضيف لتزداد بعده حالة الغضب والاستنكار من هذا الحضور.

وبمجرد نشر إعلاميين وفنانين صورا وفيديوهات وهم يستعدون للسفر إلى روسيا وأخرى أثناء وجودهم بالفندق الذي أقام فيه المنتخب المصري شن رواد مواقع التواصل الاجتماعي هجوما لاذعا عليهم وتداولوا عبارات التشاؤم من حضورهم، واعتبره بعضهم "استغلالا سياسيا" من قبل النظام المصري لحدث رياضي يحظى باهتمام واسع من قبل المصريين.

ويقول مراقبون إن موجة الغضب والاستنكار الواسعة ارتبطت بما تداولته وسائل إعلام مختلفة من أن تلك المشاركة مولت من المال العام بصرف مبالغ باهظة (اختلف في تقديرها) من ميزانية مجلس النواب الذي أرسل العشرات من نوابه، وشركة اتصالات (تمتلك الدولة أغلب أسهمها) تحملت سفر فنانين وإعلاميين.

وقد بادر رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب فرج عامر إلى إصدار بيان قبل المباراة ناشد فيه "الفنانين والشخصيات العامة" مغادرة الفندق الذي يقيم فيه المنتخب المصري، معتبرا أن وجودهم هناك "يشتت تركيز اللاعبين"، وأضاف عامر "هل نسينا ما حدث في السودان قبل مباراة الجزائر الشهيرة؟".

ويشير عامر بذلك إلى ما حدث للمنتخب المصري قبل تسع سنوات في مدينة أم درمان السودانية، حيث واجه منتخب الجزائر بالمباراة الفاصلة المؤهلة للمونديال حين تم إرسال مجموعة من الفنانين والإعلاميين والسياسيين لحضور المباراة الفاصلة واتهموا بتشتيت تركيز اللاعبين قبل المباراة وتأجيج الأزمة السياسية المشتعلة بين القاهرة والخرطوم في تلك الفترة.

‪عبد العظيم: الأموال المنفقة على سفر الفنانين والإعلاميين أغضبت المصريين‬ (الجزيرة)
‪عبد العظيم: الأموال المنفقة على سفر الفنانين والإعلاميين أغضبت المصريين‬ (الجزيرة)

طلب إحاطة
واستكمل وكيل لجنة الشباب والرياضة سمير البطيخي محاولة التخفيف من حدة موجة الغضب عبر تقديمه طلب إحاطة أمس الأربعاء موجها إلى وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي اتهم فيه اتحاد الكرة بأنه "لم يكن على قدر المسؤولية" حين سمح باقتحام إعلاميين وشخصيات عامة معسكر المنتخب وفندق إقامته.

وفي هذا السياق، يشير الصحفي الرياضي حسن عبد العظيم إلى أن العديد من الرياضيين والإعلاميين حذروا من الآثار السلبية لحضور شخصيات عامة إلى جانب المنتخب المصري، لافتا إلى أن مدرب المنتخب السابق حسن شحاتة انتقد ذلك بشدة، وأشار إلى أنه رفض عرضا بالمشاركة مع الوفد.

ويلفت عبد العظيم في حديثه للجزيرة نت إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحرص فيها النظام على استغلال فنانين وإعلاميين من مؤيديه في مناسبات شعبية وسياسية، فقد سبق أن اصطحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عددا منهم في أسفاره المختلفة.

ويرى الصحفي الرياضي أن ما يتسرب عن حجم المبالغ الباهظة المنفقة على هذه السفريات لم يعد يشكل صدمة للمصريين بقدر ما يؤجج سخطهم وغضبهم، خاصة أن الأمر يتعلق بالمنافسات الرياضية التي باتت متنفسهم الوحيد للبهجة في ظل أحوالهم الاقتصادية الصعبة، إذ يرون أن النظام يتعمد بذلك إفساد هذا المتنفس عليهم.

ودفع ارتفاع حدة غضب الجماهير المصرية إلى محاولات فنانين الدفاع عن أنفسهم، إلا أن بعض تلك المحاولات أتت بنتائج عكسية كما الحال مع محاولة الفنان شريف منير الذي تعجب من الهجوم الشديد عليه وعلى زملائه رغم أنهم سافروا بدعوة شملت الطيران والإقامة فقط دون الحصول على مقابل للحضور.

عادة مكررة
ويرى رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي أن "الاستغلال السياسي" للأحداث الرياضية أمر اعتاده الحكم العسكري في مصر بهدف "تعزيز شرعيته الزائفة"، ومحاولة كسب ود الشارع عن طريق استثمار أي مكسب فيه بهجة للشعب المصري.

وتابع العربي في حديثه للجزيرة نت أنه كان من المنتظر في حال فوز أو تعادل المنتخب المصري مع مضيفه الروسي أن تخرج الأبواق الإعلامية والفنية ومن قبلها البرلمانية للحديث عن أن ذلك كان بفضل دعم السيسي وتسخيره كل الجهود اللازمة لتحقيق هذا الفوز، في محاولة للإلهاء عن المشاكل الاقتصادية المختلفة.

‪العربي: الاستغلال السياسي للأحداث الرياضية أمر اعتاده النظام المصري‬ (الجزيرة)
‪العربي: الاستغلال السياسي للأحداث الرياضية أمر اعتاده النظام المصري‬ (الجزيرة)

وشدد العربي -وهو الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة- على أن النظام هو من رتب سفر هذه الوفود السياسية والفنية وإن أظهر أنه جاء في سياق دعاية للشركة الراعية للمنتخب في المونديال، لافتا إلى أنها تابعة للدولة وأموالها من حساب دافعي الضرائب المصريين، وبالتالي فلهم الحق الكامل في السخط والغضب.

رأي مخالف
في المقابل، ينفي رئيس حزب الجيل المصري ناجي الشهابي أن يكون للنظام علاقة بتكاليف سفر الوفود البرلمانية والإعلامية أو أنه سعى إلى استغلالهم سياسيا، مؤكدا أن الوفد البرلماني سافر على نفقة أحد النواب من رجال الأعمال المقتدرين، في حين سافر الوفد الإعلامي والفني على نفقة شركة راعية للمنتخب لا تديرها الدولة.

لكن الشهابي أيد في حديثه للجزيرة نت "الغضب الشعبي" من وجود الوفود إلى جانب المنتخب المصري، متهما المشاركين فيها بالبحث عن تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب المنتخب وجمهوره، و"أخذ اللقطة" دون اكتراث لما يحدثونه من أثر سلبي على اللاعبين، لافتا إلى أن وزارة الشباب مسؤولة عن هذا الأمر.

المصدر : الجزيرة