فتح المتاجر بالإلزام.. هكذا تواجه الجزائر نقص الخدمات بالعيد

4 و5 محل لبيع المواد الغذائية تصوير ياسين بودهان الجزيرة نت
قرار وزارة التجارة الجزائرية فتح خمسين ألف متجر أيام العيد جاء بسبب عزوف التجار عن الدوام (الجزيرة)

أحمد مروان-الجزائر

في محاولة منها لمحاربة مشكلة ندرة المواد الاستهلاكية الأساسية يوم العيد بسبب عزوف التجار عن المداومة، أصدرت وزارة التجارة بالجزائر لائحة تلزم خمسين ألف تاجر بتقديم خدماتهم يوم العيد، مع تهديد المخالفين بالعقوبات.

القرار يأتي بعد المعاناة المتكررة للجزائريين أيام العيد، حيث تتحول مختلف المدن والشوارع إلى مدن أشباح لا شيء فيها يتحرك، فكل المحال التجارية مغلقة، ووسائل النقل متوقفة، مما يتسبب في أزمة نقص شديدة في المواد الغذائية الأساسية.

وبهدف تجاوز المشكلة، وتنظيم مداومة التجار، أعلنت وزارة التجارة أن عدد التجار الذين تم تكليفهم بالعمل أيام عيد الفطر يقدر نحو 49 ألفا و893 تاجرا في كل المدن الجزائرية (مقابل 35 ألفا و876تاجرا في 2017)، وذلك بهدف ضمان تموين منتظم للسوق بالمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع ومختلف الخدمات الأخرى.

ونظام مداومة العمل خلال الأعياد الوطنية والدينية تم الشروع فيه منذ سنة 2012 بعد المصادقة على قانون محدد لشروط ممارسة الأنشطة التجارية.

‪عدد كبير من المخابز ستفتح أبوابها يوم العيد‬ (الجزيرة)
‪عدد كبير من المخابز ستفتح أبوابها يوم العيد‬ (الجزيرة)

وتخشى الحكومة نقص المواد الغذائية، خاصة الخبز وخدمات النقل، وهو ما يفسر تسخير خمسة آلاف و376 مخبزا و32 ألفا و819 تاجرا لبيع المواد الغذائية العامة والخضر والفواكه، و11 ألفا و234 في أنشطة أخرى عديدة، فضلا عن 445 وحدة إنتاجية (134 ملبنة و275 مطحنة و36 وحدة لإنتاج المياه المعدنية).

ولإنجاح نظام المداومة وإلزام التجار بتنفيذ برنامجها، سخرت الوزارة نحو ثلاثة آلاف عون مراقبة عبر مختلف المدن الجزائرية، وهددت المخالفين بعقوبات مالية وإغلاق مؤقت لمحلاتهم، وهي التهديدات نفسها التي تطلقها الوزارة مع كل عيد، ورغم ذلك ترتفع نسبة عزوف التجار عن العمل.

ويعاقب القانون المخالفين بغرامة مالية تراوح بين ثلاثين ألفا ومئتي ألف دينار (290 و1900 دولار) مع إغلاق المحل التجاري ثلاثين يوما.

وفي بيان لها، دعت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين "جميع التجار والحرفيين وأصحاب الخدمات المعنيين بالمداومة والالتزام بها خدمة لزبائنهم، وتجسيدا لمفهوم الخدمة العمومية، وتجنبا للعقوبات التي يحددها القانون".

وأعلنت الجمعية من خلال بيانها أن "كل محطات النقل البري ستكون مفتوحة خلال أيام العيد"، ودعت أصحاب حافلات نقل المسافرين وسيارات الأجرة إلى الالتزام بتقديم خدماتهم.

‪الطاهر بولنوار دعا رؤساء البلديات إلى نشر قوائم التجار المداومين لتعريف المواطنين بهم‬  (الجزيرة)
‪الطاهر بولنوار دعا رؤساء البلديات إلى نشر قوائم التجار المداومين لتعريف المواطنين بهم‬  (الجزيرة)

نشر القوائم
وأوضح رئيس الجمعية الحاج الطاهر بولنوار أن "كثيرين يجهلون معنى نظام المداومة، حيث يعتقدون بأن كل التجار مجبرون على تقديم خدماتهم أيام العطل والمناسبات"، في حين أن نظام المداومة حسب حديثه "يفرض على التجار ضمان الحد الأدنى من الخدمات، مما يعني أن هناك متعاملين أقل وتجارا أقل، بالإضافة إلى ساعات عمل محددة وكميات إنتاج قليلة، ومن هذا المنطلق، فمن الطبيعي ألا نلحظ في تلك الوفرة المعتادة في بعض المواد الاستهلاكية على غرار الخبز والحليب".

ولتجاوز الأخطاء السابقة، دعا رؤساء البلديات إلى "ضرورة الالتزام بنشر قوائم التجار المعنيين بالمداومة يوم العيد، من أجل تسهيل المهمة على المواطنين لمعرفة التجار المعنين بالمداومة".

وأكد في حديثه للجزيرة نت أن "عدم نشر القوائم في كل مرة يعد من بين أهم أسباب فشل نظام المداومة في بعض المدن والبلديات".

وفي الوقت الذي وصف فيه رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي رفع عدد التجار المداومين بأكثر من 30% بـ"الأمر الإيجابي"، إلا أنه سجل جملة ملاحظات ومآخذ على طريقة تطبيق هذا النظام بشكل يقلل فرص نجاحه.

‪الخضر من المواد الأساسية التي تشهد ندرة أيام العيد في الجزائر‬ (الجزيرة)
‪الخضر من المواد الأساسية التي تشهد ندرة أيام العيد في الجزائر‬ (الجزيرة)

ملاحظات ومآخذ
وأوضح أن "النظام إن نجح في تحقيق نسب عالية جدا في فتح المحالات التجارية فإن المشكل المطروح يبقى في فعالية ومردودية تلك المحال، التي تبقى ضعيفة جدا"، حيث لاحظ في حديثه للجزيرة نت أن بعض المخابز مثلا تقدم كميات محدودة جدا من الخبز تنتهي بعد أقل من ساعة بعد صلاة العيد بهدف تفادي العقوبة فقط.

وأشار إلى "وجود مشكل في التموين الأصلي، حيث تجد بعض المحلات حرجا ومشكلة في التموين بسبب إغلاق أسواق الجملة وأسواق الخضر والفواكه في أيام العيد".

ما سبق لا يمكن تجاوزه -حسب رأيه- إلا "بتحلي التاجر بالمسؤولية والضمير المهني ولا يمكن حله فقط بالردع القانوني، مع ضمان آليات التموين بشكل فعال وكاف حتى لا يقع التاجر في حرج، ولا يجب مراقبة المحلات المفتوحة فقط، بل يجب مراقبتها مع تقييم نشاطها التجاري".

المصدر : الجزيرة